تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[من عوائق الطلب ______ أخذ العلم عن الأصاغر]

ـ[ابن هشام المصري]ــــــــ[09 - 08 - 04, 08:43 م]ـ

إنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ؛ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ؛ فَلاَ هَادِيَ له.

وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ _ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ _.

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

{يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا اتَّقُوْا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إلاَّ وَأَنْتُمُ مُسْلِمُوْنَ}.

{يَا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوْا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيْراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوْا اللهَ الَّذِي تَسَاءلُوْنَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيْبَا}.

{يا أيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا اتَّقُوْا اللهَ وَقُوْلُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}.

أَمَّا بَعْدُ:

لقد فشت ظاهرة أخذ العلم عن صغار الأسنان بين طلاب العلم في هذا الزمن 0

لذلك رأي أن أنقل ذلك الكلام النفيس لفضيلة الشيخ عبد السلام بن برجس العبد الكريم _ رحمه الله تعالى _

وذلك من كتابه الرائع ___ عوائق الطلب ____ طبعة دار المنهاج بمصر

[من عوائق الطلب ______ أخذ العلم عن الأصاغر]

لقد فشت ظاهرة أخذ العلم عن صغار الأسنان بين طلاب العلم في هذا الزمن 0

وهذه الظاهرة في الحقيقة داء عضال , ومرض مزمن، يعيق الطالب عن مراده ويعوج به عن طريق السليم الموصل الى العلم0

وذلك لأن أخذ العلم عن صغار الأسنان، الذين لم ترسخ قدمهم في العلم ولم تشب لحاهم فيه، مع وجود من هو أكبر منهم سناً، وأرسخ قدما، يضعف أساس المبتدى، ويحرمه الاستفادة من خبرة العلماء الكبار، وأكتساب أخلاقهم، التى قومها العلم والزمن 000 الى غير ذلك من التعليلات التى يوحى بها أثر ابن مسعود رضى الله عنه

حيث يقول: (ولايزال الناس بخير ماآخذوا العلم عن أكبارهم وعن أمنائهم وعلمائهم، فإذا أخذوه عن صغارهم وشرارهم هلكوا)

وثبت الحديث عن أبى أمية الجمحى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر) 0

وقد أختلف الناس فى تفسير _ الصغار _ هنا على أقوال ذكرها ابن عبد البر رحمه الله في _ الجامع _ (1/ 157) والشاطبى رحمه الله في الأعتصام (2/ 93) 0

وقد ذهب أبن قتيبة _ رحمه الله _ الى أن الصغار هم صغار الأسنان، فقال على أثر ابن مسعود ألآنف الذكر: يريد لايزال الناس بخير ماكان علمائهم المشايخ، ولم يكن علمائهم الاحداث، لأن الشيخ قد زالت عنه متعة الشباب، حدته، وعجلته، وسفهه، واستحب التجربة والخبرة، ولايدخل عليه في علمه الشبهة، ولا يغلب عليه الهوى، ولايميل به الطمع، ولا يستزله الشيطان استزلال الحدث، فمع السن الوقار، والجلالة، والهيبة 0

والحدث قد تدخل عليه هذه الامور التى آمنت على الشيخ، فاذا دخلت عليه، وأفتى هلك وأهلك 0

وقد روى ابن عبد البر عن عمر ابن الخطاب رضى الله عنه أنه قال: (قد علمت متى صلاح الناس، ومنى فسادهم: إذا جاء الفقه من قبل الصغير، استعصى عليه الكبير، وإذا جاء الفقه من الكبير تابعه الصغير فاهتديا 0

وروى ابن عبد البر أيضا عن أبى الأحوص عن عبد الله قال: (انكم لن تزالوا بخير مادام العلم في كباركم، فإذا كان العلم في صغاركم سفه الصغير الكبير) 0

ففى هذين الاثرين تعليل عدم الاخذ عن الصغير آخر غير الذى ذكره ابن قتيبة، وهو خشية رد العلم إذا جاء من الصغير 0

وعلى كل فإن لفظه الصغير عامة تتناول الصغير حسا ومعنى 0

وهذا الحكم ليس على إطلاقه في صغير السن فقد أفتى ودرس جماعة من الصحابة والتابعين في صغرهم، بحضرة الأكابر الا أن هؤلاء يندر وجود مثلهم فيمن بعدهم، فإن وجدوا وعلم صلاحهم، وسبر علمهم فظهرت رصانته، ولم يوجد من الكبار أحد يؤخذ عنه العلوم التى معهم، وأمنت الفتنة فليؤخذ عنهم 0

قال الحجاج بن أرطاة رحمه الله: كان يكرهون أن يحدث الرجل حتى يرى الشيب في لحيته 0

وليس المراد أن يهجر علم الحدث مع وجود الاكابر كلا، وإنما المراد إنزال الناس منازلهم، فحق الحدث النابغ أن ينتفع به في المدارسة، والمذاكرة، والمباحثة 000 أما أن يصدر للفتوى، ويكتب اليه بالاسئلة فلا وألف لا، لأن ذلك قتل له، وفتنة وتغرير 0

قال الفضيل بن عياض رحمه الله: لو رأيت رجلا أجتمع الناس حوله، لقلت: هذا مجنون، من الذى أجتمع الناس حوله لايحب أن يجود الناس كلامه لهم 0

وقال أيضا: بلغنى أن العلماء فى ما مضى كانوا إذا تعلموا عملوا، وإذا عملوا شغلوا، وإذا شغلوا فقدوا، وإذا فقدوا طلبوا، فإذا طلبوا هربوا 0

فيا أيها الطلاب: إذا أردتم العلم من منابعة فهاؤهم العلماء الكبار، الذين شابت لحاهم، ونحلت جسوهم، وذبلت قواهم في العلم والتعليم، الزموهم قبل أن تفقدوهم،واستخرجوا كنوزهم قبل أن توارى معهم،وفى الليلة الظلماء يفتقد البدر 0

###

###

كتبه أخوكم

عبد الله زكريا

23 – جماد آخر – 1425 الموافق 9 - 8 -

حرر آخره من قبل ## المشرف ##

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير