"مَدْحِيهِ" هل= "مدحي أياه"
ـ[بوحمد]ــــــــ[07 - 11 - 2003, 04:45 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان ابن جدار - كاتب العباس بن احمد بن طولون - يتكسّب بالشعر قبل تعلقّه بالعباس، فصار الى دار إسحاق بن دينار بن عبدالله وامتدحه، فلم يهب له شئ، فقال فيه:
عَجِبَ الناسُ أن مدحت ابن دينا=ر فلم يُجِزْني على مَدْحِيهِ
قلت لا تعجبوا فما قِدَمُ اللُّؤْ=مِ عجيباً منهُ ولا مِنْ أخيهِ
إنَّ دِينارَهُ أبوهُ، ومن جا=دَ مِنَ الناس لامرئٍ بأبيهِ
مدحِيهِ .. أفهمها على أنها "مدحي أياه" ..
فهل نستطيع على هذا القياس أن نقول:
شوقيهِ: شوقي إليه؟ .. (ولكن ماذا نقول لشوقه إلي؟)
حُبّيهِ: حُبّي إياه؟
بُغضيهِ: بُغضي له؟
هل هناك قاعدة لهذا النوع من التصريف أو الدمج بين الاسم والضمير؟
ومضة .. بل هي فكرة غريبة! ولكن .. فكّروا معي ..
أورد أبو إسحاق الحصري القيرواني في جواهره ص97 - 98 بعضاً من شعر ابن جدار وهي لطيفة خصوصاً تلك التي قالها في المنادمة والاعتذار و وصف القلم .. ولكن الغريب أنه قام بترجمة سيرة العباس بن احمد بن طولون بدلاً منه!! مع أنه لم يورد له شئ من شعره!!
هل ذلك مردَّه إلى أن ابن جدار هو مجرد كاتب مغمور و متواضع عند العباس؟!
بل وجدت من أمثال ابن جدار هذا في دُرر الكتب الأدبية ممن لم ينالوا حظهم من الشهرة بالرغم من روعة اشعارهم وصدقوني ... هم كُثر ..
رحم الله أبي تمام فقد شخَّصَ الداء و بيَّنَ الدواء:
وإذا أرادَ اللهُ نشرَ فضيلةً=طويت، أتاحَ لها لسانَ حسودِ
لولا اشتعال النار فيما جاورت=ما كان يعرف طيبُ عَرْفِ العودِ
لولا التخوف للعواقب لم تزل=للحاسد النُّعْمَى على المحسودِ
أظن أصبح للحسد والحاسدين -بعد أبيات الطائي هذه- سوق رائجة بين المغمورين! بل كأني بهم وقد أدركوا أن هذا النوع من الحسد هو من أبواب الخير! ..
لنتمعن في الموضوع قليلاً ..
الحاسد هو إنسان ..
والأنسان يحمل صفتين متناقضتين في نفس الوقت .. الخير والشر ..
وقد أمرنا سبحانه وتعالى أن نعوذ به من شرِّ حاسدٍ وليس من خير حاسدٍ!
ألا يكون هذا هو من باب "خيرُ حاسد إذا حسد" الذي روَّجَ له أبو تمام؟!
ليت الطائي بيننا في هذا المنتدى ليجيب ...
بوحمد
ـ[بديع الزمان]ــــــــ[14 - 11 - 2003, 03:23 ص]ـ
أهلا بك أخي الفاضل أبا حمد وكأنّي بك تعلن احتجاجك السلمي على عدم التفاعل مع طروحاتك الثريّة فتلوذ بالصمت (أرجو ألا يكون الأمر كذلك) 0
عن (مدحيه) وما أشبهها قال ابن مالك رحمه الله تعالى:
وصل أو افصل هاء سلنيه وما ــــــــــــــ أشبهه في كنته الخلف انتمى 0
أي إذا اجتمع ضميران أولهما أخصّ غير مرفوع والعامل فيهما غير ناسخ للابتداء فعلا كان مثل، قوله تعالى: " فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " (البقرة:137)
أو اسما، نحو قول الشّاعر:
لئن كان حبّيك لي كاذبا ـــــــــــــ لقد كان حبّيك حقّا يقينا 0
وقول الآخر:
فلا تطمع أبيت اللعن فيها ــــــــــــ ومنعكها بشيء يستطاع 0
فيجوز في ثاني الضميرين الاتّصال والانفصال أرجح مع الأسماء والاتصال أرجح مع الأفعال 0
فالشاعر استعمل (مدحيه) وهو جائز لكنّ الأفصح منه (مدحي إيّاه) 0*
وليس الأمر كذلك إذا كان الضمير بعد الفعل أو الاسم مخفوضا فإنه يجب حينئذ اتصاله بخافضه 0
ملحظ: الأصل في الضمير الاتصال لأنه يحقق الاختصار والإيجاز الذي يستعمل الضمير أصلا من أجلهما 0
آمل أخي الحبيب أن أكون وفقت في الإجابة على سؤالك 0
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* انظر: شرح الأشموني على الألفيّة 1/ 117
ـ[أبو سارة]ــــــــ[14 - 11 - 2003, 04:43 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا يا استاذنا بديع الزمان
وأود إخبار الأخ (بو حمد) بأننا وإن لم نجب على بعض الأسئلة لعدم معرفتنا الأجوبة فإننا نقرأ مايكتبه ببهجة وتلذذ وإعجاب
فليعلم ذلك مشكورا أبقاه الله ورعاه
ـ[بوحمد]ــــــــ[15 - 11 - 2003, 01:48 م]ـ
إذا أحسَسْتَ في لفظي فُتوراً=وخطي والبلاغةِ والبيانِ
فلا تعجب لذاك فإن رقصي=على مقدار إيقاعِ الزمانِ
(أبو الفتح البُستي)