تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[آية سورة النمل]

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[05 Apr 2009, 06:12 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

وترى الجبال

(وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) سورة النمل (88)

لقد أخبر تبارك وتعالى عن أحوال مختلفة للجبال يوم القيامه، فأخبر تعالى أنها تُسير وأنها تكون كثيبا مهيلا وأنها توكن كالعهن وأنها تنسف وأنها تبس، وأنها تدك.

وتعالوا نتأمل كل حال من هذه الأحوال قال تعالى:

(وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا) سورة الكهف (47)

والذي يظهر لي في معنى التسيير هنا والله أعلم أنه الإزالة فلا يبقى لها وجود وهذا هو نفس المعنى في قوله تعالى:

(وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ) سورة التكوير (3)

(وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا) النبأ (20)

أي سيرت وأصبحت كالسراب لا حقيقة لها ولا وجود.

أما قوله تعالى في سورة الطور (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (10)) فهذا والله أعلم أنها المرحلة الأولى في اختلال نظام الكون فتمور السماء وكلمة (مور موحية بالحركة الشديدة) وتسير الجبال وذلك والله أعلم يكون بانفصالها عن الأرض نتيجة الحركة الشديدة غير المعتادة، ثم يتبع هذه الحركة الرجف والرج ثم النسف والبث ثم الدك كما هو في الآيات:

(يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا) سورة المزمل (14)

(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (107) سورة طه

(وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ) سورة المرسلات (10)

(إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6)) سورة الواقعة

(وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً) سورة الحاقة (14)،

وهذا يفسر لي مراحل تسيير الجبال الذي هو بمعنى إزالتها المذكروة في سورة الكهف والتكوير والنبأ.

أما وصفه تعالى للجبال بالعهن في قوله تعالى:

(يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9) سورة المعارج

(يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5) سورة القارعة

فأعتقد والله أعلم أنه تصوير للحال المغاير لما هي عليه في الدنيا فتتحول السماء المحكمة البنيان إلى حالة واهنة لا تتماسك، وتتحول الجبال الصلبة القاسية إلى حالة من النعومة والرقة.

ويتأكد هذا المعنى في صورة القارعة حيث صور الناس في كثرتهم وضعفهم واضطراب حركتهم كالفراش إذا انتثر، والجبال في تفكك أجزائها وتناثرها كالعهن المنفوش.

ولعل هذا الصورة أو الحالة هي نفسها المذكورة في سورة الواقعة والمعبر عنها في قوله تعالى: فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6)

أما آية سورة النمل: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) سورة النمل (88)

فكونها من أحوال يوم القيامة كما هو عليه أكثر المفسرين ففي النفس منه شيء، وذلك للآتي:

أولاً: جاءت بعد قول الله تعالى:

(وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ) سورة النمل (87)

وهذا هي النفخة الثانية نفخة الفزع نفخة البعث من القبور، وهي المذكورة في قوله تعالى في سورة الزمر:

(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ) سورة الزمر (68)

والبعث يكون على أرض ليس فيها جبال كما هو في قول الله تعالى:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير