[زبد الجنوح]
ـ[عيسى جرابا]ــــــــ[29 - 01 - 2004, 06:11 م]ـ
زبدُ الجُنُوح
شعر/ عيسى بن علي جراباـ
نَادَى إِلَى بَذْرِ الشَّتَاتِ جِهَارَا
وَأَزَاحَ عَنْ وَجْهِ الضَّلالِ سِتَارَا
وَرَمَى بِنَا خَلْفَ الزَّمَانِ كَأَنَّنَا
عُلَبٌ وَقَلَّبَ طَرْفَهُ اسْتِهْتَارَا
مِنْ أَينَ جَاءَ؟ وَمَا الَّذِي يَهْذِي بِهِ؟
وَلِمَنْ بِأَلْسِنَةِ الحَدِيثِ أَشَارَا؟
لَمْ نَدْرِ مَا التَّغْرِيبُ حَتَّى جَاءَنَا
مِنْ بَيْنِنَا مَنْ يَرْتَدِيهِ شِعَارَا
دَعْوَى كَبَيْتِ العَنْكَبُوتِ ضَعِيفَةٌ
جَعَلَتْ وُجُوهَ دُعَاتِهَا تَتَوَارَى
فِي سَاحِنَا نَصَبَ الظَّلامُ خِيَامَهُ
وَأَقَامَ يَدْعُو سُوقَةً أَغْرَارَا
حِيناً يُمَنِّيهِمْ وَحِيناً يَحْتَفِي
بِوَلاءِ مَنْ سَجَدُوا لَهُ إِكْبَارَا
وَيَظَلُّ يَسْكُبُ فِي مَسَامِعِهِمْ كُؤُو
سَ غَرَامِهِ وَيُلَمِّعُ الدُّولارَا
فَإِذَا بِفَوجٍ مِنْ بَنِينَا شَمَّرُوا
وَتَحَرَّرُوا سَمَّاهُمُ الأَحْرَارَا
وَرَمَوا بِأَنْفُسِهِمْ إِلَى أَحْضَانِهِ
كَالعَاشِقِيْنَ وَعَانَقُوهُ سُكَارَى
ثَارُوا عَلَى كُلِّ المَبَادِئِ وَالمَنَا
هِجِ كَيفَ صَارُوا بَينَنَا ثُوَّارَا؟
أَوَ لَمْ تَكُنْ هَذِي المَنَاهِجُ مَنْبَعاً
عَذْباً تَسَاقَى فَيضُهُ أَنْهَارَا؟
أَوَ مَا رَضَعْتُمْ مِثْلَنَا مِنْ ثَدْيِهَا
لَبَنَ العَقِيدِةِ وَالوَلاءِ صِغِارَا؟
رَبَّتْ قُلُوبَكُمُ عَلَى الإِيْمَانِ مَا
جَنَحَتْ فَكَيفَ جَنَحْتُمُ اسْتِكْبَارَا؟
يَا عَاشِقَ التَّغْرِيبِ مَازَالَتْ لَنَا
قِيَمٌ وَمَازِلْنَا لَهَا أَنْصَارَا
كَالشَّمْسِ مَنْهَجُنَا فَمَا لَكَ حَائراً
أَعْمَى الخُطَى تَتَلَمَّسُ الأَنْوَارَا؟
فَاسْتَنْطِقِ التَّارِيخَ وَاسْمَعْ كَمْ بِهِ
مِنْ طَامِحٍ مَلأَ الزَّمَانَ فَخَارَا
لَمْ تُغْرِهِ لَيلَى وَلا سَلْمَى وَلَمْ
يَعْشَقْ بَرغْمِ جَمَالِهَا نَوَّارَا
بَيْنَ الجَوَانِحِ هِمَّةٌ عُلْيَا وَعَزْ
مٌ يَمْتَطِي ظَهْرَ الرَّدَى إِصْرَارَا
سَارَتْ خُطَاهُ عَلَى الدُّرُوبِ كَأَنَّهَا
لَهَبٌ يُذِيبُ الشَّوْكَ وَالأَحْجَارَا
وَبَنَى مِنَ الأَمْجَادِ مَا أَعْيَا الزَّمَا
نَ وَقَدْ أَحَالَ فُؤُوسَهُ أَظْفَارَا
يَا عَاشِقَ التَّغْرِيبِ لا هَنِئَتْ عُيُو
نٌ تَحْسَبُ اللَّيلَ الضَّرِيرَ نَهَارَا
أَيَقُودُ أَعْمَى مُبْصِراً أَمْ أَنَّ عُرْ
قُوباً سَيَغْدُو لِلوَفَاءِ مَنَارَا؟
هَلْ تُرْتَجَى السُّحُبُ الجَهَامُ وَقَدْ تَرَا
ءَتْ أَنْ تَسِحَّ عَلَى الرُّبَى أَمْطَارَا؟
أَوَ لَسْتَ مَعْنَا فِي السَّفِينَةِ كُلَّمَا
مَالَتْ دَعَوْنَا الوَاحِدَ القَهَّارَا؟
إِنْ لَمْ تَكُنْ فَاصْعَدْ إِلَى جَبَلٍ يَقِيـ
ـكَ المَوْجَ حِيْنَ يَجِيئُنَا هَدَّارَا
يَا عَاشِقَ التَّغْرِيبِ رُبَّ كُلَيْمَةٍ
سَتَنُوءُ فِي الأُخْرَى بِهَا أَوْزَارَا
فَالعِزُّ فِي الإِسْلامِ كَمْ مِنْ مُبْتَغٍ
فِي غَيْرِهِ عِزًّا كَسَاهُ صَغَارَا
أَرْسَى بِهِ عَبْدُ العَزِيزِ كَمَا السَّنَا
وَطَناً نَرَاهُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَا
قُلْ لِلحِوَارِ نَعَمْ فَشَيطَانُ الهَوَى
لَمَّا يَزَلْ يَعِدُ النُّفُوسَ خَسَارَا
لا تَلْتَفِتْ أَبَداً لأَسْوَارِ الخِلا
فِ فَكَمْ يَدٍ سَتُحَطِّمُ الأَسْوَارَا
وَغَداً يَطِيبُ جَنَى الحِوَارِ إِذَا زَرَعْـ
ـنَا اليَوْمَ فِي حَقْلِ الصَّفَاءِ حِوَارَا