وَما كانَ للأحزَانِ، لَوْلاكِ، مَسلَكٌ= إلى القلبِ؛ لكنَّ الهوى للبلى جسرُ
وَتَهْلِكُ بَينَ الهَزْلِ والجِدّ مُهجَة ٌ= إذا مَا عَداها البَينُ عَذّبَها الهَجْرُ
فأيقنتُ أنْ لا عزَّ، بعدي، لعاشقٍ= وَأنُّ يَدِي مِمّا عَلِقْتُ بِهِ صِفْرُ
وقلبتُ أمري لا أرى لي راحة ً = إذا البَينُ أنْسَاني ألَحّ بيَ الهَجْرُ
فَعُدْتُ إلى حكمِ الزّمانِ وَحكمِها= لَهَا الذّنْبُ لا تُجْزَى به وَليَ العُذْرُ
كَأني أُنَادي دُونَ مَيْثَاءَ ظَبْيَة ً =على شرفٍ ظمياءَ جللها الذعرُ
تجفَّلُ حيناً، ثم تدنو كأنما= تنادي طلا ـ، بالوادِ، أعجزهُ الحضرُ
فلا تنكريني، يابنة َ العمِّ، إنهُ= ليَعرِفُ مَن أنكَرْتِهِ البَدْوُ وَالحَضْرُ
ولا تنكريني، إنني غيرُ منكرٍ= إذا زلتِ الأقدامِ؛ واستنزلَ النضرُ
وإني لجرارٌ لكلِّ كتيبة ٍ =معودة ٍ أنْ لا يخلَّ بها النصرُ
و إني لنزالٌ بكلِّ مخوفة ٍ =كثيرٌ إلى نزالها النظرُ الشزرُ
فَأَظمأُ حتى تَرْتَوي البِيضُ وَالقَنَا= وَأسْغَبُ حتى يَشبَعَ الذّئبُ وَالنّسرُ
وَلا أُصْبِحُ الحَيَّ الخَلُوفَ بِغَارَة ٍ= وَلا الجَيشَ مَا لمْ تأتِه قَبليَ النُّذْرُ
وَيا رُبّ دَارٍ، لمْ تَخَفْني، مَنِيعَة ٍ =طلعتُ عليها بالردى، أنا والفجرُ
و حيّ ٍرددتُ الخيلَ حتى ملكتهُ= هزيماً وردتني البراقعُ والخمرُ
وَسَاحِبَة ِ الأذْيالِ نَحوي، لَقِيتُهَا= فلمْ يلقها جهمُ اللقاءِ، ولا وعرُ
وَهَبْتُ لهَا مَا حَازَهُ الجَيشُ كُلَّهُ =و رحتُ، ولمْ يكشفْ لأثوابها سترُ
و لا راحَ يطغيني بأثوابهِ الغنى =و لا باتَ يثنيني عن الكرمِ الفقر
و ما حاجتي بالمالِ أبغي وفورهُ = إذا لم أفِرْ عِرْضِي فَلا وَفَرَ الوَفْرُ
أسرتُ وما صحبي بعزلٍ، لدى الوغى= ولا فرسي مهرٌ، ولا ربهُ غمرُ!
و لكنْ إذا حمَّ القضاءُ على أمرىء ٍ= فليسَ لهُ برٌّ يقيهِ، ولا بحرُ!
وقالَ أصيحابي: " الفرارُ أوالردى =" فقُلتُ: هُمَا أمرَانِ، أحلاهُما مُرّ
وَلَكِنّني أمْضِي لِمَا لا يَعِيبُني= وَحَسبُكَ من أمرَينِ خَيرُهما الأسْرُ
يقولونَ لي: " بعتَ السلامة َ بالردى =" فَقُلْتُ: أمَا وَالله، مَا نَالَني خُسْرُ
و هلْ يتجافى عني الموتُ ساعة ً = إذَا مَا تَجَافَى عَنيَ الأسْرُ وَالضّرّ؟
هُوَ المَوْتُ، فاختَرْ ما عَلا لك ذِكْرُه= فلمْ يمتِ الإنسانُ ما حييَ الذكرُ
و لا خيرَ في دفعِ الردى بمذلة ٍ =كما ردها، يوماً بسوءتهِ " عمرو"
يمنونَ أنْ خلوا ثيابي، وإنما =عليَّ ثيابٌ، من دمائهمُ حمرُ
و قائم سيفي، فيهمُ، اندقَّ نصلهُ= وَأعقابُ رُمحٍ فيهِمُ حُطّمَ الصّدرُ
سَيَذْكُرُني قَوْمي إذا جَدّ جدّهُمْ =" وفي الليلة ِ الظلماءِ، يفتقدُ البدرُ "
فإنْ عِشْتُ فَالطّعْنُ الذي يَعْرِفُونَه= و تلكَ القنا، والبيضُ والضمرُ الشقرُ
وَإنْ مُتّ فالإنْسَانُ لا بُدّ مَيّتٌ =وَإنْ طَالَتِ الأيّامُ، وَانْفَسَحَ العمرُ
ولوْ سدَّ غيري، ما سددتُ، اكتفوا= بهِ؛ وما كانَ يغلو التبرُ، لو نفقَ الصفرُ
وَنَحْنُ أُنَاسٌ، لا تَوَسُّطَ عِنْدَنَا = لَنَا الصّدرُ، دُونَ العالَمينَ، أو القَبرُ
تَهُونُ عَلَيْنَا في المَعَالي نُفُوسُنَا = و منْ خطبَ الحسناءَ لمْ يغلها المهرُ
أعزُّ بني الدنيا، وأعلى ذوي العلا = وَأكرَمُ مَن فَوقَ الترَابِ وَلا فَخْرُ
ـ[الوافية]ــــــــ[31 - 03 - 2008, 12:37 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اختيار موفق فالقصيدة رائعة حقا وهي على البحر الطويل.
والله أعلم
ـ[عاشقة الادب]ــــــــ[31 - 03 - 2008, 03:40 م]ـ
وفقك الله يا اخ رسالة الغفران وشكرا على تنبيهك لخطئي
وشكرا لاختي الوافيه على اجابتك