ولذي الوزاراتِ نصيب ..
ـ[بوحمد]ــــــــ[29 - 07 - 2004, 11:50 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
كلّما فتحت كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة لذي الوزارتين لسان الدين بن الخطيب، لاح لمخيلتي ذو الوزارات أبو محمد حفظه الله (الدكتور عبدالعزيز الخويطر) ..
أعارني قريبٌ لي، قبل شهر تقريباً، كتاب الدكتور الأخير "نافذة على التراث" الجزء الثامن عشر (على ما أظن، فقد استرجع الكتاب من أعارني إياه ورحل) ..
إستغربت كثيراً .. فمن أين يأتي ذو الوزارات بكل هذا الوقت لتأليف مثل هذه الكتب .. وبالرغم من إنها مجرد قصص أدبية منقولة من التراث، إلا أنها لاتخلو من تعليقٍ حاذق! ..
فمالذي يرمي إليه ذو الوزارات من تصنبف مثل هذه الدُرر؟؟ ..
و ..
من أي بحرٍ بها تأتي كذي الدُرَرِ=أم أيّ طيرُ السما يأتيكَ بالسَحَرِ
ليلقي السحرَ لا تعشو خواطرهُ=لا يُخطئ الرميَ مثل الخُطرِ لم تَطِرِ
وما عجبتُ لهُ! تُطرى صواعقهُ! =قواتلٌٌ مثلها قبل اليومَ لم تُطَرِ
حتى رجعتُ! بهِ نفسي تُعاتِبُني=أواخرُ الغيثِ هذا، خاتم المطرِ
ومُهْدِيَ الكُتبَ التاريخَ حقَّ لهُ=من الثناءِ بما تحوي من الغُرَرِ
أورَدْتُهُ قُبُلاً حتى قضى وطراً=مني الكتابُ ولم تقضِ الورى وطري
أبا الشفاشفَ لا ترحل بلا صُوَرٍ=إليهِ منّا ولا ترجع بلا صُوَرِ
خويطرٌ لاحَ ليْ همساً فقلتُ لهُ=إلى سميِّكَ وأتي صادقَ الخبرِ
وقُلْ لهُ إن لمحتَ الشمسَ ساطعةً=من خطِّ سطرهِ أو ضوءاً من القمرِ
يا من تطلُّ على تاريخِ أُمَّتِنا=على تُراثٍ لنا من نافذِ البصرِ
ناشدتكَ اللهَ هل حقّاً إذا زعموا=مُفاخرينَ بهِ:"إنّا على الأثرِ"؟
هل كل يومٍ لنا في أمسهِ نظرٌ=أم كلّ أمسٍ لنا يمضى بلا نظرِ؟
أم نورُهُ جاءها غرباً بلا قدرٍ=وظلمهُ جاءنا يسعى على قدرِ؟
فاستبطأ الردَّ منهُ عاذلي فتلا=بالشعرِ مُختَبِرٌ لابدَّ مُختَبَرِ
كفانيَ الردَّ نجمٌ مُرسِلُ المثلِ= (يا ساهرَ البرق أيقظ راقِدَ السُمرِ)
فجاءنا الردُّ ما كان باعثُهُ=همساً يبثُّ ولكن كاسمِهِ خَطِرِ:
خِطْءٌ بِخُطءٍ إذا أمْعَنَّا بالنَظَرِ=مَنْ سَنَّتَ الوِزْرَ لها درباً إلى الوُزَرِ
دُنيانا تَخْدَعُ غِرَّاً في مسالكها=مِعْوَجَّةٌ نفعُها ضَربٌ مِنَ الضَرَرِ
فلا وربُّكَ لا يُسكن بها أبداً=طيبُ المُقامِ -ومن سأمِ البُقا- سُفَرِ
ليشكو للطولِ قصِرٌ طالَ ملّ بهِ=والطولُ ملّ فيشكو منهُ للقُصَرِ
قد استوى همُّ فقدٍ والنوالُ بها=كما استوت عندهُ من باتَ في الحُفَرِ
سُأمُ الحياةِ لنحنُ الموتى لاعجباُ=وإن بلغنا فهذا السأمَ مُدَّخَرِ
سورُ الحياة ولا يبلغهُ طالبهُ=أسوارَ أحكمها مَن أحْكمَ السورِ
مستصغرُ الشئ لا يُعدمْ عواقِبُهُ=والنارُ تأتيكَ من مُستَصغرِ الشررِ
ونافخُ الثوبِ ريحاً كي تُضَخِّمُهُ=والثوبُ مُرتَقعٌ والرقعُ منفطرِ
أعنكما يتناءى فِهمُها صِغَراً؟! =والصغرُ من كبرٍ والكبرُ من صغرِ
لنادِبٌ واتُراثاهُ بني وطني=فما لنا بِتُراثٍ باكِ مِنْ عِبَرِ
لهف التراث على ورثٍ ووارثِهِ= لهف الثكالى بفقد الابن والإزَرِ
وعادَ لوميَ بالتوبيخِ يوجعني=دنياكَ فسألْ لِمَ الأحوالُ تنحدرِ
فأطرَقَتْ وثيابُ الحُزنِ مَلبَسُها=طَروبُ حُزْنٍ وما للثوبِ مِن غِيَرِ
للسؤلِ قالت: ألا والظُلمِ منشأكم=لَسَّيفُ مرتَعَكُمْ والعذلُ للبقرِ
فبِتُّ ليليَ بالأمثال بُحترها=مردِّداً قولَ من بالشيبِ لم يَحِر
(في الشيب زجرٌ له لو كان ينزجرُ) = لحاك من خاطرٍ ما كنتَ مُنزَجِرِ
هذا جوابيَ إن يلقاكَ عاذِلُكَ=مَن كانَ مُنتَظَراً يوماً لمُنتَظِرِ
وليحفظك الله يا أبا محمد ...
وما زلت أنتظر جوابك ..
مُحبك ..
بوحمد
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[د. خالد الشبل]ــــــــ[30 - 07 - 2004, 03:23 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الدكتور عبد العزيز الخويطر من مفاخر الدولة بحق، وأذكر أنه سئل - مرة - عن هذا فذكر أنه يغتنم أول النهار، في وقت نامت فيه كثير من العيون.
الرجل يلبس جلباب التواضع، وهو له خِيمٌ، كتب عنه الأستاذ زياد الدريس قبل زمن في مجلة المعرفة، متعجبًا من هذا الأمر. كما أنه يتخذ النزاهة له لحافًا.
أذكر أنه اجتمع بنا ونحن مجموعة طلبة، وكنا مقبلين على رحلة إلى إحدى الدول الغربية، وكان اللقاء في الطائف فرأينا التواضع مع الجميع، وتلقينا منه جملة من التنبيهات الجميلة.
مثله يأسرك فيجبرك على احترامه.
شكرًا يا أستاذ بو حمد على هذه الكلمات، قصيدة بسيطة نبعت من إحساس صادق، وصلتنا من قلبك قبل أن تراها:)
لك تحية من أعماق قلبي.
ـ[أبو سارة]ــــــــ[30 - 07 - 2004, 09:28 ص]ـ
السلام عليكم
كل الشكر لأبي حمد على هذه القصيدة وموضعها المميز،و يحضرني العالم الجليل عبدالرحمن ابن خلدون رحمه الله،صاحب المقدمة المشهورة، فقد كان وزيرا في المغرب ثم تولى القضاء ومناصب عليا في الدولة في المغرب وفي مصر على فترات متفاوته من حياته، ولم تمنعه تلك المناصب من التأليف والتصنيف، علما بأن مقدمته تعد القاعدة في علم الاحتماع على مستوى العالم اليوم، ولايخلو كتاب اجتماع في كافة بقاع الأرض من ذكر هذا العالم، وإن لم أنس فقد أمضى أكثر من عشرين سنة في تأليف تاريخه أو قريب منها، وقد توفي عام 808 هـ رحمه الله
والله تعالى أعلم وأحكم0
ولك أجمل التحايا
¥