تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رثاء بغداد]

ـ[سيد القوافي]ــــــــ[14 - 02 - 2004, 12:11 ص]ـ

[رثاء بغداد]

شعر: فيصل بن محمد الحجي

أنكرتُ وجهكِ سمرةً وبُهاقا ** وجَفَوْتِني .. لا تمنحينَ عِناقا

أرضيتِ حُسناً زائفاً مستورداً ** كي تُعجبي من أفسدوا الأذواقا

أو تسمحينَ لغادر أن يستبي ** ذاك الجمال .. لتحرمي العشّاقا

أرضيتِ؟ أم أُلبستِ ثوبَ موافق ** قسراً .. وما لمسَ الرّضى الأعماقا؟

لولا الخيانة ما انحنت أسوارها ** للغاصبين .. فأطلقوا الأشداقا

فعصابة (ابن العلقمي) تسلّلت ** تحتَ الظلام لتفتح المغلاقا

كم طُفْتُ بين الرافدين منادياً: ** يامن رأى لي في العراق عِراقا

خطفوه شبلاً يافعاً متمرداً ** ألفَ الحياة تنافساً وسباقا

والله ما جاؤوا لضربة ظالمٍ ** بل يقصدون الدين والأرزاقا

جاؤوا لعبِّ النفط من ينبوعه ** لمّا غدا لحياتهم ترياقا

خضعوا لإسرائيل في أطماعها ** حتى غدوا لضلالها أبواقا

والله ما صُلب المسيح .. وإنما ** أتباعه صلبوا الورى إزهاقا

هجروك يا عيسى فصار وليّهم ** كوهين .. فانتهز الهوى واستاقا

ولذاك أغراهم ببغداد التي ** تختال كأساً للثراء دِهاقا

قد صيّروا دار السلام ببغيهم ** داراً لحرب تنقض الميثاقا

ساروا بأسلحة الدَّمار فأهلكوا ** الإ نسان والتاريخ والأخلاقا

سفكوا دماء الأبرياء ودمّروا ** فوق الرؤوس الدّور والأسواقا

فكأنما للرافدين روافد ** تجري دماً متلاطماً دفاقا

يبكي (الرشيد) إذا رأى مأساتها ** مثل الهِزَبْرِ يقلّب الحِملاقا

ويصيح: كلب الرّوم عاد ولم يذق ** طعم السيوف ولم يشد وثاقا؟!

يبكي لها (المأمون) من إجرامهم ** إذ أحرقوا أسفارها إحراقا!!

لم ينضو الأشراف في تدبيرهم ** فاستنفروا الشذاذ والسُّراقا

يبكيك (معتصمُ) الرجال مزمجراً ... ويصيح: يكفي يا رجال نِفاقا

يبكي (صلاح الدين) إذ أحفاده ** ناموا بأحضان الصليب عِناقا

وكذلك التاريخ يبكي غاضباً ** يرمي على وجه الغزاة بُصاقا

أين الحضارة يا ذئاباً قد غزت ** كل الشعوب وأزهقت إزهاقا؟

إنّ (الهنود) مع (الزنوج) جميعهم ... هم بعض من عرف الهوان وذاقا

ولكم لدى (اليابان) جرحٌ غائرٌ ** حفرته (قنبلة النّوى) أطباقا

أين التحرُّر وادّعيتم أنّ في ** دعوى التحرر ضلة وإباقا؟

لا تعجبوا فالكفر دين واحد ... كره السلام وللحياء أراقا

بل فاعجبوا للمسلمين ودينهم ** جعل الجهاد شعاره العملاقا

فعلام ينحسر الهلال ويختفي ** وبنو الصليب تطاولوا أعناقا؟

كيف استساغوا الذلّ في أوطانهم ** والسمّ أطيب مطعماً ومذاقا؟!

ما بال عنترة الفوارس غافلاً ** وديار (عبس) تشتكي الإرهاقا؟

سقط القناع عن القناع مع القنا ع .. ** فهل صحا من نومه وأفاقا؟

ما بال أصحاب البصائر قد عَمُوا ** مسخوا العقول وكبّروا الأشداقا؟!

ما بال (زرقاء اليمامة) أجهشت ** ومن البكاء تورّمت أحداقا؟!

تبكي لأن رجالها لم يُبصروا ** ما أبصرت .. وتعمدوا الإخفاقا

الله قد جعل العتاق خيولنا ** ونبينا تخذ المَطيّ (بُراقا)

فعلام تجتنب الحروب خيولنا ** حتى تروم رياضة وسباقا؟!

جلُّ الشعوب تحررت وتقدّمت * * ما بال قومي لازموا الأنفاقا؟!

قد كان يدفعني الرّجاء لأن أرى ** جند الصليب مكبلين وثاقا

أتموت أمنيتي بليل مخاضها ** قهراً .. كمن يهب العروس طلاقا؟

يا أمة بزغت كبدرٍ دائم ** عبر العصور .. ولا يطيق محاقا

دول هي الأيام .. يهوي هابط * * ليجيءَ عزٌّ يملأ الآفاقا

قد سرت في ركب الهوان يقوده ** قزمٌ هزيل لا يطيق لَحاقا

لا .. لا يدوم الظلم إنّا أمةٌ * * لا تستكين لباطل إن حاقا

فكأننا وكأنهم بضحى غدٍ في ساحها كأس الردى نتساقى

بغداد يا لدة الخلود .. ولا خلو د يدوم إلا الواحدَ الخلاّقا

للمجد أجنحة فمن لم يحتفظ بجناحه فالعجز جارَ وَعاقا

بغداد حصن للأصالة والهدى ** تأبى (العلوج) ولا تريد (رفاقا)

بغداد يا موج الهوى في دجلة ** أو في الفرات مسلسلاً رقراقا

قلبي يحدّثني .. وقلبي صادق** في حبّه .. لا يستسيغ فراقا

قلبي يحدّثني: برغم حشودهم ** وعدائهم لا بدّ أن نتلاقى .. !

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير