[ما هو التحقيق؟]
ـ[بوحمد]ــــــــ[25 - 01 - 2004, 01:23 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
"اللي يصحى بدري، ينزّل شريط"
تذكرت هذا المثل العامي بالذات وأنا أقرأ "كتاب الأمثال" لأبي فيد مؤرِّج بن عمرو السدوسي .. وحققه الدكتور رمضان عبدالتواب، عميد كلية الآداب جامعة عين شمس .. !!!
دعوني أولاً أوضح بعض الحقائق عن هذا الكتاب قبل أن أزعجكم –كالعادة- بأسئلتي!:
1 - كتاب الأمثال (من الجلدة للجلدة) هو 130 صفحة ..
2 - المقدمة والتي يبدأ بها أي محقق بشرح طريقته بالتحقيق والإضافات التي سعى أصلاً لتثبيتها لتوضيح فكرة الكتاب .. تبدأ بصفحة 5 وتنتهي بمنتصف صفحة 6!! (فقط صفحة ونصف أي 1% من الكتاب!).
3 - من صفحة 7 وحتى 20 هي مجرد سرد ما ذكرته بعض المراجع عن مؤرج السدوسي وبدون أي إضافة او تعليق!
4 - من صفحة 21 وحتى سبعة أسطر في صفحة 23 هي مقدمة ثانية عن كتاب الأمثال والتي يبين المحقق (لأول مرة) بأنه قام بترتيب تلك الأمثال!! وشرحها؟؟! بينما الحقيقة أنه كان يشير فقط إلى لسان العرب أو أي مرجع آخر عند أغلب الكلمات الغريبة وبدون توضيح معناها!!
5 - من صفحة 25 وحتى صفحة 33، صور للمخطوط!! ..
6 - موضوع الكتاب (وهو الأمثال بالطبع إن كنتم قد نسيتموه بعد هذه الإطالة!)، تبدأ بصفحة 37 وتنتهي بصفحة 89، (52 صفحة فقط أي ما يعدل 40% من الكتاب!).
الكتاب به 117 مَثل، 104 مَثل من الكتاب الأصلي و ستة أمثلة قال عنها المحقق بأنها زيادات في النسخة الخطية!، وسبعة أمثال فقط اختارها المحقق من المراجع!، ليصبح المجموع 117 مَثل ..
7 - الفهارس والمراجع تبدأ بصفحة 91 وتنتهي بصفحة 130 (39 صفحة أي ما يعادل 40% تقريباً).
قضيت أكثر من خمسة أيام متنقلاً بين المراجع في محاولة فهم أغلب تلك الكلمات الغريبة التي وردت بكتاب الأمثال! بينما يقول المحقق في المقدمة (ص 6) أنه قضى عشر سنوات ينقب في بطون المراجع ليجمعها ويبين غريبها! .. وهذا ما وصل إليه:
1% من الكتاب هي المقدمة (صفحة ونصف فقط)!.
40% من الكتاب هي مجرد قص ولصق للأمثال!!
40% من الكتاب للفهارس والمراجع!!
9% قص ولصق لصور المخطوط!!
أما الحاشية فهي في الغالب إما لترشد القارئ للمصادر التي أخذ منها المَثل أو بيت الشعرأو لتوضيح أن الشاعر المغمور جريرهو جرير بن عطية الخطفي!
ثم لِمَ أضاف المحقق سبعة أمثال فقط للأمثال الأصلية؟ هل فقط ليوجد مبرر لتلك القائمة الطويلة من المراجع في آخر كتابه؟!
هل هذا هو التحقيق؟!
هل هذا ما نتوقعه من عميد كلية الآداب بعد أن قضى عشر سنوات بتحقيق هذا الكتاب فقط؟!
في مكتبتي العديد من دواوين الشعر وأغلبها لمحقق واحد!! أتسائل كيف استطاع محقق واحد فقط (كمجيد طراد) أن يحقق جميع تلك الدواوين بينما استغرق عميد كلية الآداب بجامعة عين شمس عشر سنوات ليأتينا بكتاب الأمثال!
أنا لا أريد أن أنفي المجهود الذي بذله هذا الدكتور ولكني أقول أن كتابه لم يكتمل النضج بعد .. فهذا ما أقرّه هو بلسانه في ص6! فلِمَ استعجلت الطبع إذن يادكتور؟ هل خشيت أن يسبقك أحدهم اليه؟ أو ربما قام أحد تلاميذك بسرقته؟ وهذا يجرني للمثال الثاني للتحقيق:
الذي أصابني حقّاً بخيبة أمل هو ما قرأته في مقدمة ديوان ابن عبدربه الاندلسي (جمعه وحققه الدكتور محمد أديب عبدالواحد جُمران إصدار مكتبة العبيكان) ..
قصة هذا المحقق مضحكة مبكية، فهو يروي في المقدمة كيف استطاع أستاذه الدكتور في الجامعة أن يستولي على عمله وينشره باسمه! .. وكيف تمكن هو بذكاء! أن يعطيه معلومات خاطئة والتي لم يكلف أستاذه الدكتور عناء التأكد مما كتبه تلميذه، فنزل الإصدار الأول بأخطاء عديدة!! وقام التلميذ الآن بنشر الديوان وقد أزال تلك الأخطاء (المتعمدة!) ... والقراء الأغبياء - كما يظن الدكتوران- لم يرفضوا كذبة الأول وقبلوا عذر الثاني!!
لن أقول أكثر فالديوان موجود بمكتبة العبيكان ويمكنكم الإطلاع عليه ..
دعوني لا أستطرد كثيراً وأرجع لأصل السؤال الذي بدأت به:
ما هو التحقيق؟!
بوحمد
ـ[أبو سارة]ــــــــ[25 - 01 - 2004, 09:01 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله يا أبا حمد
في اللغة: تحقق عنده الخبر أي صح، وحقق قوله وظنه تحقيقا أي صدّقه، وكلام محقق أي رصين0
وفي الكتب: الأصل في التحقيق أن المحقق يجد كتابا قديما فيحققه أي يرجعه إلى أصله الذي وضعه مؤلفه، أو إلى أقرب صورة تركه المؤلف بها،ثم يحقق نسبة الكتاب إلى مؤلفه بأنه بالفعل من تأليفه،ويسوق الأدلة على ذلك0
وللتحقيق مراحل معروفة عند المحققين 0
أما ما نراه في أكثر الكتب من زيادة في الهوامش والتوسع في الحواشي، فليست من التحقيق في شيء وهي أقرب إلى التجارة منها إلى التحقيق، أما أذا كانت من محقق مشهود له بالتحقيق كأحمد شاكر على مسند الإمام أحمد مثلا، فإنها زيادات محمودة0
وأما إذا كانت لمحقق دخيل على هذه الصنعة فلا0
وليس التحقيق مقصور على الكتب، فقد يكون لبيت شعر أو مثل أو مقولة، كبيت الشعر المشهور:
إن لم تمت بالسيف مت بغيره == تتعدد الأسباب والموت واحد
فقد ذكر بعض المحققين أن هذا البيت لابن نباتة المتوفى سنة 374هـ، وجاء أصله هكذا:
ومن لم يمت بالسيف مات بعلة = = تنوعت الأسباب والداء واحد
وقد يأتي محقق ويثبت مصدرا أقدم من هذا فيكون تحقيقه أقوى لقرينة القدم، وهكذا0
ولك أجمل التحايا0
¥