تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولذلك سبقوا الركب بعلو همتهم وإن لم يفعلوا ولكنهم صدقوا الله ما عاهدوا عليه، فَنَّوَلهم ما أرادوا.

ولذلك يقول ابن قيم الجوزية:

اعلم أن العبد إنما يقطع منازل السير إلي الله بقلبه وهمته لا ببدنه، والتقوى في الحقيقة تقوى القلوب لا تقوى الجوارح.

وقال: فالكيس يقطع من المسافة بصحة العزيمة، وعلو الهمة، وتجريد القصد، وصحة النية، مع العمل القليل أضعاف أضعاف ما يقطعه الفارغ من ذلك مع التعب الكثير، والسفر الشاق.

وقال: والتقدم والسبق إلي الله سبحانه إنما هو بالهمم، وصدق الرغبة والعزيمة، فيتقدم صاحب الهمة مع سكونة صاحب العمل الكثير بمراحل، فإن ساواه في همته تقدم عليه بعمله، وهذا موضوع يحتاج إلي تفصيل يوافق فيه الإسلامُ والإحسانَ، فأكمل الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وكان موفيا كل واحد منهما حقه، فكان مع كماله وإرادته وأحواله مع الله يقوم حتى ترم قدماه، ويصوم حتى يُقال لا يفطر، ويجاهد في سبيل الله، ويخالط أصحابه، ولا يحتجب عنهم، ولا يترك شيئا من النوافل والأوراد لتلك الواردات التي تعجز من حملها قوى البشر. إهـ

همم أهل الدنيا

من الناس من يكون مطلبه التمتع بمتاع الحياة الدنيا

قيل لطرفة بن العبد: ما أطيب عيش الدنيا؟ فقال: مَطعَمٌ شَهِيٌّ، وَمَلبَسٌ دَفِيٌّ، وَمَركَبٌ وَطِيٌّ.

والسبب الذي يجعل الكثير من الناس يطلبون الدنيا ويتنافسون عليها غلبة الجهل عليهم، وفساد العلم وإن كان عندهم،فيكون عالي الهمة فيهم مبلغه وغاية مراده الحصول على الدنيا بالملك أو الولاية أو المال لبلوغ المطعم الشهي والملبس الدفي والمركب الوطي أو للسمعة وحب الثناء وهذا مبلغهم لجهلهم، ولا يلام به أهلل الجاهلية قبل الإسلام وإنما كل اللوم على من عرف الإسلام ودان به فكان ذلك أقصى غايته

وهؤلاء جميعا حالهم كحال امرئ القيس، عندما أفاق من سكره وعبثه على زوال ملك أبيه، فانقلب جادًّا طالبا إعادة هذا الملك:

فلو أن ما أسعى لأَِدنى مَعيشةٍ ... كَفاني ولم أطلب قليلا من المال

وَلَكِنَّما أسعى لمجد مُؤّثَّلٍ ... وَقد يُدركُ المَجدَ المؤثل أمثالي

فطال طلبه للملك، حتى قضى نحبه ولم يبلغه فيعتذر لنفسه قائلا:

بَكَى صاحبي لَمَّا رَأى الدَّربَ دُونهُ ... وأيقنَ أنَّا لاحقان بقَيصَرا

فَقُلتُ لا تَبكِ عينُكَ إنمَّا ... نحاولُ مُلكاً أو نموتَ فَنُعذرا

فضاعت حياته أولا في الشهوات، وثانيا في طلب الملك، وانتهت حياته ولم يحصل مطلبه.

وقيل ليزيد بن المهلب: ألا تبني دارا؟ فقال: منزلي دار الإمارة أو الحبس.

وقال غَيرُه:

وعش مَلِكاً أو مُت كريماً، وإن تَمُت ... وَسَيفُكَ مَشهُورٌ بِكَفَّكَ تُعذَرُ

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يؤتى بالعبد يوم القيامة، فيقال له: ألم أجعل لك سمعاً، وبصراً،ومالاً،وولَداً؟ وسخرتُ لك الأنعامَ والحَرثَ، وتَركتُكَ ترأسُ، وتربَعُ؟ فكنت تظن أنك ملاقي يومك هذا؟ فيقول: لا. فيقول له: اليوم أنساك كما نسيتني" رواه أحمد ومسلم

وقال عليه الصلاة والسلام:" إن الله يبغض كل جَعظَرِيًّ جَوَّاظٍ، سَخَّابٍ في الأسواق، جيفة بالليل، حمار بالنهار، عالم بأمر الدنيا جاهل بأمر الآخرة"

رواه البيهقي وابن حبان وصححه الأالباني

والجعظري: هو الفظ الغليظ المتكبر

والجوّاظ: هو البخيل الجموع المنوع

والسخّاب: هو كثير الضجيج والخصام

وقوله عليه الصلاة والسلام"جيفة بالليل حمار بالنهار " أي أنه يعمل كالحمار طوال النهار لِدُنياه، وينام طوال الليل كالجِيفة التي لا تتحرك.

وقبل ذلك كله قوله تعالى" فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يُرِد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم"

فهم يجتهدون في العلم بأمور الدنيا، مع جهلهم بأشرف العلوم علوم الآخرة، التي هي الشرف اللازم الذي لا يزول، فجدير بمن يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير أن يبغضه الله ويمقته.

ملحوظة: نكمل فيما بعد إن شاء ربي

ـ[السامرائي الصغير]ــــــــ[30 - 01 - 05, 04:10 ص]ـ

جزاك الله خيرا

وللاستزادة فهناك كتاب رائع للشيخ المقدم بعنوان علو الهمة أنصح جميع الأخوة طلاب العلم بمطالعته

ولاتنسوا أخاكم من الدعاء

كما أشير إلى طريقة جربتها بنفسي لحفز الهمة

وهي مطالعة كتب التراجم عموما

وكتجربة شخصية كتاب سير أعلام النبلاء فتح مبين في هذا المجال ولكن مع اتباع طريقة

وهي

قراءة التراجم التي تزيد عن تسع صفحات أو أكثر قليلا لأن الذهبي عادة يترجم للعلم بحسب أهميته

فمالك مثلا ترجم له في عدد كبير من الصفحات مشحونة بما يلهب الهمم

ـ[ابن دحيان]ــــــــ[04 - 02 - 05, 09:08 م]ـ

بورك فيك أخي الكريم

وبالنسبة لكتاب الشيخ الهُمام المقدم حفظه الله، فهذه نتف منه وهو كتاب عظيم النفع بارك الله في مصنفه.

أما ما ذكرته اخي الفاضل من أهمية تراجم العلماء وقراءتها فأنا اتفق معك تماما ففيها الجواهر والدرر والمواقف وحسن الخبر.

وفقنا الله وإياك لكل خير وصلاح وهدى وفلاح

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير