تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الكتابة الوصفيه في عصر الضعف]

ـ[تأبط شعرا]ــــــــ[12 - 03 - 2008, 12:24 ص]ـ

الكتابة الوصفية: قيمتهاووجهتها في العصر المملوكي

الحمد لله الذي هَدَانَا لِهَذَا، وَمَا كُنَّا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله الذي علم بالقلم، عَلَّمَ الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام علىالمبعوث رحمةً للعالمين والداعي إلى الله بإذنه والسراج المنير، سيدنا محمد وعلىآله وأصحابه أجمعين:

والكتابة الوصفية فن من فنون الكتابة الإنشائية، بل هي أبرز الفنون الكتابية عندالمنشئين؛ فهي الحلبة التي تتجلى فيها المنافسة الأدبية، وتظهر فيها آثار القرائحونبضات العواطف ومواطن الإحسان ومناط الخيال والإبداع، فهي رسائل أدبية نَدِيَّةومعارض من القول ذات رؤى، وقد استجاب الأدباء المترسلون لعواطفهم، وانقادوالأحساسيهم، فصوروا انفعالاتها تجاه الكون وبدائعه والظواهر الطبيعية ومشكلاتالثقافة والفن، بل وصوروا كل ما يتصل بالنفس والمجتمع والحياة في رسائل وصفية، فيهذا اللون الوصفي نلمح أثر الخيال اللماح، وتفنن الكتاب في الوصف، والبراعة فيالتعبير الأنيق، من هذه الرسائل الوصفية ما كتبه ابن حبيب الحلبي المتوفى في سنةتسع وسبعين وسبعمائة للهجرة في وصف سفينةٍ في بحرٍ هائج، جاءت هذه الرسالة الوصفيةفي كتاب ابن حبيب الحلبي (نسيم الصبا) وهو في الأدب الوصفي، يقول:

هَزَّتْنِي رياح الأمل البسيط إلى امتطاء ثبج البحر المحيط، فأتيت سفينةً يطيبللسفر مثواها، وركبت فيها باسم الله مجراها ومرساها، يا لها سفينة على الماء أمينة، ذاتِ دسر وألواح -ولك أن تقول على القطع ذاتُ دسر وألواح-، تجري مع الرياح، وتطيربغير جناح، وتعتاض عن الحادي بالملاح، تخوض وتلعب، وترد ولا تشرب، لها قلاعكالقلاع، وشراع يحجب الشعاع، وسكينة وسكان، ومكانة ومكان، وجؤجؤ وفقار، وأضلاعمحكمة بالقار، وجسم عارٍ عن الفؤاد، وهو في عين الماء بمنزلة السواد، من أحسنالجواري المنشآت في البحر، معقود بنواصيها الخير كالخيل، لا تمل من سير النهار ولامن سرى الليل:

ما رأى الناس من قصور على الميا

ه تسير سير القداح

حاكمها عادل في حكمه، عارف بنقض أمرها وبرمه، يهتدي بالنجوم، ويبتدي باسم الحيالقيوم، يَبْرُزُ من نَوَاتِيهَا في جنود، يتأنقون فيما يعملون، ويفعلون ما يؤمرون، يكثرون الصياح حتى كأن السُّفْنَ تجري من خوف ذاك الصياح، فبينما نحن من البحر فيقاموسه، كتب الجو حروف الغيم في طُرُوسِهِ، وثارت ريح عاصف يتبعها رعد قاصف، فمالتبنا الفُلْك واضطربت، ودنت شفتها من رشف الماء واقتربت، واستمرت ترفع الماء وتخفض، وتقرب وترفض، وتعلوا كالأطواد، وتهيم في كل واد، وتحوم وتحول، وتحور وتجول، وتضرمفي القلوب نار ناجر إلى أن بلغت القلوب الحناجر:

ألا فارجه واخشه إنه

هو البحر فيه الغنى والغرقْ

ثم نظر إلينا من لا تخفى عليه السرائر، وأمر الجارية بحمل العبيد إلى بعضالجزائر، فلم ندرِ إلا ونحن تجاه جزيرة تسر النفوس بمحاسنها الغزيرة، فانحدرتماضيًا إلى بنيها، نائيًا عن السفينة وساكنيها، فوجدتها مخضرة الأفنان مخضلَّةَالكثبان ... إلى آخر الرسالة.

ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[12 - 03 - 2008, 12:50 ص]ـ

وهو في عين الماء بمنزلة

دمت مشكورا أيها المتأبط

امتعنا بالمزيد امتعك الله بخيراته

ويا حبذا لو تذكر الوصف الغريب في ذلك العصر بالشعر

دمت موفقا

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير