[هداية القرآن في مواجهة مصاعب الحياة]
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[12 May 2009, 05:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[هداية القرآن في مواجهة مصاعب الحياة]
ما من أحد إلا وتمر به أيام عصيبة تضيق فيها عليه الأرض بما رحبت و تضيق عليه نفسه التي بين جنبيه.
وكثير من الناس يسير في هذه الحياة مكدودا متبرما بما يواجهه في حياته اليومية من مشاكل الحياة فلا يهنأ له عيش ولا تصفو له نفس.
وفي القرآن شفاء ورحمة، وفي القرآن هداية للتي هي أقوم.
وأول العلاج القرآني هو بيان أن هذه هي طبيعة الحياة:
(يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ) سورة الانشقاق (6)
(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) سور الأنبياء (35)
(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) سورة آل عمران من الآية (186)
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ) سورة البقرة من الآية (155)
ولله در الشاعر حين ألتقط هذا الحقيقة القرآنية وصاغها في جملة واحدة ثم صور حال الغافلين عن هذه الحقيقة فقال:
طُبِعَت عَلى كدرٍ وَأَنتَ تُريدُها = صَفواً مِنَ الأَقذاءِ وَالأَكدارِ
وَمُكَلِّف الأَيامِ ضِدَّ طِباعِها = مُتَطَّلِب في الماءِ جَذوة نارِ
وَإِذا رَجَوتَ المُستَحيل فَإِنَّما = تَبني الرَجاءَ عَلى شَفيرٍ هارِ
ومع أن هذه هي طبيعة الحياة التي يشترك فيها المؤمن والكافر، فإن المؤمن هو المعني أكثر من غيره بكدر الحياة وصفوها، وهذا ما أشارت إليه الآيات القرآنية، وكذلك ما أشار إليه الحبيب صلى الله عليه وسلم بقوله:
"مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِنْ الزَّرْعِ مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ كَفَأَتْهَا فَإِذَا اعْتَدَلَتْ تَكَفَّأُ بِالْبَلَاءِ وَالْفَاجِرُ كَالْأَرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ" رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وحتى لا تستغرق اللحظة صاحبها وتقعد به عن البحث عن المخرج أو الأفضل في الأوقات الصعبة نجد أن القرآن يبعث الأمل في النفس وذلك بتقرير قاعدة وحقيقة قرآنية:
(سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) سورة الطلاق من الآية (7)
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)) سورة الشرح
ثم يوجه القرآن الكريم إلى الأسباب المعينة على المواجهة والصمود ومنها:
أولاً: الإيمان:
إذا علم المسلم وآمن أن الأمور في هذه الحياة تجري بقدر الله تعالى وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، كان ذلك سببا لأن يرضى ويطمئن قلبه، وإذا ما أصابه أمر من الأمور التي تكرهها النفس لم يقعد به الحزن والأسى عن مواصلة الحياة والتطلع إلى الأمام والأمل فيما هو أفضل.
قال تعالى:
(مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) سورة التغابن (11)
ثانياً: التوكل على الله:
(وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) سورة الطلاق من الآية (3)
والتوكل على الله من أعظم أسباب التغلب على مصاعب الحياة ومكدراتها، وبخاصة في باب طلب الرزق، وهذه حقيقة يؤكدها الحبيب صلى الله عليه وسلم بقوله:
"لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا" رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني رحمه الله من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ثالثاً: الصبر والصلاة:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) سورة البقرة (153)
وكفى بمعية الله سببا.
وروى أبو داود وحسنه الألباني من حديث حذيفة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى.
رابعاً: تلمس الجوانب الإيجابية في الحياة.
خامساً: العمل الصالح وخاصة في باب الإحسان إلى الغير.
¥