[الضرورة الشعرية]
ـ[أحمد القرني]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 01:23 ص]ـ
حمّل البعض الضرورة الشعرية فوق طاقتها وجعلها سلماً يرتقي به فوق حواجز اللغة تارة والعروض تارة أخرى:
الضرورة الشعرية هي تصرف في اللغة يأتي به الشاعر ليقيم الوزن.
والضرورات الشعرية منها ما هو مشهور ومنها ما هو قبيح ونتعرض الآن لأهم الضرورات:
أولا ضرورات غير مختصة بالضرب
1) ضرورات في النحو والصرف
النحو صرف- بلا شك - فوق العروض،ولكن قد يحدث أن تأتي ضرورة تغير قواعدهما، منها:
- صرف الممنوع: ويكثر في أسماء الأعلام، مثاله والبيت ليزيد بن معاوية:
ولي صبر أيّوبٍ ووحْشة يونسٍ و آلام يعقوبٍ وحسرة آدم ِ
فكل الأعلام التي في البيت صرفت وكان أصلها الجر بفتحة واحدة نيابة عن الكسرة
ومثاله والبيت لي في مدح من شرفني مديحه:
بوركْتَ، بُوركَ للأنام نواجذ ٌ بسمَتْ فلألأت الدُّنا شفتاها
فـ (نواجذ ٌ) التي نوّنت جمع على الوزن الصرفي (مفاعل) ممنوعة من الصرف وأصلها (نواجذ ُ)
- حذف فاء اقتران جواب الشرط يقول شوقي
إن جَلَّ ذنبي عن الغفران لي أملٌ في الله يجعلني في خير معتصَمِ
فجواب الشرط هنا (لي أمل) جملة اسمية والأصل فيها أن تقترن بالفاء (إن جَلَّ ذنبي عن الغفران فلي أمل)
- وهناك بعض اللهجات التي لا تضع علامة النصب فوق حرفي الياء والواو وبخاصة في الأفعال المنتهية بهما (أن يقضيَ) وهو فعل منصوب بالفتحة يصير (أن يقضي) بلا فتحة وهذا غير شهير، وقد يكون في الأسماء المنقوصة (إن الليالي التي) بدلا من (إن اللياليَ) وتكتب عروضيا بعد الضرورة (إنْ نَل ليا لِلْ لتي)
2) استخدام روايات القرآن المتواترة ولغات العرب الشهيرة: وأهمها ضرورات في الضمائر والهمزة
- هاء الضمير:نجد أنه في أغلب رواية حفص عن عاصم يُنطق حرفُ مد بعد هاء الضمير للمذكر إذا كان ما قبلها متحركا وما بعدها كذلك متحركا كقوله تعالى: (له معقبات) ننطقها (لهو معقبات)، فإذا كان ما بعدها ساكنا (وهذا لا يكون إلا عندما تبدأ الكلمة التي تليها بألف وصل مثل: له الحمد يحيي ويميت) فلا ينطق أبدا مد بعدها بل يُسقط هذا المد مع ألف الوصل،أما إذا كانت في منتصف الكلام وكان ما قبلها ساكنا وما بعدها متحركا (ويخلد فيه مهانا) فإنها لا توصل بمد في النطق المعتاد إلا بضرورة توافق رواية حفص عن عاصم ذاتها للآية الكريمة: تُقرأ (فيهي مهانا)، ويقول شوقي في مطلع إحدى روائعه:
مُضْناك جَفاه مرقدُه وبكاه ورحّم عُوَّدُهُ (1)
شوقي يريدك هنا أن تنطق كلمتَي (جفاه) و (بكاه) وهما من نفس التركيب البنائي، يريدك أن تنطق الثانية منهما (بكاه) طبيعيا وبدون وصل واو بعد الهاء أي ألا تنطقها (بكاهُو) أي ألا تخالف نطقها الذي يوافق القاعدة الأساسية لأن ما قبلها ساكن (ألف المد) بينما يريدك أن تنطق الأخرى (جفاهُ) على أنها (جفا هُو مر) ليصير البيت في الكتابة العروضية:
مُض نا كجفا هومر قدهو وبكا هُوَرَحْ حَمَعُوْ وَدُهُو
حتى يستقيم وزن البيت بوزن بحر الخَبَب،
وإذا كانت الهاء في نهاية الجملة (ضرب البيت) وُصِلت بمد
ويمكن أن أحذف الوصل ما بعد هاء الضمير بين متحركين أي أن أنطقها (يرضه لكم) ولا أنطقها بالواو ((يرضهُو لكم) كما في رواية حفص عن عاصم لكنها شاذة في الشعر
- أما ميم الضمير كما في قولنا (هم) قد تنطق (هُمو) كما يحدث في في قراءة ابن كثير للآية ( .... كنتمو غير مدينين) ويتكون خلف الميم حرف مد كامل وليس مجرد ضمة أي تكون: (عنهمو قلبي) مثلا: وليس مجرد (عنهمُ قلبي) وهنا ينبغي على الشاعر أن يكتبها بالواو ليبين للقارئ أنه يريدها هكذا، مثاله:
إن كان سَركُمو ما قال حاسدنا فما لجرحٍ إذا أرضاكمو ألمُ
وقد تأتي أيضا هذه الضرورة في كلمة من البيت ولا تأتي في كلمة أخرى من نفس البيت مثاله:
وتبكيهمو عيني وهم في سوادها ويشكو النوى قلبي وهم بين أضلعي
- وقد يسكن الشاعر الهاء من كلمة (وهُو)، (فهُو)، (وهِي)، (فهِي) كما يحدث في رواية قالون عن نافع للآية (وهْو على كل شيء قدير) وهو شهير جدا في بحري الرمل والخفيف ومثاله لابن الرومي:
فهْي بردٌ بحسنها وسلامٌ وهْي للعاشقين جهدٌ جهيدُ
¥