تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[(الانتحال في الشعر العربي) ادخل وشارك بمثال غير مأمور]

ـ[المشلب]ــــــــ[05 - 08 - 2004, 03:28 م]ـ

الانتحال في الشعر العربي

قضية الانتحال في الشعر العربي من أبرز القضايا التي طرحت في كتب الأدب العربي، لا سيا فيما يتعلق بالشعر الجاهلي الذي دخله انتحال كثير، وقد تتابع الرواة الثقات بتحقيق وتمحيص ما جاء من تراث في الشعر الجاهلي، ومن أهمهم في هذا الجانب المفضل الضبي والأصمعي وابن سلام في كتابه " طبقات فحول الشعراء "، وقد رد ابن سلام سبب الانتحال إلى عاملين: أحدهما عامل القبائل التي كانت تزيد في شعرها لتزيد من قوتها وثانيها: عامل الرواة الوضاعين كما زادت قريش في أشعار شعرائها، وكذلك من أبناء الشعراء وأحفادهم من زاد في الأشعار كداود بن متمم بن نويرة فقد استنشده أبو عبيدة شعر أبيه متمم فلما نفد شعر أبيه زاد من شعره ما ليس منه، مع أنه يحتذي كلامه بذكر المواضع التي ذكرها متمم والمواقع التي شهدها. وهذا يدل على أن الرواة كانوا يراجعون ما ترويه القبائل، وأنهم كا نوا يردون ما يتبين لهم زيفه، إما بالرجوع إلى أصول صحيحة، أو إلى أذواقهم وما يحسنون من نقد الشعر، ومعرفتهم بالشاعر ونظمه. ولذلك فقد شكك ابن سلام في زيادات قصيدة ابي طالب في مدح النبي – صلى الله عليه وسلم، ومنها:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للارامل

وذكر ايضا أبا سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب – رضي الله عنه – أحد شعراء قريش الذين كانوا يناقضون حسان بن ثابت وشعراء المدينة وقال: أن شعره في الجاهلية سقط ولم يصل إلينا منه إلا القليل. ثم قال: ولسنا نعد ما يروي ابن إسحاق له ولا لغيره شعرا، ولأن لا يكون لهم شعرا أحسن من أن يكون ذاك لهم. وننبه على أن في الشعر الجاهلي ما هو موثوق به وهو على درجات فمنه ما أجمع الرواة على قبوله ومنه ما شككوا في بعض زياداته دون إبطال الشعر الجاهلي ورده.

وتعرض النقاد كذلك إلى قصيدة الأعشى الكبير ميمون بن قيس في مدح النبي – صلى الله عليه وسلم – التي مطلعها:

ألم تغتمض عيناك ليلة ارمدا وعاداك ما عاد السليم المسهدا

وما قيل في نقد بعض الشعر الجاهلي يقال في نقد بعض الشعر الإسلامي، ولا سيما أن دواعي الانتحال في الشعر الإسلامي أكثر لوقوع الشعر تحت وطأة الاختلافات المذهبية والعرقية والنزاعات الإقليمية، أو اختلاف الدول. والانتحال والأشعار المكذوبة في الشعر الإسلامي له أمثلة كثيرة، أذكر اشهر ذلك:

1 – تورد بعض كتب التاريخ والأدب أبياتا من الشعر قيلت عند مقدم النبي – صلى الله عليه وسلم – المدينة من مكة في حادثة الهجرة وهي:

طلع البدر علينا من ثنيات الوداع

وجب الشكر علينا ما دعا لله داع

وأكثر من يورد هذه القصة يورد هذه البيتين فقط، وعند النظر في هذه الرواية نجد أنها ضعيفة سندا ومتنا فهي ضعيفة سندا للانقطاع بين عبيدالله وعائشة – رضي الله عنها -. وأما ومتنها فقد ذكر المحققون أن ثنيات الوداع ثنية يطؤها القادم إلى المدينة من جهة تبوك. والغريب أن هذه الحادثة لم يذكرها ابن هشام ولا الطبري، وقد ضعفها بعض المحققين كابن القيم – رحمه الله -، وقال ابن حجر – رحمه الله -: رويت بإسناد منقطع، ولعل ذلك كان في قدومه من غزوة تبوك. ا. هـ.

وذكر بعض أهل الأدب كالجاحظ وياقوت وابن منظور أن الأبيات قيلت عند دخول النبي – صلى الله عليه وسلم – مكة.

2 – تعرض بعض خلفاء الدولة الأموية لاتهامات شنيعة كالرمي بالزندقة أو الفسق والفجور، وشرب الخمر وغير ذلك، ومن أولئك الخلفاء الوليد بن يزيد وهو على ما ذكر عنه في بعض كتب التراجم من تماد في شرب الخمر، وانهماك بالملذات إن أن الاتهام تعدى ذلك إلى نسج حكايات يردها العقل الصريح فضلا عن النقل الصحيح، كالذي يذكر عنه أنه شرب الخمر مرة هو وجارية له حتى بالغ في السكر وأقسم ن تلبس الجارية ملابسه لتصلي بالناس ففعلت. ومن ذلك أيضا وهو المراد هنا أنه فتح المصحف مرة، وإذا به تقع عينه أول ما فتحه على قوله – تعالى -: " واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد "، فأنشد قائلا:

أتوعد كل جبار عنيد فهأنذا كذاك جبار عنيد

إذا أتيت ربك يوم حشر فقل يا رب مزقني الوليد

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير