تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ابن الجوزي ... وعزة نفس العالِم .. كلمات نفيسة

ـ[عمر المقبل]ــــــــ[09 - 12 - 04, 02:32 م]ـ

نقل ابن مفلح في الآداب الشرعية 1/ 238 هذه الكلمات عن ابن الجوزي في كتابه "السر المصون"،أعجبتني ـ فلا تستطلها أخي الكريم ـ ففيها من تجارب العقلاء ما قد لا تجده في كثير من الكتب ـ لذا أحببت أن أشرك إخوتي في الاستفادة منها، علماً بأن علامات الترقيم من وضعي، ولأهمية بعض الكلمات فصلتها وربما لونتها لأنها كالحِكَمِ التي ينبغي الاستفادة منها لمن طال عليه المقال،فلو قرأها وحدها،أرجو أن يدرك منها مراد ابن الجوزي رحمه الله:

"مثل المحب للعلم مثل العاشق فإن العاشق يهتم بمحبوبه ويهيم به وكذلك المحب للعلم فكما أن العاشق يبيع أملاكه وينفقها على معشوقه فيفتقر كذلك محب العلم فإنه يستغرق في طلبه ا لعمر فيذهب ماله ولا يتفرغ للكسب فإذا احتاج دخل في مداخل صعبة فمنهم من يتعلق بالسلاطين إما أن يدخل في أشغالهم أو يطلب منهم ومن العلماء من يطلب من العوام البخلاء ومنهم من يرجع عن الجد في العلم إلى الكسب.

وقد كان للعلماء قديما حظ من بيت المال يغنيهم وكان فيهم من يعيش في ظل سلطان كأبي عبيد مع ابن طاهر والزجاج مع ابن وهب ثم كان للعلماء من يراعيهم من الإخوان حتى قال ابن المبارك لولا فلان وفلان ما اتجرت وكان يبعث بالمال إلى الفضيل وغيرهم.

ثم قَلّ ذلك المعنى فصار أقوام من التجار يفتقدون العلماء بالزكاة فيندفع الزمان

وقد وصلنا إلى زمان تقطعت فيه هذه الأسباب حتى لو احتاج العالم فطلب لم يعط فأولى الناس بحفظ المال وتنمية اليسير منه والقناعة بقليله توفيرا لحفظ الدين والجاه والسلامة من منن العوام الأراذل العالم الذي فيه دين وله أنفة من الذل.

وقد قال منصور بن المعتمر إن الرجل ليسقيني شربة من ماء فكأنه دق ضلعا من أضلاعي.

وقد كان أقوام في الجاهلية إذا افتقروا لا يرون سؤال الناس فيخرجون إلى جبل فيموتون فيه.

فإذا اتفق للعالم عائلة أو حاجات وكفت أكف الناس عنه ومنعته أنفته من الذل: هَلَك.

فالأولى لمثل هذا العالم في هذا الزمان المظلم أن يجتهد في كسب إن قدر عليه وإن أمكنه نسخ بأجرة ويدبر ما يحصل له ويدخر الشيء لحاجة تعرض لئلا يحتاج إلى نذل.

وقد يتفق للعالم مرفق فينفق ولا يدخر عملا بمقتضى الحال ونسيانا لما يجوز وقوعه من انقطاع المرفق وطبعا في نفسه من البذل والكرم فيخرج ما في يده فينقطع مرفقه فيلاقي من الضرر أو من الذل ما يكون الموت دونه.

فلا ينبغي للعاقل أن يعمل بمقتضى الحال الحاضرة بل يصور كل ما يجوز وقوعه.

وأكثر الناس لا ينظرون في العواقب!!

فكم من مخاصم سب وشتم وطلق فلما أفاق ندم.

وقد كان يوسف بن أسباط تزهد ودفن كتبه فلم يصبر عن الحديث فحدث من حفظه فغلط فضعفوه.

وقد تزهد خلق كثير فأخرجوا ما بأيديهم ثم احتاجوا فدخلوا في مكروهات.

وكان الشبلي يقدر على خمسين ألفا فتزهد وفرقها فنزل به قوم من الصوفية فبعث إلى بعض أرباب الدنيا يطلب منه فقال له يا شبلي اطلب من الله عز وجل فقال له أنا أطلب من الله عز وجل،وأطلب الدنيا من خسيس مثلك فبعث إليه مئة دينار.

وقال ابن عقيل: إن كان بعث إليه اتقاء ذمه فقد أكل الشبلي الحرام.

وقد تزهد أبو حامد الطوسي وأقام سنين ببيت المقدس ثم عاد إلى وطنه فبنى دارا كبيرة وغرس بستانا فمثل هذا المتزهد المخرج لماله المغير لباسه كمثل ماء عمل له سَكْر فإنه يمنعه من الجريان ثم يعمل الماء في باطن السكر إلى أن ينقب، ولهذا كان أبو هريرة رضي الله عنه إذا رأى شبابا قد تنسكوا يقول الموت الموت جاءهم خوفا من تغيير حالهم وكذلك مخرج المال في حال الغنى إذا لم يحسب وقوع الفقر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير