" حكايات" __أحمد شوقي
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 08:23 م]ـ
حكايات أحمد شوقي
يحكون أن رجلاً كرديا= ضخماً عظيم الجسم همشريا
وكان يلقي الرعب في القلوبِ = بكثرة السلاح في الجيوبِ
ويرعب الصغار والكبارا =ويُفزع اليهود والنصارى
وكلما مر هناك أو هنا = يصيح بالناس أنا أنا أنا
نمى حديثه إلى صبيِّ =صغير جسمٍ بطل قويِّ
لا يعرف الناس له الفتوة =وليس ممن يدَّعون القوة
فقال للناس سأدريكم به =فتعرفون صدقه من كذبه
وراح نحو الهمشري في عجل =والناس مما سيكون في وجل
ومدّ نحوه يميناً قاسية =بضربة كادت تكون القاضية
فلم يحرك ساكناً ولا ارتبك= ولا انتهى عن زعمه ولا ترك
بل قال للغالب قولاً لينا= الآن صرنا اثنين أنت وأنا
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 08:33 م]ـ
كان لسلطان نديم واف = يعيد ما قال بلا اختلاف
وقد يزيد في الثنا عليه=إذا رأى شيئاً حلا لديه
وكان مولاه يرى، ويعلم= ويسمع التمليق، لكن يكتم
فجلسا يوماً على الخوان=وجيء في الأكل بباذنجان
فأكل السلطان منه ما أكل=وقال: هذا في المذاق كالعسل
قال النديم: صدق السلطان=لا يستوي شهد وباذنجان
هذا الذي غنى به "الرئيس"=وقال فيه الشعر "جالينوس"
يذهب ألف علةوعله=ويبرد الصدر، ويشفي الغله
قال: ولكن عنده مراره=وما حمدت مرة آثاره
قال: نعم، مر، وهذا عيبه=مذ كنت يا مولاي لا أحبه
هذا الذي مات به "بقراط"=وسم في الكأس به "سقراط"
فالتفت السلطان فيما حوله=وقال: كيف تجدون قوله؟
قال النديم: يا مليك الناس=عذراً؛ فما في فعلتي من باس
جعلت كي أنادم السلطانا=ولم أنادم قط باذنجانا
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 08:36 م]ـ
البلابل التي رباها البوم
أنبئت أن سليمان الزمان ومن = أصبى الطيور، فناجته، وناجاها
أعطى بلابله يوماً –يؤدبها = لحرمة عنده- للبوم يرعاها
واشتاق يوماً من الأيام رؤيتها = فأقبلت وهي أعصى الطير أفواها
أصابها العي، حتى لا اقتدار لها = بأن تثبت نبي الله شكواها
فنال سيدها من دائها غضب = وود لو أنه بالذبح داواها
فجاءه الهدهد المعهود معتذراً = عنها، يقول لمولاه ومولاها:
بلابل الله لم تخرس، ولا ولدت = خرساً، ولكن بوم الشئوم رباها
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 08:38 م]ـ
الديك الهندي والدجاج البلدي
بينا ضعاف من دجاج الريف = تخطر في بيت لها طريف
إذ جاءها هندي كبير العرف = فقام في الباب قيام الضيف
يقول: حيا الله ذي الوجوها = ولا أراها أبداً مكروها
أتيتكم أنشر فيكم فضلي = يوماً، وأقضي بينكم بالعدل
وكل ما عندكم حرام = علي، إلا الماء، والمنام
فعاود الدجاج داء الطيش = وفتحت للعلج باب العش
فجال فيه جولة المليك = يدعو لكل فرخة وديك
وبات تلك الليلة السعيده = ممتعاً بداره الجديده
وباتت الدجاج في أمان = تحلم بالذلة والهوان
حتى إذا تهلل الصباح = واقتبست من نوره الأشباح
صاح بها صاحبها الفصيح = يقول: دام منزلي المليح!
فانتبهت من نومها المشئوم = مذعورة من صيحة الغشوم
تقول: ما تلك الشروط بيننا = غدرتنا والله غدراً بينا!
فضحك الهندي حتى استلقى = وقال: ما هذا العمى يا حمقى؟!
متى ملكتم ألسن الأرباب؟ = قد كان هذا قبل فتح الباب!
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 08:39 م]ـ
العصفور والغدير المهجور
ألم عصفور بمجرى صاف = قد غاب تحت الغاب في الألفاف
يسقي الثرى من حيث لا يدري الثرى = خشية أن يسمع عنه، أو يرى
فاغترف العصفور من إحسانه = وحرك الصنيع من لسانه
فقال: يا نور عيون الأرض = ومخجل الكوثر يوم العرض
هل لك في أن أرشد الإنسانا = ليعرف المكان والإمكانا؟
فينظر الخير الذي نظرت = ويشكر الفضل كما شكرت؟
لعل أن تشتهر بالجميل = وتنسى الناس حديث النيل؟
فالتفت الغدير للعصفور = وقال يهدي مهجة المغرور
يأيها الشاكر دون العالم = أمنك الله يد ابن آدم
النيل –فاسمع، وافهم الحديثا- = يعطي، ولكن يأخذ الخبيثا
من طول ما أبصره الناس نسى = وصار كل الذكر للمهندس
وهكذا العهد بود الناسي = وقيمة المحسن عند الناس
وقد عرفت حالتي، وضدها = فقل لمن يسأل عني بعدها
إن خفى النافع فالنفع ظهر = يا سعد من صافى، وصوفي، واستنر!
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 08:41 م]ـ
الأفعى النيلية والعقربة الهندية
وهذه واقعة مستغربه = في هوس الأفعى وخبث العقربه
رأيت أفعى من بنات النيل = معجبة بقدها الجميل
تحتقر النصح، وتجفو الناصحا = وتدعي العقل الكبير الراجحا
عنت لها ربيبة السباخ = تحمل وزنيها من الأوساخ
فحسبتها –والحساب يجدي- = ساحرة من ساحرات الهند
فانخرطت مثل الحسام الوالج = واندفعت تلك كسهم زالج
حتى إذا ما أبلغتها جحرها = دارت عليه كالسوار دورها
تقول: يا أم العمى والطيش = أين الفرار يا عدو العيش؟
إن تلجي فالموت في الولوج = أو تخرجي فالهلك في الخروج
فسكتت طريدة البيوت = واغترت الأفعى بذا السكوت
وهجعت على الطريق هجعه = فخرجت ضرتها بسرعه
ونهضت في ذروة الدماغ = واسترسلت في مؤلم التلداغ
فانتبهت كالحالم المذعور = تصيح بالويل، وبالثبور
حتى وهت من الفتاة القوه = فنزلت عن رأسها العدوه
تقول: صبراً للبلاء، صبرا = وإن وجدت قسوة فعذرا
فرأسك الداء، وذا الدواء = وهكذا فلتركب الأعداء
من ملك الخصم ونام عنه = يصبح يلقى ما لقيت منه
لولا الذي أبصر أهل التجربه = مني لما سموا الخبيث عقربه
¥