[كتب الأسلوب البليغ وكيف تقرأ ... ؟ للأديب مصطفى الرافعي]
ـ[ابن قتيبة]ــــــــ[31 - 10 - 2003, 04:07 ص]ـ
يا أبا رية:
الإنشاء لا تكون القوة فيه إلا عن تعب طويل في الدرس وممارسة الكتابة والتقلب في مناحيها والبصر بأوضاع اللغة وهذا عمل كان المرحوم الشيخ عبده يقدر انه لا يتم للإنسان في أقل من عشرين سنة. فالكاتب لا يبلغ أن يكون كاتباً حتى يقطع هذا العمر في الدرس وطلب الكتابة.فإذا أوصيتك أن تكثر من قراءة القرآن ومراجعة الكشاف (تفسير الزمخشري). ثم إدمان النظر في كتاب من كتب كالبخاري أو غيره ثم النفَس في قراءة آثار ابن المقفع (كليلة ودمنة واليتيمة والأدب الصغير) .. ثم رسائل الجاحظ، وكتاب البخلاء، ثم نهج البلاغة، ثم إطالة النظر في كتاب الصناعتين للعسكري والمثل السائر لابن الأثير ثم الإكثار من مراجعة أساس البلاغة للزمخشري. فإن نالت يدك مع ذلك كتاب الأغاني أو أجزاء منه والعقد الفريد، وتاريخ الطبري فقد تمت لك كتب الأسلوب البليغ.
اقرأ القطعة من الكلام مراراً كثيرة ثم تدبرها وقلِّب تراكيبها ثم احذف منها عبارة أو كلمة وضع من عندك ما يسد سدها ولا يقصّر عنها واجتهد في ذلك، فإن استقام لك الأمر فَترقَّ إلى درجة أخرى.
وهي أن تعارض القطعة نفسها بقطعة تكتبها في معناها وبمثل أسلوبها فإن جاءت قطعتك ضعيفة فخذ في غيرها ثم غيرها حتى تأتي قريباً من الأصل أو مثله.
اجعل لك كل يوم درساً أو درسين على هذا النحو فتقرأ أولا في كتاب بليغ نحو نصف ساعة ثم قطعة منه فتقرؤها حتى تقتلها قراءة ثم تأخذ في معارضتها على الوجه الذي تقدم (تغيير العبارة أولا ثم معارضة القطعة كلها ثانياً) واقطع سائر اليوم في القراءة والمراجعة. ومتى شعرت بتعب فدع القراءة أو العمل حتى تستجم ثم ارجع إلى عملك ولا تهمل جانب الفكر والتصور وحسن التخيل.
هذه هي الطريقة ولا أرى لك خيراً منها وإذا رزقت التوفيق فربما بلغت مبلغاً في سنة واحدة.
وأول رأيك أن تستفيد_____وآخر رأيك أن تجتهد
هذا بيت عرض لي فربما كان خلاصة الوصية ........
وفي الختام أرجو أن توفق فيما تحاول والسلام.
منقول
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[31 - 10 - 2003, 09:58 م]ـ
شكرا يا أخي الفاضل على هذا الموضوع
وكتب البيان العالي صارت ثقيلة على النفوس هذه لأيام
وتحتاج إلى إعادة قراءة عدة مرات للفهم فكيف بمن يريد أن يحذو حذوها؟ لا شك أن مهمته أصعب وجهده أعلى
جزاك الله خيرا
ـ[د. خالد الشبل]ــــــــ[31 - 10 - 2003, 10:22 م]ـ
شكرًا يا أستاذ ابن قتيبة، وقد وصلني على بريدي اليوم هذا:
هذه مراسلةٌ جرتْ بيني وبينَ أحدِ الإخوةِ، وأحببتُ نشرها، حتى أستفيدَ ويستفيدَ منها الجميعُ، ولنكوّنَ لنا مدرسةً خاصّةً بالكتابةِ، وكذلكَ لأستفيدَ من آرائكم ومقترحاتكم.
أيّها الأخُ الكريمُ المُباركُ:
السلامُ عليكم ورحمة ُ اللهِ وبركاتهُ
وصلتني رسالتُكَ وصلكَ اللهُ بهداهُ، وكم سرّني فيها جميلُ لفظكَ، والذي دلَّ على كريم ِ أصلكَ، والنّاسُ لا تزالُ - بحمدِ اللهِ - في خير ٍ ونعمةٍ.
أيّها الأخُ الكريمُ:
الأدبُ نعمة ٌ عظيمة ٌ من نعم ِ اللهِ تعالى، وبلا شكٍّ أنّ من أعطيها فقد أعطيَ خيراً كثيراً، وقد قالَ النبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ: " إنَّ من البيان ِ لسحراً "، ولا زالَ النّاسُ يعرفونَ للأديبِ والناثر ِ والشاعر ِ أقدراهم، ويُعلونَ ذكرهم، ويحفظونَ مكانتهم، وقديماً قالوا في الأمثالِ: الشعرُ ديوانُ العربِ.
والكلامُ عن أصول ِ الكتابةِ، وتقويةِ الأسلوبِ طويلٌ ذو فصول ٍ، ويحتاجُ إلى وقتٍ ذي فُسحةٍ، إلا أنّهُ باتفاق ِ علماءِ الأدبِ، يأتي بالقراءةِ الواسعةِ، وبالممارسةِ وكثرةِ الكتابةِ، إضافة ً إلى مُحاكاةِ أساليبِ الكتّابِ الأقدمينَ، والسير ِ على طريقتهم، وانتهاجِ نهجهم، إلى أن تختصّ بأسلوبٍ خاصٍّ بكَ.
ومن الناس ِ من لا يكونُ عندهُ ذلكَ الأسلوبُ الحسنُ، ولا الموهبةُ الكتابيّةُ، ولا الحسُّ الأدبيُّ، ولا تكونُ لديهِ ذخيرة ٌ من المعلوماتِ حاضرة ٌ لديهِ، ولكنّهُ مع كثرةِ البحثِ والقراءةِ وممارسةِ الكتابةِ، يصبحُ شخصاً مطبوعاً على الأدبِ وحسن ِ الإنشاءِ.
وهناكَ العديدُ من الكتبِ النافعةِ في مجال ِ النثر ِ وأصولهِ.
منها على سبيل ِ المثالِ:
¥