تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لماذا أقدِّم أبا تمام (في سبع حلقات قصار)

ـ[أحمد بن يحيى]ــــــــ[11 - 03 - 2008, 01:18 ص]ـ

(1)

أقدِّم أبا تمام؛ لأنهم قالوا إنه أبعدَ في لفظه وأغرق، وأرعدَ في صنعة البديع وما أبرق؛ حتى غَلِقَتْ عليه في ذلك مغالقُه، وعلقت به معالقه، فكثرت له مزالقه. وهيهات، ما وجدتُ أحسنَ أحاسِنِه إلا عندَه، ولا رأيت كمثله أكرمَ وَفدَه ورِفدَه، وهل كانت الشعراءُ فيه إلا عالةً عليه بعدَه!

وقد نظرتُ في جناسه الذي قال فيه:

وأنجدتمُ من بعدِ إتهامِ داركمْ = فيا دمعُ أنجدني على ساكني نجدِ

فوجدته قد أتهم فيه وأنجد، وتصدَّر له؛ فما صدر عنه فيه غيره ولا أورد! فيا ليت شعري أنّى لمثل الشعراء بمثل هذا؛ ولو أتهموا وأنجدوا، وقرَّبوا وبعَّدوا!

ونظرتُ في طباقاته؛ فما وجدت أخفى عنده ولا أوفى، ولا أصفى لقلب المنافح عنه ولا أشفى، من قوله:

مها الوحش إلا أنّ هاتا أوانسٌ = قنا الخط إلا أنَّ تلك ذوابلُ

فهل بدا لأحد أن يطابق بين أساميّ الإشارة بأمثال تلك العبارة!

وقوله الآخر المزبرج، مما مثّلوا به على الطباق المدبّج:

تردّي ثيابَ الموت حُمْراً فما أتى = لها الليلُ إلا وهْيَ من سندسٍ خُضْرُ

ولقد وجدت أرباب هذا الفن ما فتئوا لهذا البيت الأخير مصدِّرين، وعليه في نحو بابه مقتصرين.

فإذا جمع التمّامي بين تلك الألوان المختارة ولون الاستعارة، بدت معها ألوان عدّة مبهجة مدبجة، كأنها بأنواع سلاح الفن والفتنة مدجّجة، وكأنما هي الأنوار المنوّرة أو العطايا المقدّرة، في قوله:

وأحسن من نَور يفتحه الصَّبا = بياضُ العطايا في سواد المطالب

أو أنها الحياة مولَّدة ًمن الممات، في قوله:

وتنظّري خببَ الرِّكابِ ينصُّها = محيي القريضِ إلى مميت المال

ـ[أحاول أن]ــــــــ[11 - 03 - 2008, 02:03 ص]ـ

سبع ٌ قصار ٌ لفظا .. وما أطولها معنى!

أتعلم أين الإشكال؟

أن قراء أبي تمام ليسوا كما أبي يحيى .. !!

تبارك الله .. وأتم إلهي نعمته عليك ..

ولعل الوقت يسعفني لأضيف حلقات لحديثك الحاذق الرائق عن أبي تمام ..

بيد أني سأترك التعليق عليها لذائقتكم الخبيرة .. ولغتكم الغزيرة ..

ـ[أحمد بن يحيى]ــــــــ[11 - 03 - 2008, 02:24 ص]ـ

أستاذتي المبجلة / أحاول أن

سأوالي بين هذه الحلقات السبع ما أمكنني الجهد، وأسعفني الوقت

وفي أثناء ذلك؛ فإني أتشرف بتعليقاتكم السديدة، وتوجيهاتكم المباركة، واستدراكاتكم الموفقة، كما هو العهد بكم ـ بارك الله فيكم.

والدعوة موجهة لأعضاء الفصيح كافة؛ لا سيما محبو أبي تمام أمثالي:)

تشرفت الصفحة بهطولكم الغدق

وإلى لقاء قريب بإذن الله

ـ[رؤبة بن العجاج]ــــــــ[11 - 03 - 2008, 02:36 ص]ـ

رحم الله أبا تمام وغفر له,,

كان غزير البحر عميق القعر,,

وكما قلت كل من بعده عيالٌ عنده ..

ونحن في عصر العقوق .. :) ..

بورك فيك أبا يحيى:) ,,

عبهرةٌ من عباهرك ..

في انتظار مزيدك ..

والسلام,,

(العبهرة المرأة التامة الخلق والجمال وهكذا هي صفحتك:)). .

ـ[أبو سهيل]ــــــــ[11 - 03 - 2008, 04:04 ص]ـ

أبو تمام حبيب بن أوس الطائي، من نفس طيّىء صليبة. مولده ومنشؤه منبج، بقرية منها يقال لها جاسم.

شاعر مطبوع، لطيف الفطنة، دقيق المعاني، غواص على ما يستصعب منها، ويعسر متناوله على غيره. وله مذهب في المطابق، هو كالسابق إليه جميع الشعراء، وإن كانوا قد فتحوه قبله، وقالوا القليل منه، فإن له فضل الإكثار فيه، والسلوك في جميع طرقه. والسليم من شعره النادر شيء لا يتعلق به أحد. وله أشياء متوسطة، ورديئة رذلة جداً.

وفي عصرنا هذا من يتعصب له فيفرط، حتى يفضله على كل سالف وخالف، وأقوام يتعمدون الرديء من شعره فينشرونه، ويطوون محاسنه، ويستعملون القحة والمكابرة في ذلك، ليقول الجاهل بهم: إنهم لم يبلغوا علم هذا وتمييزه إلا بأدب فاضل، وعلم ثاقب. وهذا مما يتكسب به كثير من أهل هذا الدهر، ويجعلونه وما جرى مجراه من ثلب الناس، وطلب معايبهم، سبباً للترفع، وطلباً للرياسة. وليست إساءة من أساء في القليل، وأحسن في الكثير، مسقطة إحسانه؛ ولو كثرت إساءته أيضا ثم أحسن، لم يقل له عند الإحسان أسأت، ولا عند الصواب أخطأت، والتوسط في كل شيء أجمل، والحق أحق أن يتبع.

وقد روي عن بعض الشعراء أن أبا تمام أنشده قصيدة له أحسن في جميعها، إلا في بيت واحد، فقال له: يا أبا تمام، لو ألقيت هذا البيت ما كان في قصيدتك عيب. فقال له: أنا والله أعلم منه مثل ما تعلم، ولكن مثل شعر الرجل عنده مثل أولاده، فيهم الجميل والقبيح، والرشيد والساقط، وكلهم حلو في نفسه، فهو وإن أحب الفاضل، لم يبغض الناقص، وإن هوي بقاء المتقدم، لم يهو موت المتأخر.

واعتذاره بهذا ضدٌّ لما وصف به نفسه في مدحه الواثق، حيث يقول:

جاءتك من نظم اللسان قلادة ... سمطان فيها اللؤلؤ المكنون

أحذاكها صنع اللسان يمدّه ... جفرٌ إذانضب الكلام معين

ويسيء بالإحسان ظناً لا كمن ... هو بابنه وبشعره مفتون

فلو كان يسيء بالإساءة ظناً ولا يفتتن بشعره، كنا في غنّى عن الاعتذار له.

وقد فضل أبا تمام من الرؤساء والكبراء والشعراء، من لا يشق الطاعنون عليه غباره، ولا يدركون وإن جدوا آثاره، وما رأى الناس بعده إلى حيث انتهوا له في جيده نظيراً ولا شكلاً، ولولا أن الرواة قد أكثروا في الاحتجاج له وعليه، وأكثر متعصبوه الشرح لجيد شعره، وأفرط معادوه في التسطير لرديئه، والتنبيه على رذله ودنيئه، لذكرت منه طرفا، ولكن قد أتى من ذلك مالا مزيد عليه. اهـ الأغاني

بوركت أبا يحيى وفي انتظار مزيدك

فقد صرت شغوفا بتتبع مشاركاتك

دمت رائعا أديبا وشاعرا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير