الطاوي: الجائع. يعارض الريح: يستقبلها. أي: يكون عكس اتجاهها. وهذا الوضع يساعده على شمّ رائحة الفريسة واتّباعها. الهافي: الذي يذهب يميناً وشمالاً من شدَّة الجوع، وقيل: معناه السريع. يخوت. يختطف وينقض. أذناب: أطراف. الشِّعاب: جمع الشِّعب، وهو الطريق في الجبل. يعسل: يمر مَرَّاً سَهْلاًَ. وفي هذا البيت تتمة لما في البيت السابق من وصف للذئب.
29 - فَلَما لَوَاهُ القُوتُ مِنْ حَيْثُ أَمَّهُ دَعَا فَأجَابَتْهُ نَظَائِرُ نُحَّلُ
لواه: دفعه، وقيل: مطله وامتنع عليه. أَمَّه: قصده. النظائر: الأشباه التي يشبه بعضها بعضاً. نُحَّل: جمع ناحِل، وهو الهزيل الضامِر. يقول: بعد أن يئس هذا الذئب من العثور على الطعام، استغاث بجماعته، فأجابته هذه، فإذا هي جائعة ضامرة كحاله.
30 - مُهَلَّلَةٌ شِيبُ الوُجُوهِ كأنَّها قِدَاحٌ بأيدي ياسِرٍ تَتَقَلْقَلُ
مُهَلَّلة: رقيقة اللحم، وهي صفة لـ" نظائر " التي في البيت السابق. شِيب: جمع أَشْيَب وشيباء. القِداح: جمع قِدْح، وهو السَّهْم قبل بريه وتركيب نصله، وهو، أيضاً، أداة للقمار. الياسر: المقامِر. تتقلقل: تتحرك وتضطرب. وفي هذا البيت يصف الشاعر الذئاب الجائعة الباحثة عن الطعام، فإذا هي نحيلة من شدة الجوع، بيضاء شعر الوجه، مضطربة كسهام القمار.
31 - أوِ الخَشْرَمُ المَبْعُوثُ حَثْحَثَ دَبْرَهُ مَحَابِيضُ أرْدَاهُنَّ سَامٍ مُعَسِّلُ
"أو" للعطف إمّا على الذئب الأزلّ في البيت الذي سبق قبل ثلاثة أبيات، وإمَّا على، " قداح " التي في البيت السابق، وجاز عطف المعرفة على النكرة لأنه أراد بـ" الخشرم " الجنس إبهاماً، و" قداح " وإن كان نكرةً، فقد وُصف، فاقترب من المعرفة. والخشرم: رئيس النحل. حَثْحَثَ: حرك وأزعج. الدَّبْر: جماعة النَحْل. المحابيض: جمع المحبض، وهو العود مع مشتار العسل. أرداهُنَّ: أهلكهنّ. السامي: الذي يسمو لطلب العسل. المعَسَّل: طالب العسل وجامعه.
32 - مُهَرَّتَةٌ فُوهٌ كَأَنَّ شُدُوقَها شُقُوقُ العِصِيِّ كَالِحَاتٌ وَبُسَّلُ
المُهَرَّتة: الواسعة الأشداق. الفُوه: جمع "الأفوه " للمذكَّر، والفوهاء للمؤنث، ومعناه المفتوحة الفم. الشدوق: جمع الشّدق، وهو جانب الفم. كالحات: مكشرة في عبوس. البُسَّل: الكريهة المنظر. والشاعر في هذا البيت يعود إلى وصف الذئاب التي تجمّعت حول ذلك الذي دعاها لإنجاده بالطعام، فيصفها بأنها فاتحة أفواهها، واسعة الشدوق، كئيبة كريهة المنظر.
33 - فَضَجَّ وَضَجَّتْ بالبَرَاحِ كأنَّها وإيّاهُ نُوحٌ فَوْقَ عَلْيَاءَ ثُكَّلُ
ضجَّ: صاح. البراح: الأرض الواسعة. النوح: النساء النوائح. العلياء: المكان المرتفع. الثكَّل: جمع الثَّكْلى، وهي المرأة التي فقدت زوجها أو ولدها أو حبيباً. والمعنى أن الذئب عوى فعوتِ الذئاب من حوله، فأصبح وإيّاها كأنَّهن في مأتم تنوح فيه الثكالى فوق أرض عالية.
34 - وأغْضَى وأغْضَتْ وَاتَّسَى واتَّسَتْ به مَرَامِيلُ عَزَّاها وعَزَّتْهُ مُرْمِلُ
أغْضى: كفّ عن العواء. اتَّسَى، بالتشديد: افتعل من "الأسوة "وهي الاقتداء، وكان الأصل فيه الهمزة، فأبدلت الهمزة ياء لسكونها وكسر همزة الوصل قبلها، ثُم أُبدلت الياء تاء، وأُدغمت في تاء الافتعال. ويروى بالهمزة فيهما من غير تشديد، وهو أجود من الأوّل، لأن همزة الوصل حذفت لحرف العطف، فعادت الهمزة الأصليّة إلى موضعها، كقولك: وائتمنه، والذي ائتمن. والمراميل: جمع المرمل، وهو الذي لا قوت له. والمعنى أن الذئب وجماعته وجدا حالهما متّفقين يجمعهما البؤس والجوع، فأخذ كل منهما يعزِّي الآخر ويتأسَّى به.
35 - شَكَا وَشَكَتْ ثُمَّ ارْعَوَى بَعْدُ وَارْعَوَتْ وَلَلْصَبْرُ إنْ لَمْ يَنْفَعِ الشَّكْوُ أجْمَلُ
شكا: أظهر حاله من الجوع. ارعوى: كفَّ ورجع. الشكو: الشَّكوى. وعجز هذا البيت حكمة، ومفادها أنَّ الصبر أفضل من الشكوى إن كانت غير نافعة.
36 - وَفَاءَ وَفَاءَتْ بَادِراتٍ وَكُلُّها على نَكَظٍ مِمَّا يُكَاتِمُ مُجْمِلُ
فَاءَ: رجع. بادرات: مسرعات، وبادره بالشيء أسرع به إليه. النكظ: شدَّة الجوع. يكاتم: يكتم ما في نفسه. مُجْمِل. صانع للجميل. وفي هذا البيت يتابع الشاعر وصف الذئاب، فيقول إنهنَّ بعد يأسهن من الحصول على الطعام، عدن إلى مأواهنَّ، وفي نفوسهن الحسرة والمرارة.
¥