جمال الورى ما المجد إلا مطية ... يمينك أضحى مالكا لفيادها
جلت بك قسرا عن بلادك عصبة ... رأت لك فضلا لم يكن في سوادها
كذا عادة الغربان تكره أن ترى ... بياض البزاة الشهب بين سوادها
الشيخ العميد أبو سهل محمد بن الحسن: من أبيات قصائده قوله:
لقد نثر الدرين لفظا وعبرة ... وقد نظم الدرين عقدا ومبسما
وهذا أجود ما قيل في معناه لأنه جمع في بيت واحد ما فرق في أبيات وأحسن الترتيب، وأنشدني لنفسه في نتفة خمرية:
كشعاع في هواء ... تتحاماه العيون
هي في الدن جنين ... وهي في الرأس جنون
وقوله:
تقولين إني قد شكوت من الهوى ... لعلك قد قايست حالي بحالك
وقوله في قصيدة شمسية:
عجبت من الأقلام لم تبد خضرة ... وباشرن منه كفه والأناملا
لو أن الورى كانوا كلاما وأحرفا ... لكان " نعم " منها وباقي الأنام " لا "
الشيخ العميد أبو الطيب طاهر بن عبد الله: من أشهر شعره قوله:
إذا بلغ الحوادث منتهاها ... فرج بعيدها الفرج المظلا
فكم كرب تولى إذ توالى ... وكم خطب تجلى حين جلا
وقوله:
قالوا: تبدى شعره فأجبتهم ... لا بد من علم على ديباج
والبدر أبهى ما يكون جماله ... إذ كان ملتحفا بليل داج
الشيخ العميد أبو سهل أحمد بن الحسن الحمدوي: من عجيب شعره قوله في سراج غير مضيء:
ظلمتك الليل يا سراجي ... ظلمة كفر ويأس راجي
وقوله في الحكمة والموعظة الحسنة:
الخمر عنوان الفساد ... ورتاج أبواب السداد
إدمانه أصل الضلا ... ل وحبه رأس العناد
والعمر زورة طائف ... يأتيك ما بين الرقاد
قد زل من ركب الفسا ... د عن الطريقة والرشاد
فاحذر أبا سهل وتب ... من قبل ميعاد المعاد
واقلب إلى نور الهدى ... قلبا به أثر السواد
من قبل عجزك باللسا ... ن وقبل ضعفك بالفؤاد
فكأنني بك راكبا ... أجيادهم بدل الجياد
ترد القيامة فارغا ... متنحيا من خير زاد
كيف الجواب عن السؤا ... ل متى يناديك المناد
لا ذخر لي بين الجمي ... ع من الحواضر والبوادي
إلا شهادة واثق ... بالله عن صفو اعتقاد
ومشفع عند السؤا ... ل بعفو أمته ينادي
الشيخ العميد أبو الفتح المظفر بن الحسن الدامغاني: من قصيدة في شمس الكفاة:
فسد الأنام فما ترى ... إلا ذئابا أو ذبابا
هذا يصول فان يصب ... لم يأل عقرا وانتهابا
ويحوم ذاك على اذا ... ك فلا تزال به مصابا
فابسط حسامك في الذئا ... ب فلا تدع ظفرا ونابا
واصبب على الدبان من ... عذبات مقرعك العذابا
ومن قصيدة في الشيخ العميد أبي سهل الحمدوي:
بأبي طلوعك أيها القمر ... حتى متى يا بدر تنتظر
يا مجملا فيه الجمال له ... خصر كحظى منه مختصر
العشق أول أمره نظر ... كم خاض في دم عاشق نظر
والمجد يحمد فعل أحمده ... في كل ما يأتي وما يذر
الحمدوي المكتفي بندى ... كفيه ما أمسك المطر
الأمير أبو الفضل عبيد الله بن أحمد المكيالي: من عجيب شعره وطريفه قوله:
ونبئتها يوما ألمت بجنة ... تنزه طرفا في الأزاهير والخضر
فأبصر رب الباغ رمان صدرها ... فقال اطرحيه عنك يا لصة الشجر
فناداه نور الجلنار بخدها ... كذبت فهذا النور اطلع ذا الثمر
وقوله:
ما سبى عقلي المدام الرحيق ... بل جفون نشوانها لا يفيق
حين غصن الشباب غض وريق ... ومزاج الشباب غصن وريق
ثم بان الصبا وعف التصابي ... وتجافى الهوى وخف الحريق
وقوله في التفاؤل بالبنفسج:
يا مهديا لي بنفسجا أرجا ... يرتاح صدري له وينشرح
بشرني عاجلا مصحفه ... بأن ضيق الأمور ينفسح
وقال أيضاً في ضد ذلك:
يا مهديا لي بنفسجا سمجا ... وددت لو أن أرضه سبخ
أنذرني عاجلا مصحفه ... بأن وصل الحبيب ينفسخ
الأمير أبو إبرهيم نصر بن أحمد الميكالي: من بديع شعره قوله في قينة تسمى ده هزاره:
تبدى النور والقمري أضحى ... يحاكي في ترنمه هزاره
وغض العيش والدنيا ولكن ... أمر العيش فرقة ده هزاره
وقوله في تراجع شربه:
شرب الراح شرب الهيم دهرا ... فصرت الآن أشرب بالتكلف
ويكفيني عمير دون عمرو ... وما ضر التخلف في التخلف:)
وقوله لبعض أصحابه:
حسبتك لب الجود بذلا وهمة ... فأدخلت فيما كنت أحسبه وهنا
فكنت كما قدرت لب سماحة ... ولكن لب الجوز إذ فارق الدهنا
الشيخ السيد أبو الحسن مسافر بن الحسن: أخرت ذكر شعره كما يؤخر تقديم الحلواء على الموائد، وكتبت منه أنموذجا يدل على ما وراءه من الشعر الكتابي السهل الجزل إلى أن ألحق به ما يقع إلي منه إن شاء الله.
كتب إلى مؤلف الكتاب جواباً عن شعره:
أهلا ببرك يا أخا الإكرام ... في حالتي ترحلي ومقامي
أتحفتني في مشهدي بظرائف ... عزت على الألفاظ والأقلام
حتى إذا ما غبت عنك وصلتها ... بلطائف دقت عن الأوهام
يا من يحل من المحاسن والعلى ... والمكرمات ذرى السنام السامي
ومن اغتدى ربع الفضائل مشرقا ... بمكانه وخلا من الإظلام
آدابه في سائر الآداب لل ... بلغاء كالأعياد في الأيام
مهلا فإني قاصر عما مضى ... بالذكر دون الفعل غير مسام
لا تثقلني بالزيارة إنني ... أزداد من خجل ومن إفحام
لكن همك لم يزل وقفا على ... أن تردف الإنعام بالإتمام
فاعذر قصوري عن جوابك إنه ... مهما صفا لي غاية الإنعام
تمت بحمد الله ما قصدتُ من نقل هذا الفصل الماتع
(عجائب الشعر والشعراء) من (خاص الخاص) للثعالبي
أسأل الله أن ينفع به وأن يعلمنا ما ينفعنا وأن يجعل عملنا خالصا لوجهه الكريم