ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 10:33 م]ـ
النملة الزاهدة
سَعيُ الفَتى في عَيشِهِ عِبادَه = وَقائِدٌ يَهديهِ لِلسَعادَه
لِأَنَّ بِالسَعيِ يَقومُ الكَونُ = وَاللَهُ لِلساعينَ نِعمَ العَونُ
فَإِن تَشَأ فَهَذِهِ حِكايَه = تُعَدُّ في هَذا المَقامِ غايَه
كانَت بِأَرضٍ نَملَةٌ تَنبالَه = لَم تَسلُ يَوماً لَذَّةَ البَطالَه
وَاِشتَهَرَت في النَملِ بِالتَقَشُّفِ = وَاِتَّصَفَت بِالزُهدِ وَالتَصَوُّفِ
لَكِن يَقومُ اللَيلَ مَن يَقتاتُ =فَالبَطنُ لا تَملُؤهُ الصَلاةُ
وَالنَملُ لا يَسعى إِلَيهِ الحَبُّ = وَنَملَتي شَقَّ عَلَيها الدَأبُ
فَخَرَجَت إِلى اِلتِماسِ القوتِ = وَجَعَلَت تَطوفُ بِالبُيوتِ
تَقولُ هَل مِن نَملَةٍ تَقِيَّه = تُنعِمُ بِالقوتِ لِذي الوَلِيَّه
لَقَد عَيِيتُ بِالطَوى المُبَرِّحِ = وَمُنذُ لَيلَتَينِ لَم أسَبِّحِ
فَصاحَتِ الجاراتُ يا لَلعارِ = لَم تتركِ النَملَةُ لِلصِرصارِ
مَتى رَضينا مِثلَ هَذي الحالِ = مَتى مَدَدنا الكَفَّ لِلسُؤالِ
وَنَحنُ في عَينِ الوُجودِ أُمَّه = ذاتُ اِشتِهارٍ بِعُلُوِّ الهِمَّه
نَحمِلُ ما يَصبِرُ الجِمالُ = عَن بَعضِهِ لَو أَنَّها نِمالُ
أَلَم يَقُل مَن قَولُهُ الصَوابُ = ما عِندَنا لِسائِلٍ جَوابُ
فَاِمضي فَإِنّا يا عَجوزَ الشومِ = نَرى كَمالَ الزُهدِ أَن تَصومي
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 10:35 م]ـ
الكلب والببغاء
كانَ لِبَعضِ الناسِ بَبَّغاءُ = ما مَلَّ يَوماً نُطقَها الإِصغاءُ
رَفيعَةُ القَدرِ لَدى مَولاها = وَكُلُّ مَن في بَيتِهِ يَهواها
وَكانَ في المَنزِلِ كَلبٌ عالي = أَرخَصَهُ وُجودُ هَذا الغالي
كَذا القَليلُ بِالكَثيرِ يَنقُصُ = وَالفَضلُ بَعضُهُ لِبَعضٍ مُرخِصُ
فَجاءَها يَوماً عَلى غِرارِ= وَقَلبُهُ مِن بُغضِها في نارِ
وَقالَ يا مَليكَةَ الطُيورِ = وَيا حَياةَ الأُنسِ وَالسُرورِ
بِحُسنِ نُطقِكِ الَّذي قَد أَصبى = إِلّا أَرَيتِني اللِسانَ العَذبا
لِأَنَّني قَد حِرتُ في التَفَكُّرِ = لَمّا سَمِعتُ أَنَّهُ مِن سُكَّرِ
فَأَخرَجَت مِن طَيشِها لِسانَها = فَعَضَّهُ بِنابِهِ فَشانَها
ثُمَّ مَضى مِن فَورِهِ يَصيحُ = قَطَعتُهُ لِأَنَّهُ فَصيحُ
وما لها عندي من ثأر يعد = غير الذي سموه قدما بالحسد
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 10:38 م]ـ
الحمار والجمل
كانَ لِبَعضِهِم حِمارٌ وَجَمَل = نالَهُما يَوماً مِنَ الرِقِّ مَلَل
فَاِنتَظَرا بَشائِرَ الظَلماءِ = وَاِنطَلَقا مَعاً إِلى البَيداءِ
يَجتَلِيانِ طَلعَةَ الحُرِّيَّه = وَيَنشِقانِ ريحَها الزَكِيَّه
فَاِتَّفَقا أَن يَقضِيا العُمرَ بِها = وَاِرتَضَيا بِمائِها وَعُشبِها
وَبَعدَ لَيلَةٍ مِنَ المَسيرِ = اِلتَفَتَ الحِمارُ لِلبَعيرِ
وَقالَ كَربٌ يا أَخي عَظيمُ = فَقِف فَمشي كُلُّهُ عَقيمُ
فَقالَ سَل فِداكَ أُمّي وَأَبي = عَسى تَنالُ بي جَليلَ المَطلَبِ
قالَ اِنطَلِق مَعي لِإِدراكِ المُنى = أَو اِنتَظِر صاحِبَكَ الحُرَّ هُنا
لا بُدَّ لي مِن عَودَةٍ لِلبَلَدِ = لِأَنَّني تَرَكتُ فيهِ مِقوَدي
فقال سر والزم اخاك الوتدا = فإنما خلقت كي تقيدا
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 10:42 م]ـ
دودة القز والدودة الاضواء
لِدودَةِ القَزِّ عِندي = وَدودَةِ الأَضواءِ
حِكايَةٌ تَشتَهيها = مَسامِعُ الأَذكِياءِ
لَمّا رَأَت تِلكَ هَذي = تُنيرُ في الظَلماءِ
سَعَت إِلَيها وَقالَت= تَعيشُ ذاتُ الضِياءِ
أَنا المُومَّلُ نَفعي = أَنا الشَهيرُ وَفائي
حَلا لِيَ النَفعُ حَتّى = رَضيتُ فيهِ فَنائي
وَقَد أَتَيتُ لِأَحظى = بِوَجهِكِ الوَضّاءِ
فَهَل لِنورِ الثُرى في = مَوَدَّتي وَإِخائي
قالَت عَرَضتِ عَلَينا = وَجهاً بِغَيرِ حَياءِ
مَن أَنتِ حَتّى تُداني = ذاتَ السَنا وَالسَناءِ
أَنا البَديعُ جَمالي = أَنا الرَفيعُ عَلائي
أَينَ الكَواكِبُ مِنّي = بَل أَينَ بَدرُ السَماءِ
فَاِمضي فَلا وُدَّ عِندي = إِذ لَستِ مِن أَكفائي
وَعِندَ ذَلِكَ مَرَّت = حَسناءُ مَع حَسناءِ
تَقولُ لِلَّهِ ثَوبي = في حُسنِه وَالبَهاءِ
كَم عِندَنا مِن أَيادٍ = لِلدودَةِ الغَراءِ
ثُمَّ اِنثَنَت فَأَتَت ذي = تَقولُ لِلحَمقاءِ
هَل عِندَكِ الآنَ شَكٌّ = في رُتبَتي القَعساءِ
وَقَد رَأَيتِ صَنيعي = وَقَد سَمِعتِ ثَنائي
إِن كانَ فيكَ ضِياءٌ = إِنَّ الثَناءَ ضِيائي
وَإِنَّهُ لَضِياءٌ = مُؤَيَّدٌ بِالبَقاءِ
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 11:20 م]ـ
الجمل والثعلب
كانَ عَلى بَعضِ الدُروبِ جَمَلُ = حَمَّلَهُ المالِكُ ما لا يُحمَلُ
فَقالَ يا لِلنَحسِ وَالشَقاءِ = إِن طالَ هَذا لَم يَطُل بَقائي
لَم تَحمِلِ الجِبالُ مِثلَ حِملي = أَظُنُّ مَولايَ يُريدُ قَتلي
فَجاءَهُ الثَعلَبُ مِن أَمامِه = وَكانَ نالَ القَصدَ مِن كَلامِه
فَقالَ مَهلاً يا أَخا الأَحمالِ = وَيا طَويلَ الباعِ في الجِمالِ
فَأَنتَ خَيرٌ مِن أَخيكَ حالا = لِأَنَّني أَتعَبُ مِنكَ بالا
كَأَنَّ قُدّامِيَ أَلفَ ديكِ = تَسأَلُني عَن دَمِها المَسفوكِ
كَأَنَّ خَلفي أَلفَ أَلفِ أَرنَبِ = إِذا نَهَضتُ جاذَبتني ذَنَبي
وَرُبَّ أُمٍّ جِئتُ في مُناخِها = فَجعتُها بِالفَتكِ في أَفراخِها
يَبعَثُني مِن مَرقَدي بُكاها = وَأَفتَحُ العَينَ عَلى شَكواها
وقد عرفت خافي الاحمال = فاصبر وقل للأمة الجمال
ليس بجمل ما يمل الظهر = ما الحِمل الا ما يعاني الصدر
¥