تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كان آية في سرعة الحفظ، كان يحفظ ستة عشر ألف أرجوزة دون الشعر والأخبار، كان ثقة عدلا، يقول ابن جني: (هو صناجة الرواة والنقلة وإليه محط الأعباء .. وكان يحفظ كل الشعر الذي لم يسمع به)، له مجموعته التي جمعها من الشعر وسماها الأصمعيات ورويت عنه دواوين كثيرة أشهرها الدواوين الستة: لامرئ القيس، النابغة، زهير، طرفة، عنترة، علقمة بن عبده.

رواة الكوفة:

(1) حماد الراوية:

على رأس رواة الكوفة، قال المدائني (كان من أعلم الناس بأيام العرب وأخبارها وأشعارها وأنسابها ولغاتها، وكان الناس يتهمونه في علمه ويشككون في روايته ولا يثقون بما ينقله إليهم من أخبار وأشعار، قال المفضّل: قد سلط على الشعر من حماد الراوية ما أفسده فلا يصحّ أبداً، فقيل له: وكيف ذلك؟ أيخطيء في روايته أم يلحن؟ قال ليته كان كذلك) وذكر أبوجعفر أحمد بن محمد النحاس أن حماداً هو الذي جمع السبع الطوال، قال ابن سلام الجمحي: العجب لمن يأخذ من حماد، كان يكذب ويلحن ويكسر) كما نرى مما سبق أن هذه التهم متناقضة كما كانت عند خلف فبينما هو عالم بلغات العرب وأشعارها ومذاهب الشعراء ومعانيها، يستطيع أن يقول الشعر يشبه به مذهب رجل كما كان خلف إذا به يلحن ويكسر.

(2) المفضل الضبي:

كان يقوم في الكوفة مقام الأصمعي في البصرة، وقد جمع من أشعار العرب 126 قصيدة أو 128 هي المفضليات. ومنهم برزخ العروضي وكان من أكذب الناس في الرواية ومنهم جناد وكان يخلط في الأشعار ويصحف ويلحن.

وفي موقع آخر ورد:

الرواة وانتحال الشعر

فإذا فرغنا من هذه الأسباب العامة التي كانت تحمل الأنتحال والتي تتصل بظروف الحياة السياسية والدينية والفنية للمسلمين فلن نفرغ من كل شيء، بل نحن مضطرون إلى أن نقف وقفات قصيرة عند طائفة أخرى من الأسباب، ليست من العموم والاطراد بمنزلة الأسباب المتقدّمة. ولكنها ليست أقل منها تأثيراً في حياة الأدب العربيّ القديم، وحثاًّ على تحميل الجاهليين ما لم يقولوا من الشعر والنثر. أريد بها هذه الأسباب التي تتصل بأشخاص أولئك الذين نقلوا إلينا أدب العرب ودوّنوه. وهؤلاء الأشخاص الرواة. وهم بين اثنتين: إما أن يكونوا من العرب، فهم متأثرون بما كان يتأثر به العرب. وإما أن يكونوا من الموالي، فهم متأثرون بما كان يتأثر به الموالي من تلك الأسباب العامة. وهم على تأثرهم بهذه الأسباب العامة متأثرون بأشياء أخرى هي التي أريد أن أقف عندها وقفات قصيرة كما قلت.

ولعل أهمّ هذه المؤثرات التي عبثت بالأدب العربيّ وجعلت حظه من الهزل عظيماً: مجون الرواة وإسرافهم في اللهو والعبث وإنصرافهم عن أصول الدين وقواعد الأخلاق إلى ما يأباه وتنكره الأخلاق.

ولعلى لا أحتاج بعد الذي كتبته مفصلاً في الجزء الأوّل من "حديث الأربعاء" إلى أن أطيل في وصف ما كان فيه هؤلاء الناس من اللهو والمجون. ولست أذكر هنا إلا اثنتين إذا ذكرتهما فقد ذكرت الرواية كلها والرواة جميعاً: فأما أحدهما فحَمَّاد الراوية. وأما الآخر فخَلَف الأحمر.

كان حماد الراوية زعيم أهل الكوفة في الرواية والحفظ. وكان خلف الأحمر زعيم أهل البصرة في الرواية والحفظ أيضاً. وكان كلا الرجلين مسرفاً على نفسه ليس له حظ من دين ولا خلق ولا احتشام ولا وقار. كان كلا الرجلين سكيراً فاسقاً مستهتراً بالخمر والفسق. وكان كلا الرجلين صاحب شك ودعابة ومجون.

فأما حماد فقد كان صديقاً لحمّاد عجْرد وحمّاد الزبرقان ومُطِيع ابن إيَاس. وكلهم أسرف فيما لا يليق بالرجل الكريم الوقور. وأما خلف فكان صديقاً لوالبة بن الحُبَاب وأستاذاً لأبى نُوّاس. وكان هؤلاء الناس جميعاً في أمصار العراق الثلاثة مظهر الدعابة والخلاعة؛ ليس منهم إلا من أتهم في دينه ورمي بالزندقة، يتفق على ذلك الناس جميعاً: لا يصفهم أحد بخير، ولا يزعم لهم أحد صلاحا في دين أو دنيا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير