تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أبو القاسم الشابي]

ـ[الأخطل]ــــــــ[13 - 07 - 2003, 04:45 م]ـ

نظرة شرعية في أدب أبو القاسم الشابي

ترجمته:

هو أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي. وُلد في الشابيّة إحدى ضواحي توزر سنة 1909بتونس.

لم يمكث الشابي في مسقط رأسه إلا قليلاً، فقد اضطر أن ينتقل مع أبيه القاضي من مكان إلى مكان، وأن يضرب في الديار التونسية من بيئة إلى بيئة، وفي سنة 1920 التحق بجامع الزيتونة، فأتقن القرآن والعربية وتمرّس بالأدب، وكان له ميل شديد إلى المطالعة، فحصّل بها وبنشاطه ثقافة واسعة جمع فيها ما بين التراث العربي القديم ومعطيات الفكر الحديث والأدب الحديث، وغذّى مواهبه بأدب النهضة في مصر ولبنان والعراق وسورية والمهجر، كما نمى طاقاته الأدبية والشعرية بمطالعة ما تُرجم إلى العربية من آداب الغرب، ولا سيمّا أدب الرومنطيقية الفرنسية. وقد ظهر نبوغه الشعري وهو في الخامسة عشرة من عمره.

على أثر تخرّجه من جامع الزيتونة التحق بكلية الحقوق التونسية، وكان تخرجه منها سنة 1930. في هذه الأثناء توفّي والده وترك له عبء الحياة ثقيلاً، فحاول أن ينهض بالعبء ومسؤولية العيلة، ولكنه أصيب بداء تضخّم القلب وهو في الثانية والعشرين من عمره فنهاه الأطباء عن الإرهاق الفكري فلم ينتهِ، وواصل عمله وفي نفسه ثورة على الحياة، وفي قلبه تجهم قتّال.

وفي صيف 1934 جمع ديوانه "أغاني الحياة" ونوى أن يطبعه في مصر، ولكن الداء اشتدّ به وألزمه الفراش، فنُقل إلى المستشفى الإيطالي بالعاصمة حيث فارق الحياة في التاسع من شهر تشرين الأول سنة 1934. ونقل جثمانه إلى مسقط رأسه ودُفن في الشابيّة".

(الموجز في الأدب العربي وتاريخه (4/ 699 - 700) لحنا فاخوري) و (الجامع في تاريخ الأدب العربي) (ص554 وما بعدها) لحنا فاخوري.

- يعد أبو القاسم الشابي -بحق- شاعر الاكتئاب والتشاؤم في العصر الحديث، فمعظم شعره يدور حول كرهه للحياة أو التحدث عن مآسيها، وكثرة الاعتراض على أقدار الله، إضافةً إلى تشاؤمه الواضح لكل مطلع على آثاره.

يقول الباحث أبو القاسم محمد كرو، وهو الخبير بالشابي-:"الشيء الذي يلاحظ في شعر أبي القاسم عامةً هو رفضه للحياة البشرية على أنها مظلمة مزيفة، يصيب الإنسان فيها الشقاء والألم ". (آثار الشابي، ص 10).

ولعل المرض الذي أصابه كان سبباً في هذه الظاهرة المقارنة لشعره.

يقول الدكتور عمر فروخ: "كان للمرض الذي عاناه الشابي أثر بالغ في اتجاهه في الحياة وفي الشعر، وسنجد شعره مملوء بالتشاؤم وبالنقمة على الناس وعلى أحوالهم".

ويقول:"لا خلاف في أن الشابي كان متشائماً كئيب النفس، فقد قال هو عن نفسه:" إنني في كثير من الأحيان .. تطغى على نفسي كآبه الملل المبهم، فأصرف عن الكتب والناس، ويوصد قلبي عن جمال الوجود"

ويقول الدكتور عمر فروخ: "فالشابي متشائم ناقم على الناس، كاره للحياة". (الشابي شاعر الحب والحياة، ص: 116 - 117، 119، 124).

وقد قيل -أيضاً- بأن موت والده وتحمله أعباء الحياة مبكراً كان السبب الرئيس لهذا التشاؤم والاكتئاب والحزن.

ومهما قيل من أسباب فقد كان الواجب على الشاعر وهو مسلم أن يرضى بأقدار الله وأن يلتجئ إليه سبحانه في كشف ما يصيبه من ملمات وأن يسارع في التزام عبودية الله -سبحانه- واتباع أوامره وترك نواهيه لكي يعثر على السعادة والاطمئنان النفسي اللذين طالما بحث عنهما كما يتبين ذلك من أشعاره.

ولكن الشاعر اختار الطريق الآخر الذي لا يجدي شيئاً ولا يغير من أحوال الكون أو يرد أقدار الله، وهو طريق التشاؤم والنظرة السوداوية للحياة.

وإليك شيئاً من أشعاره التي تبين مدى إغراقه في الحزن والضجر من الحياة:

يقول في قصيدة (الكآبة المجهولة): (ديوانه، ص 90 - 91) "

أنا كئيب

أنا غريب

كآبتي خالفت نظائرها

غريبة في عالم الحزن

كآبتي فكرة

مغردة مجهولة من مسامع الزمن"

ويقول (115):

"إن الحياة كئيبة مغمورة بدموعها"

ويقول (122):

"سئمت الحياة وما في الحياة"

ويقول (156):

"الاكتئاب الكافر"

أما اعتراضه على (القدر) فيكفيك منه قصيدته الرنانة (406):

إذا الشعب يوماً أراد الحياة

فلابد أن يستجيب القدر

ويقول (340):

ولكن هو القدر المستبد

يلذ له نوحنا، كالنشيد!

ويقول (478):

وقهقه القدر الجبار سخرية

بالكائنات تضاحك أيها القدر!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير