تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[27 - 05 - 2008, 01:52 ص]ـ

الحب

- الحب في حياة الشابي مشكلة فمع أن الشابي أقنع نفسه بالزواج مرضاة لوالده ثم رزق من زواجه هذا بولدين فإن سلوك الشابي العاطفي كما نرى من شعره لايدل على أن الشابي كان سعيداً في حياته الزوجية، هذه الحياة لم تستطيع أن تهب الشابي الاطمئنان الذي ينعم به الانسان عادةً فاندفع ولم يمض عاماً واحداً على زواجه في تطلب سعادة موهومة في حب فتاة ظن فيها تحقيقاً لأحلامه. تلك كانت أولى السيئات التي ظهرت في حياة الشابي من أثر جبران خليل جبران. ولكن هذه الفتاة التي أحبها الشابي في إبان طفولته على الأصح ماتت وشيكاً، فأذكى موتها في نفسه الأسى على حاله والنقمة على حوادث الدهر.

وظل الشابي يذكر حبه هذا مدة، ثم جعل ينساه أو يحمل نفسه على نسيانه وسرعان ما أطاعته نفسه فتناسى حبه الأول وانتقل إلى حب جديد ثم إلى حب آخر فآخر. ويجهر لنا الشابي في ديوانه بمواقف من الحب توحي بأنه قد اندفع مع عاطفته وراء المرأة لا يلوي على شيء. ولا ريب في أن هذا الاندفاع كان سبباً من الأسباب التي قربت منيته إليه، مع أنه كان يحيا مع دائه كما عاش غيره مع أدوائهم. ولكن القضاء النافذ وإلقاءه نفسه بيده في التهلكة كان عليه كتاباً موقوتاً.

وحب الشابي يستحق المناقشة فالبعض رأى ان الشابي أحب حبين: حباً عذرياً وحباً صريحاً أما الحب العذري فكان حباً باكراً نما في قلبه من ألفته فتاة عرفها ونشأ معها حتى بلغ الحادية عشرة من عمره، قبل أن يأتي إلى تونس العاصمة ولكن هذه الفتاة توفيت بعد التحاقه بالزيتونة بوقت قصير فخلّفت له حزناً ومرضاً وأنطقتة شعراً عذباً كثيراً، ثم ظلت ملء قلبه ونصب خياله زمناً طويلاً حتى إنه أشار اليها في مذكراته عام 1930م. وبعض الرواة قالوا ان الشابي كان في عام 1924 في الخامسة عشرة من عمره وكان قد قضى أربع سنوات من التعليم في الزيتونه وكان والده قاضياً شريعاً في رأس الجبل ومن المجح أن يكون الشابي قد تعرّف في فترة من فترات إقامته مع والده بفتاة كان يلقاها ويتفسح معها في المنتزهات وأن هاته الفتاة هي التي تحدث عنها في أوائل شعره حديثاً ساذجاً ونظم فيها أولى قصائده واتفق أن ماتت في تلك الفترة وانتقلت أسرة الشابي إلى زغوان سنة 1927 ومن المؤكد أن الشابي لم تكن له حياة قلبيه غير تلك الفتاة التي أحبها وهو في سن الخامسة عشرة.

ولكن أحد الرواة المختصين بدراسة حياة الشابي وشعره وهو محمد الحليوي ينفي أن تكون قصيدة صلوات في هيكل الحب قد قيلت في فتاة رأس الجبل ويقول أن الشابي استوحى هذه القصيدة من فتاة انجليزية مصورة كانت قد أقامت مدة في توزر لتصوير بعض مناظر المدينة وواحاتها على نحو ما يفعل الفنانون الأجانب في بلادنا فرآها الشابي تغدو وتروح وتقبل وتدبر فاستولى جمالها وشبابها على مشاعره إلى درجة الذهول الصوفي فرفع اليها تلك الصلوات.

أما الحب ألاخر وهو الحب العذري في حياة الشابي فيقول عنه الرواي زين العابدين السنوسي " وفوق ذلك فأن لوعة الحب العذري لم تطفىء كفاءة الجسد طول الأبد فلنكن صريحين فأن الشابي الشاعر برغم الصدمة التي لقيها في حبه العذري إذ ماتت صاحبته الصغيرة قد أحس بدماء الشباب ونفحات الحب تغريه" " إنما نريد أن نثبت طواعية شاعرنا لنواميس الحب وخضوعه لسر الوجود من ذلك الملاك المجنح الذي يصمي القلوب بنباله ولو كان منها ذياك القلب الكبير فهو يحدثنا بصراحه وصدق وجد ليلته – عن ليلة له – بما فيها حب وذكريات".

ولا يستغرب غديره أن يكون الشابي قد أحب في بلدة رأس الجبل وأحب في بلدة زغوان ثم أحب ثالثة في تونس وقد يكون أحب فتاة بعينها وقد يكون أحب من بعيد مكتفياً بنظرة أو سماع.

وقيل أنه أحب فتاة إيطالية في بلدة زغوان التي كان والده قاضياً فيها ولم تكن تلك الفتاة تبادله الحب ولا تنعم عليه بصداقه ولعلها لم تعرف حبه لها ولكنه كان يجتهد في أن يكثر من رؤيتها ثم يترجم شعوره بقصائد من الغزل الرائع.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير