[من أين جاء المثقب للعبدي؟]
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[18 - 04 - 2008, 03:38 م]ـ
رددن تحية وكنن أخرى ... وثقبن الوصاوص للعيون
لهذا البيت سمي بالمثقب العبدي، واسمه عائذ بن محصن.
عن كتاب "الأمالي"لليزيدي
كما سمي امرؤ القيس بالمهلهل لهذا البيت:
لما توعر في الكراع هجينهم ... هلهلت أثأر جابراً أو صنبلا
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[18 - 04 - 2008, 07:34 م]ـ
السلام عليكم أخي أحمد ...
في البيت الذي ذكرته - مشكورًا - روايات، وأتذكر منها وهي في الديوان:
أرين محاسنا وكنن أخرى * وثقبن الوصاوص للعيون
وهذا البيت من قصيدة رائعة قال عنها أبو عمرو بن العلاء: (لو كان الشعر كله مثل هذه القصيدة لوجب على الناس أن يتعلموه).
مطلعها:
أفاطم قبل بينك متعيني * ومنعك ما سألتك أن تبيني
فلا تعدي مواعد كاذبات * تمر بها رياح الصيف دوني
فإني لو تخالفي شمالي * خلافك ما وصلت بها يميني
وفي آخرها يقول:
فإما أن تكون أخي بحق * فأعرف منك غثي من سميني
وإلا فاطرحني واتخذني * عدوا أتقيك وتتقيني
والقصيدة رائعة جدا جدا.
دعواتي أخي أحمد الغنام.
ـ[محمد سعد]ــــــــ[19 - 04 - 2008, 12:36 ص]ـ
تأتي قصيدة المثقب العبدي وهي نص نموذجي يكشف عن علاقة الذات مع الذات، وفيها تأتي المحبة بما إنها علاقة وصل فإن لم يكن الوصل فليكن القطع. والقطع كالوصل كلاهما عنيف وغير تواصلي وان بدآ دعوة للتواصل، ولكنك سترى التقاطع رديفاً إلزامياً للوصل، والرابط بين الاثنين هو رحلة المعنى الشعري في حب رومانسي الأصل ولكنه استبدادي السلوك وبالمقارنة مع قصيدة الشنفرى في المقالة السابقة تكون قصيدة المثقب نموذجاً أكثر إنسانية حيث يجمع بين مفهوم الرحلة وقيمها الوجدانية ويبدؤها بتحديد قيمة الفرد مع ذاته:
افاطم قبل بينك متعيني =ومنعك ما سألت كأن تبيني
ولا تعدي مواعد كاذبات =تمر بها رياح الصيف دوني
فإني لو تخالفني شمالي =لما اتبعتها أبداً يميني
إذا لقطعتها ولقلت بيني =كذلك اجتوي من يجتويني
وهو هنا يبدأ مبتدأ فردياً رومانسياً في تجاوب مع من يحب وقد تمنعت عليه بحيلة الوعود التي لا يصدقها ويقول ان المنع لا يختلف عن الهجر، وهو لا يقبل بهذا الحب الخداع ويريد اثبات ذلك بأسلوب عنيف حتى ليتعهد بقطع يده لو خالفته وكما هو مستعد لتقطيع جسده إلى قطع متباينة فيما لو خالفه أحد أعضاء هذا الجسد فهو أيضاً سيقطع صلته بالوعود الكاذبة ويهجر العلاقة في بينونة دموية قطعية، وهو يتخذ هذا النموذج كمبدأ تواصلي يبدو عليه القطع وكأنما هو رديف الوصل. وفي تبادل عنيف بين الوصل والقطع يقدم الشاعر جسده كمختبر عملي ليكشف عن القيم الذاتية في التعامل، وهو على نية متأهبة ليقطع يده ويتخلص من يد لا تطيعه، ومثل ذلك سيقطع العلاقة مع فاطمة وهي عنده جزء من أعضائه يهم بمخالفته. ولذا يهدد بقطع هذا العضو المخالف، وهنا تكون الرحلة داخلية حيث يرتحل الجسد عن الجسد وترتحل الأعضاء عن الأعضاء في رحلة هجر وبينونة قطعية، وهي تختلف عن بينونة الشنفرى حيث يقطع الشنفرى مع قومه أما المثقب فيقطع مع ذاته وفيما بين أعضاء جسده، لأن المحبوبة أعطته وعداً مقطوع الدلالة، وكما تقطعت الدلالة بين اللفظ والمعنى فإنه سيفصل يده الشمال عن يده اليمين، وينتهي الوصل إلى رحلة لا تلتقي.
وتبدأ الرحلة على ظهر ناقة لا تختلف كثيراً عن المحبوبة ذاتها، وقد دخل الشاعر مع الناقة في علاقة من القلق المستديم حتى ليطلعنا على حالها معه ويقول عن ناقته وقد أخذ يضع الرحل عليها بآخر ليلة:
إذا ما قمت ارحلها بليل =تأوه آهة الرجل الحزين
تقول إذا درأت لها وضيني =أهذا دينه أبدا وديني
أكل الدهر حل وارتحال =أما يبقى علي ولا يقيني
فابقي باطلي والجد منها =كدكان الدرابنة المطين
¥