[قاعدة في التفسير للإمام أحمد رحمه الله مع شواهدها]
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[11 May 2009, 03:30 م]ـ
ذكر الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في كتابه الرد على الزنادقة والجهمية في ثنايا حديثه ورده على شبه الجهمي قال:
اعلم أن الشيئين إذا اجتمعا في اسم يجمعهما فكان أحدهما أعلى من الآخر ثم جرى عليهما اسم مدح فكان أعلاهما أولى بالمدح وأغلب عليه وإن جرى عليهما اسم ذم أو اسمٌ دنيء فأدناهما أولى به.
ومن ذلك قول الله تبارك وتعالى في كتابه (إن الله بالناس لرءوف رحيم) و (عينا يشرب بها عباد الله) فإذا اجتمعوا في اسم الإنسان واسم العباد فالمعني في قوله تعالى (عينا يشرب بها عباد الله) يعني الأبرار دون الفجار لقوله إذا انفرد الأبرار (إن الأبرار لفي نعيم) وإذا انفرد الكفار (وإن الفجار لفي جحيم)
وقوله (إن الله بالناس لرءوف رحيم) فالمؤمن أولى به وإن اجتمعا في اسم الناس لأن المؤمن إذا انفرد أعطي المدحة لقوله تعالى (وإن الله بكم لرءوف رحيم) (وكان بالمؤمنين رحيما) وإذا انفرد الكفار جرى عليهم اسم الذم في قوله: (ألا لعنة الله على الظالمين) وقوله (أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون) فهؤلاء لا يدخلون في الرحمة.
وفي قوله (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض) فاجتمع الكفار والمؤمنون في اسم العباد ,فالكفار أولى بالبغي من المؤمنين لأن المؤمنين انفردوا ومدحوا فيما بسط الله لهم من الرزق وهو قوله تعالى (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا) وقوله (ومما رزقناهم ينفقون)
وقد بسط الله الرزق لداود وسليمان بن داود عليهما السلام ولذي القرنين وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ومن كان على مثالهم ممن بسط الله له فلم يبغ.
وإذا انفرد اسم الكافر وقع عليه اسم البغي في قوله لقارون (إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم) ونمرود بن كنعان حين آتاه الله الملك فحاج في ربه وفرعون حين قال موسى (ربنا إنك ءاتيت فرعون وملأه زينة في الحياة الدنيا) الآية.
فلما اجتمعوا في اسم واحد فجرى عليهم اسم البغي كان الكافر أولى به كما أن المؤمن أولى بالمدحة
ثم شرع في تطبيق هذه القاعدة على الشبهة التي أراد الرد عليها فرحمه الله رحمة واسعة , وفي الكتاب بالجملة فقه عجيب من الإمام لكتاب الله وتدبر عميق ظهرت ثمرته في رده على الجهمية وشبهاتهم ..
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[11 May 2009, 07:57 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذا القنص المبارك
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[11 May 2009, 10:06 م]ـ
جزاك الله خيراً
وبارك فيك
وحبذا لو تكمل المسيرة باستخلاص قواعد التفسير من كتب الإمام أحمد فقد يكون ذلك في رسالة لطيفة أرجو أن ينتفع بها طلاب العلم.
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[12 May 2009, 06:05 ص]ـ
جزاكما الله خيرا وبارك فيكما ..
فكرة رائعة أخي عبد العزيز وأتمنى أن ييسرها الله تعالى لنا أو لغيرنا من الإخوة
حفظكم الله ونفع بكم ..
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[13 May 2009, 08:57 م]ـ
وهذه قاعدة أخرى من نفس الكتاب وبعضهم يعبر عنها بطريقة أخرى ..
يقول رحمه الله:
وذلك أن الله جل ثناؤه إذا سمى الشيء الواحد باسمين أو ثلاثة أسامي فهو مرسل غير منفصل وإذا سمى شيئين مختلفين لا يدعهما مرسلين حتى يفصل بينهما ,
ومن ذلك قوله عز وجل: ((يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً)) فهذا شيء واحد سماها بثلاثة أسام وهو مرسل ولم يقل إن له أبا وشيخا وكبيرا.
وقال ((عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ)) ثم قال ((ثيبات)) فهذا اسم شيء واحد فهو مرسل فلما ذكر شيئين مختلفين فصل بينهما فذلك قوله ((ثَيِّبَاتٍ)) ثم قال ((وأبكارا)) فلما كانت البكر غير الثيب لم يدعه مرسلا حتى فصل بينهما , فذلك قوله ((وأبكارا))
وقال ((وما يستوي الأعمى)) ثم قال ((والبصير)) فلما كان البصير غير الأعمى فصل بينهما ثم قال ((ولا الظلمات ولا النور * ولا الظل ولا الحرور)) فلما كان كل واحد من هذا الشيء غير الشيء الآخر فصل بينهما.
ثم قال: ((الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ)) , ((الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ.)) فهذا كله اسم شيء واحد فهو مرسل ليس بمنفصل.
وكذلك إذا قال الله (ألا له الخلق)) ثم قال: (والأمر) لأن الخلق غير الأمر فهو منفصل.
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[07 Oct 2009, 11:04 ص]ـ
إذا تكرم الإخوة هل بالإمكان إفادتي بمؤلفات الإمام أحمد التي فيها كلامه ونقاشاته واستدلالاته؟