من بكى هذه الماء عليه ... نعمة أو بكى بها مرورا
فلقد أصبحت علينا عذابا ... ولقينا منها أذى وشرورا
أيها الغيث كنت بؤسا وفقرا ... لي وللناس حنطة وشعيرا
ومن أحسن أمثاله السائرة قوله:
لعمر أبيك ما نسب المعلي ... إلى كرم وفي الدنيا كريم
ولكن البلاد إذا اقشعرت ... وصوح نبتها رعي الهشيم
ولم أسمع في الهجاء أحسن وأملح من قوله:
لي صديق في خلقة الشيطان ... وعقول النساء والصبيان
من تظنونه فقالوا جميعا ... ليس هذا إلا أبو هفان
العطوي: من غرر شعره قوله:
يقولون قبل الدار جار موافق ... وقبل طريق المرء أنس رفيق
فقلت وندمان الفتى قبل كأسه ... فما حث كأس المرء مثل صديق
وقوله في الصبوح:
إن شرب المدام سير إلى الله ... و خير المسير صدر النهار
وقوله في شكاية الإخوان
لي خمسون صديقا ... بين قاض وأمير
لبسوا الدنيا ولم أخ ... لع بهم ثوب الفقير
العلوي الحماني: من أحاسن شعره قوله:
هبني بقيت على الأيام والأبد ... ونلت ما شئت من مال ومن ولد
من لي برؤية من قد كنت آلفه ... إن الشباب مضى هيهات لم يعد
وقوله:
قالوا تمن ما هويت واجتهد ... فقلت قول المشتكي المقتصد
لقاء من غاب وفقد من شهد
عوف بن محلم الشيباني: أمير شعره قوله من قصيدة في عبد الله بن طاهر.
يا ابن الذي دان له المشرقان ... وألبس العدل به المغربان
إن الثمانين وبلغتها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
قوله: " وبلغتها " حشو أحسن من معنى البيت، ولقبه الصاحب " بحشو اللوزينج "، وله نظائر جمعتها في بعض كتبي.
ديك الجن: واسمه عبد السلام بن رغبان: من وسائط قلائده قوله من قصيدة وهي غرة شعره:
أبا عثمان معتبة وصبرا ... وشافي النصح يعدل بالأشافي
إذا شجر المودة لم تجده ... سماء البر أسرع في الجفاف
وقوله في غلام دخل الماء:
رق حتى حسبته ورق الور ... د نديا يرف بين الرياح
ورد الماء ثم راح وقد أص ... دره الماء في غلالة راح
ابن الرومي: وهو علي بن العباس بن جريج من غرر شعره وخدع دهره قوله:
لما تؤذن الدنيا به من صروفها ... يكون بكاء الطفل ساعة يولد
وإلا فما يبكيه منها وإنها ... لأفسح مما كان فيه وأرغد
إذا أبصر الدنيا استهل كأنه ... بما سوف يلقى من أذاها يهدد
وقوله في القاسم بن عبيد الله:
إن لله غير مرعاك مرعى ... نرتعيه وغير مائك ماء
إن لله بالبرية لطفا ... سبق الأمهات والآباء
وقوله في النهي عن ترك العتاب:
يا أخي أين ربع ذاك الإخاء ... أين ما كان بيننا من صفاء
أنت عيني وليس من حق عيني ... طبق أجفانها على الأقذاء
وقوله في استحالة الصديق عدواً:
عدوك من صديقك مستفاد ... فلا تستكثرن من الصحاب
فإن الداء أكثر ما تراه ... يكون من الطعام أو الشراب
وقوله فيمن يقتني السلاح ولا يستعمله ولا يدفع به عن ماله:
رأيتكم تبدون للحرب عدة ... ولا يمنع الأسلاب منكم مقاتل
وأنتم كمثل النخل يسرع شوكه ... ولا يمنع الخراف ما هو حامل
وقوله في الاستزادة:
أيها المنصف إلا رجلا ... واحدا أصبحت ممن ظلمه
كيف ترضى الفقر عرسا لامرىء ... وهو لا يرضى لك الدنيا أمه
ولم أسمع في الهجاء بالجبن أبلغ وأملح وأطرف من قوله في سليمان بن عبد الله بن طاهر:
قرن سليمان قد أضر به ... شوق إلى وجهه سيدنفه
لا يعرف القرن وجهه ويرى ... قفاه من فرسخ فيعرفه
ولا في الاستمتاع بالشباب كقوله:
قصرك الشيب فاقض ما أنت قاضي ... من هوى البيض والعيون المراض
إن شرخ الشباب قرض الليالي ... فتصرف فيه قبيل التقاضي
ولا في الشرب على النرجس أعجب من قوله:
أدرك ثقاتك إنهم وقعوا ... في نرجس معه ابنة العنب
فهم بحال لو بصرت بهم ... سبحت من عجب ومن عجب
ريحانهم ذهب على درر ... وشرابهم درر على ذهب
عبد الله بن المعتز: من عجائب أوصافه وتشبيهاته قوله من قصيدة في وصف الخمر:
وقد يباكرني الساقي فأشربها ... راحا تريح من الأحزان والكرب
وأمطر الكأس ماء من أبارقه ... فأنبت الدر في أرض من الذهب
وسبح القوم لما أن رأوا عجبا ... نورا من الماء في نار من العنب
وقوله:
وخمارة من بنات المجوس ... ترى الزق في بيتها شائلا
وزنا لها ذهبا جامدا ... فكالت لنا ذهبا سائلا
وقوله في الغزل:
ظبي يتيه بحسن صورته ... عبث الفتور بلحظ مقلته
وكأن عقرب صدغه احترقت ... لما دنت من نار وجنته
وقوله في الهلال:
أهلا بفطر قد أنار هلاله ... فالآن فاغد على الشراب وبكر
وانظر إليه كزورق من فضة ... قد أثقلته حمولة من عنبر
وقوله في الربيع:
اسقني الراح في شباب النهار ... وانف همي بالخندريس العقار
ما ترى نعمة السماء على الأر ... ض وشكر الرياض للأمطار
وغناء الطيور كل صباح ... وانفتاق الأشجار بالأنوار
وكأن الربيع يجلو عروسا ... وكأنا من قطره في نثار
وقوله في الريح اللينة:
والريح تجذب أطراف الرداء كما ... أفضى الشقيق إلى تنبيه وسنان
وقوله في الديك:
صفق إما ارتياحة لسنى الف ... جر، وأما على الدجى أسفا
وقوله في العمارة:
ألا من لنفس وأحزانها ... ودار تداعت بحيطانها
أظل نهاري في شمسها ... شقيا لقيا ببنيانها
أسود وجهي بتبييضها ... وأخرب كيسي بعمرانها
ومن عجيب أمره أنه كان يستكثر في أوصافه من التشبيه بالعنين كقوله في وصف الشمس التي تكاد تخرج من الغيم:
تظل الشمس ترمقنا بطرف ... مريض مدنف من خلف ستر
تحاول فتق غيم وهو يأبى ... كعنين يروم نكاح بكر
وكقوله في الوحشة:
أطال الدهر في بغداد همى ... وقد يشقى المسافر أو يفوز
ظللت بها على رغمى مقيما ... كعنين تضاجعه عجوز
وقوله في العذر الكاذب من مزدوجة:
وجاءنا بعذرة كذابه ... لم يفتح القلب لها أبوابه
كعذرة العنين بعد السابع ... إلى عروس ذات حر ضائع
حتى اتهم أنه كان عنينا ولم يكنه لمكان ابنه عبد الواحد.
¥