تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أدب المدرسة الواقعية]

ـ[حياء زهرة]ــــــــ[25 - 04 - 2008, 05:08 ص]ـ

أسرف الابتداعيون في مذهبهم الذاتي إسرافا شديدا وجنحوا إلى صبغ أدبهم وشعرهم بصبغة من الحزن والكآبة والهروب من الواقع , والحياة مع الطبيعة والتصوّف , حتى سمي هذا الغلو في الابتداع " مثالية ". ولكن النفس الإنسانية تكره الحياة مع الآلام والأوهام والخيالات والشرود والأشجان المتصلة , فكان لابد أن تظهر جماعة من الأدباء والشعراء يدعون إلى مذهب جديد , يصحّح دعوة الابتداعيين الممعنة في ذاتيتها وأصالتها وبُعدها عن الحياة , ولجوئها إلى الخيال .. وقد حدث هذا فعلاً , فقامت جماعة تدعو إلى الاتصال بالحياة كما هي لا كما يحب أن تكون عليه , وتنادي بمشاركة الأدب والشعر للمجتمع مشاركة صحيحة فعّالة , مع قوة الملاحظة ومعرفة الجزئيات التي تؤدي إلى الكليات , ومع الإيمان بالتجربة والاتكاء على الحس، وتناول الأحداث الصحيحة أو الممكنة , ووصف الأشخاص والبيئات والزمان والمكان وتصوير كل ذلك تصويرا يجيء طبق الواقع المشاهد مع البراعة في تصوير الحقيقة وواقع الحياة , ومع العناية باللفظ والصيغة والصورة. وذاع هذا المذهب الواقعى أكثر ماذاع في القصة والتمثيليات.

والواقعية أنواع:

واقعية مظهرية تهتم بمظاهر الحياة المادية , وتعرض الإنسان مخلوقاً يتأثّر بالبيئة ويتجاوب معها.

وواقعية محولة تعرض الحياة عرضاً مادياً , وغايتها الوصول إلى تغييرات، كما كان يجري في أدب " مكسيم جوركي ".

وواقعية شاملة , تتناول الواقع أو شريحة من الواقع , وتتناول حقيقة من الواقع لا حقيقة مطلقة، بل جزءاً من الحقيقة وقعت للناس في المجتمع , ولها شكلها الجديد في اختيار الواقع بدون تفصيل ممل. ولها نظامها في العقيدة , فهي تهتم بالنواحي الاجتماعية , وتتناول الحياة الخارجة والباطنة بنظرة واقعية , كما كان يفعل " أجنازيو سيلوني " فهي لا تأتي بعقدة عجيبة بل عقدتها تؤكّد أن هذه هي الحياة، فإذا كان وجه الحياة شائهاً أو قبيحاً أو ذميماً - توجّهت إلى ترقيقه – أي أنها تجهر في فنية بالمضمون التقدمي.

وقد وجه النقد الأدب إلى هذه الواقعية، فظهرت بعض أعمال قليلة في القصة القصيرة , وفي الرواية , والمسرحية المعاصرة، متأثرة بهذا الاتجاه , من مثل بعض قصص يوسف إدريس القصيرة , و" أرض النفاق " ليوسف سباعي , ورواية " الفلاح " الجديدة للشرقاوي , ومن مثل مسرحية " طريق السلامة " لسعد الدين وهبة، وغيرها من الآثار الأدبية الواقعية.

وساير الشعر هذا الاتجاه الواقعي، فكان من الشعراء محمد كمال عبدالحليم في ديوانه " إصرار " , ومحمود حسن إسماعيل في ديوانه " لابد " , وبعض القصائد في ديوان كيلاني سند " عندما تسقط الأمطار " , وبعض قصائد أمل دنقل , وقصائد محمد إبراهيم أبو سنة في ديوانه " قلبي وغازلة الثوب الأزرق " , وغيرها من القصائد , كما كتبت بعض الدراسات في هذه الناحية من مثل دراسات غالى شكري , وعباس خضر في كتابه " الواقعية ". وقد احتضن هذا الاتجاه الشعر الحر , وبرز فيه شعراء عديدون منهم: كمال نشأت , وعبده الصبور في ديوانه الأوّل " الناس في بلادي " , وهو من أهم دواوينه. وقد أسهم بعض النقاد في نقد الأدب الواقعي وتقويمه , ونذكر على سبيل المثال , كتاب " في الأدب المصري " للدكتور عبدالقادر القط , وكتاب " شعر اليوم " الصادر في عام 1957 للناقد الأستاذ مصطفى السحرتي.

والواقعية لا ينفك أدبها يلازم المجتمع وحياته في مشكلاتهما وأحداثهما , دون أن يعير غير ذلك من مسائل الفن اهتماماً، والواقعيون على طرفي نقيض مع الأدباء المثاليين الذين يجرّدون الحياة من جميع عيوبها؛ ويعملون على عرض أحسن الصور لها.

والأدب الواقعي ذاتي في أغلبه، لأنه من معين ذاتي أو من تجربة خاصة , وكثيرا مايجنح إلى ماهو شاذ في الحياة وإلى العامية. ويقول أحمد حسن الزيات صاحب مجلة الرسالة:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير