كما قال الشيخ: والوقف على {مبشرا ونذيرا} ليس بتام، لوجود لام التعليل، ولكنه من قبيل الحسن، ولو وصل لكان أجود، نقول: {إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعذروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا}
ثم قال: لذا يفضل وصل الآية بقوله: {في الدنيا والآخرة} فتقول {كذلك يبين لكم الآيات لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة} وإلا فأنبئني إذا قلت: {أعوذ بالله من الشيطان الرجيم في الدنيا والآخرة}. هل يستقيم المعنى؟ كلا والله وكذلك قوله تبارك وتعالى: {والتوراة التوراة والإنجيل} وتبدأ: {من قبل هدى للناس}. أيليق أن أقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من قبل هدى للناس؟
قلت: نعم ((فويل للمصلين)) , وقف قبيح , ولكنه رأس آية , الأولى الوقف عليها , وإنما التحذير من القطع عليها لا الوقف. وقد توسع العلامة المرصفي في المسألة كثيرًا بمثالك نفسه يا شيخ , وأرد نصًا لابن يالوشة رجح فيه الوقف على رؤوس الآي وإن كان قبيحًا. حتى قال المرصفي معلقًا: فإن اتباع السنة من صدق الحب لمن سنها صلى الله عليه وسلم.
(90)
قال الشيخ عبد الباسط: {الحمد لله رب العالمين} فهو كاف، لأن ما بعده متعلق به، وهو {الرحمن الرحيم} والوقف على {الرحمن الرحيم} كاف؛ لأن ما بعده متعلق به معنى، وهو {مالك يوم الدين} ........ ونحو ذلك {هدى للمتقين} فقوله: {الذين يؤمنون} نعت للمتقين. وقوله: {والذين يؤمنون بما أنزل إليك} نعت أيضا.
قلت: جميع ما قلته من الوقف الحسن يا شيخ , أليس فيهم تعلق لفظي مع التعلق المعنوي (الذي تسميه خطأً: تعلق لغة) وراجع النشر صـ 321 , بل إن ابن الجزري أورد رأيًا بتمام الوقف على ((هدى للمتقين)).
(91)
قال الشيخ عبد الباسط: ومن الوقوف التامة التي لم يشر إليها كتَّاب المصحف رحمهم الله قول الله تبارك وتعالى في سورة البقرة: {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم} فالوقف على سمعهم تام؛ لأن الواو عطف مغايرة بين ما يستحق الختم وما يستحق الغشاوة، وإلم يكن تاما فهو كاف، ومنه في سورة النحل: {وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر} وتقف ثم تبدأ {والنجومُ مسخرات}
قلت: بل أشارت اللجان الموقرة إليها قديمًا وحديثًا , وانظر في نسخة مكتبة مصر (السحار) سنة 1409هـ تصريح تداول رقم 418 , ونسخة الحلبي سنة 1991م تصريح 716 , ونسخة الشمرلي سنة 1999 تصريح: 62. فكل ذلك موجود رغم اختلاف العلامات.
(92)
قال الشيخ عبد الباسط: ومن الوقوف التامة قوله تعالى: {ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة} ونقف، ثم نبدأ {من الأرض إذا أنتم تخرجون} , باقي القراء وجميع القراء يقولون: {ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره} ويقف {ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض} من الداعي؟ الله , فكيف تقول دعوة من الأرض , وهو منزه عن الحلول والجهة والاتصال والانفصال والسفر؟
قلت: لابد في الوقف من موافقة التفاسير والصحة اللغوية, أما سؤالك: فكيف تقول دعوة من الأرض , وهو منزه عن الحلول والجهة والاتصال والانفصال والسفر فإجابته بالسؤال الآتي: ما تقول في قول الله تعالى: ((وناديناه من جانب الطور الأيمن)) هل حل الله في الطور الأيمن؟! تعالى الله عن ذلك.
على أن وقفك هذا خطأ من الوجهة اللغوية. قال الأشموني في منار الهدى: ثم إذا دعاكم دعوة (جائز) , قال نافع وغيره: هذا وقف يحق على العالم علمه ثم قال تعالى: ((من الأرض إذا أنتم تخرجون)) وعند أهل العربية هذا الوقف قبيح لأنَّ ما بعد إذا لا يعمل فيما قبلها وجواب إذا الأولى عند الخليل وسيبويه إذا أنتم والوقف على ما دون جواب إذا قبيح لأنَّ إذا الأولى للشرط والثانية للجزاء وهي تنوب مناب الفاء في جواب الشرط قال قتادة دعاكم من السماء فأجبتم من الأرض أي بنفخة إسرافيل في الصور للبعث إلا أيتها الأجساد البالية والعظام النخرة والعروق المتمزقة واللحوم المنتنة قوموا إلى محاسبة رب العزة 0
(93)
¥