تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[(قالوا: يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا , أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء؟)]

ـ[شاكر]ــــــــ[26 Mar 2009, 08:59 م]ـ

(قالوا: يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا , أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء؟ إنك لأنت الحليم الرشيد!). .

وهو رد واضح التهكم , بين السخرية في كل مقطع من مقاطعه. وإن كانت سخرية الجاهل المطموس , والمعاند بلا معرفة ولا فقه.

(أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء؟). .

فهم لا يدركون - أو لا يريدون أن يدركوا - أن الصلاة هي من مقتضيات العقيدة , ومن صور العبودية والدينونة. وأن العقيدة لا تقوم بغير توحيد الله , ونبذ ما يعبدونه من دونه هم وآباؤهم , كما أنها لا تقوم إلا بتنفيذ شرائع الله في التجارة وفي تداول الأموال وفي كل شأن من شئون الحياة والتعامل. فهي لحمة واحدة لا يفترق فيها الاعتقاد عن الصلاة عن شرائع الحياة وعن أوضاع الحياة.

وقبل أن نمضي طويلا في تسفيه هذا التصور السقيم لارتباط الشعائر بالعقيدة. وارتباطهما معا بالمعاملات. . قبل أن نمضي طويلا في تسفيه هذا التصور من أهل مدين قبل ألوف السنين , يحسن أن نذكر أن الناس اليوم لا يفترقون في تصورهم ولا في إنكارهم لمثل هذه الدعوة عن قوم شعيب. وأن الجاهلية التي نعيش فيها اليوم ليست أفضل ولا أذكى ولا أكثر إدراكا من الجاهلية الأولى! وأن الشرك الذي كان يزاوله قوم شعيب هو ذاته الشرك الذي تزاوله اليوم البشرية بجملتها - بما فيها أولئك الذين يقولون: إنهم يهود أو نصارى أو مسلمون - فكلهم يفصل بين العقيدة والشعائر. والشريعة والتعامل. فيجعل العقيدة والشعائر لله ووفق أمره , ويجعل الشريعة والتعامل لغير الله , ووفق أمر غيره. . وهذا هو الشرك في حقيقته وأصله. .

وإن كان لا يفوتنا أن اليهود وحدهم اليوم هم الذين يتمسكون بأن تكون أوضاعهم ومعاملاتهم وفق ما يزعمونه عقيدتهم وشريعتهم - وذلك بغض النظر عما في هذه العقيدة من انحراف وما في هذه الشريعة من تحريف - فلقد قامت أزمة في "الكنيست" مجلس تشريعهم في إسرائيل بسبب أن باخرة إسرائيلية تقدم لركابها - من غير اليهود - أطعمة غير شرعية. وأرغمت الشركة والسفينة على تقديم الطعام الشرعي وحده - مهما تعرضت للخسارة - فأين من يدعون أنفسهم "مسلمين! " من هذا الاستمساك بالدين؟!!

إن بيننا اليوم - ممن يقولون: إنهم مسلمون! - من يستنكر وجود صلة بين العقيدة والأخلاق , وبخاصة أخلاق المعاملات المادية.

وحاصلون على الشهادات العليا من جامعاتنا وجامعات العالم. يتساءلون أولا في استنكار:

وما للإسلام وسلوكنا الشخصي؟

ما للإسلام والعري في الشواطيء؟

ما للإسلام وزي المرأة في الطريق؟

ما للإسلام وتصريف الطاقة الجنسية بأي سبيل؟

ما للإسلام وتناول كأس من الخمر لإصلاح المزاج؟

ما للإسلام وهذا الذي يفعله "المتحضرون"؟!. .

فأي فرق بين هذا وبين سؤال أهل مدين:

(أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا؟). .

وهم يتساءلون ثانيا. بل ينكرون بشدة وعنف.

أن يتدخل الدين في الاقتصاد , وأن تتصل المعاملات بالاعتقاد , أو حتى بالأخلاق من غير اعتقاد. .

فما للدين والمعاملات الربوية؟

وما للدين والمهارة في الغش والسرقة ما لم يقعا تحت طائلة القانون الوضعي؟

لا بل إنهم يتبجحون بأن الأخلاق إذا تدخلت في الاقتصاد تفسده.

وينكرون حتى على بعض أصحاب النظريات الاقتصادية الغربية - النظرية الأخلاقية مثلا - ويعدونها تخليطا من أيام زمان!

فلا يذهبن بنا الترفع كثيرا على أهل مدين في تلك الجاهلية الأولى.

ونحن اليوم في جاهلية أشد جهالة , ولكنها تدعي العلم والمعرفة والحضارة , وتتهم الذين يربطون بين العقيدة في الله , والسلوك الشخصي في الحياة , والمعاملات المادية في السوق. . تتهمهم بالرجعية والتعصب والجمود!!!

وما تستقيم عقيدة توحيد الله في القلب , ثم تترك شريعة الله المتعلقة بالسلوك والمعاملة إلى غيرها من قوانين الأرض.

فما يمكن أن يجتمع التوحيد والشرك في قلب واحد. والشرك ألوان. منه هذا اللون الذي نعيش به الآن. وهو يمثل أصل الشرك وحقيقته التي يلتقي عليها المشركون في كل زمان وفي كل مكان!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير