الخيرات الجمّة في علو الهمة
ـ[ابن دحيان]ــــــــ[25 - 01 - 05, 01:10 م]ـ
الحمد لله الرّب العظيم، الجواد الوهاب المعطي الكريم، الغفور الرحيم، العزيز العليم، الواحدالأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كُفواً أحد، الذي إذا ارداد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون، فسبحان من أمره بين الكاف والنون.
والصلاة والسلام على صَفِيِّهِ، وعبده ونبيه، محمد بين عبد الله المطلبي الهاشمي القرشي العدناني، أزكىَ الناس نسباً، وأطهرهم عِرقاً وحّسباً، الأمِيِّ الذي تَفَوَّقَ على كل ذكيٍّ، ودانت له العلماء والفلاسفة والمناطقة وكل من كتبا، فهل رأى الناس أو سمعوا مثل هذا عجبا!!
أما بعد:
فهذا صفحات لَخًّصتُ فيها كُتُبا،وأودعت فيها من الجواهِر يواقيتا ودرراً وذهبا، فقطفت من حدائق العلم أجمل الأزهار، التي تسحر العقول والأبصار، فإذا طالعها النَّاظِر تَحَيَّر،ماذا يَدَعُ أو يَتَخيََر.
لا يخفى عليك أخي الكريم
أن العمر ساعات، بل لحظات .. وما فات فات، فهيهات يرجع هيهات، فما تدري غداً أانت من الأحياء أم من الأموات، فاعمل ما شئت فلا بد أن يُقال عنك يوماً: فلان مات .....
فسابق الأجل، وحي على خير العمل. ففي هذا الصفحات ما يعين ويوقظ همتك الضعيفة، ويجعلك تُسابق إلي الأعمال الشريفة ...
فاقرأهُا بِتَمَعُّن، واجعلها زادك الذي تتغذى به وتَسمُن .... وهكذا كلما ضعفت وفترت عندك الهمَّة، فانظر فيها .. ففيها الخيرات الجمّة، من الآيات والأحاديث وأقوال وأفعال كبار الأئَمِة .... والأشعار النادرة، والأمثال السائرة.
ما هي الهمة؟
الهمة: هي الباعث على الفعل، وتوصف بعلو أو سفول.
وعلو الهمة: هواستصغار مادون النهاية من معالي الأمور وقيل: خروج النفس إلي غاية كمالها الممكن لها في العلم والعمل.
والهم: هو عقد القلب على فعل شيء قبل أن يُفعل، من خير وشر.
قال ابن قيم الجوزية عليه رحمات رب البرية في " مدارج السالكين 3/ 3":
الهمة فِعلَة من الهم، وهو مبدأ الإرادة، ولكن خصُّوها بنهاية الإرداة، فالهم مبدؤها، والهمة نهايتها.
وقال" 3/ 171":
علو الهمة أن لا تقف دون الله " أي النفس" ولا تتعوض بشيء سواه، ولا ترضى بغيره بدلا من، ولا تبيع حظها من الله، والأنس به، والفرح والسرور والابتهاج به بشيء من الحظوظ الخسيسة الفانية، فالهمة العالية على الهمم كالطائر العالي على الطيور، لا يرضى بساقطهم، ولا تصل إليه الآفات التي تصل إليهم، فإن الهمة كلما علت بعدت من وصول الآفات إليها، وكلما نزلت قصدتها الآفات من كل مكان، فإن الآفات قواطع وجواذب، وهي لا تعلو إلي المكان العالي فتجتذب منه، وإنما تجتذب من المكان السافل، فعلو همة المرء عنوان فلاحه، وسفول همته عنوان حرمانه. إ هـ.
الهمة مولودة مع الآدمي
قال ابن الجوزي رحمه الله في " لفتة الكبد إلي نصيحة الولد":
وما تقف همة إلا لخساستها، وإلا فمتى علت الهمة فلا تقنع بالدون، وقد عرف بالدليل أن الهمة مولودة مع الآدمي، وإنما تقصر بعض الهمم في بعض الأوقات، فإذا حُثت سارت، ومتى رأيت في نفسك عجزاً فسلِ المُنعمَ، أو كسلاً فَسَلِ المُوَفِقَ، فلن تنال خيرا إلا بطاعته، فمن الذي أقبل عليه ولم يرى كل مراد؟ .. إ هـ.
الهمة محلها القلب
الهمة عمل قلبي والقلب لا سلطان عليه لغير صاحبه، وكما أن الطائر يطير بجناحيه، كذلك يطسر المرء بهمته، فتحلق به إلي أعلى الآفاق، طليقة من القيود التي تكبل الأجساد.
قال ابن قتيبة في " عيون الأخبار 3/ 231":
ذو الهمة إن حُطَّ فنفسه تأبىَ لإلا عُلوّا، كالشعلة من النار يُصَوِّبُها صاجبها وتأبى إلا ارتفاعا. إ هـ.
همة المؤمن أبلغ من عمله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما الأعمال بالنيات" متفق عليه
وقال عليه أفل الصلاة والسلام:"من هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة" رواه البخاري
وقال عليه الصلاة والسلام:"من سأل الله الشهادة بصدق، بَلّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه" رواه مسلم
وقال صلى الله عليه وسلم فيمن حرص على الخروج معه في تبوك ولم يُقدر له:" إن بالمدينة لرجلا ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم، حبسهم العذر" متفق عليه
¥