تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[(الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم , الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون)]

ـ[شاكر]ــــــــ[24 May 2009, 08:00 م]ـ

[(الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم , الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون)]

لقد تكرر في القرآن الكريم ذكر معرفة أهل الكتاب - وهم اليهود والنصارى - لهذا القرآن ;

أو لصحة رساله محمد [صلى الله عليه وسلم] وتنزيل هذا القرآن عليه من عند الله. .

تكرر ذكر هذه الحقيقة سواء في مواجهة أهل الكتاب أنفسهم ,

عندما كانوا يقفون من النبى [صلى الله عليه وسلم] ومن هذا الدين وقفة المعارضة والإنكار والحرب والعداء

[وكان هذا غالبا في المدينة] أو في مواجهة المشركين من العرب ;

لتعريفهم أن أهل الكتاب , الذين يعرفون طبيعة الوحي والكتب السماوية , يعرفون هذا القرآن ,

ويعرفون صدق رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في أنه وحي أوحى به ربه إليه كما أوحى إلى الرسل من قبله.

وهذا الآية - كما رجحنا - مكية.

وذكر أهل الكتاب فيها على هذا النحو - إذن - يفيد أنها كانت مواجهة للمشركين بأن هذا القرآن الذي ينكرونه ,

يعرفه أهل الكتاب كما يعرفون أبناءهم ;

وإذا كانت كثرتهم لم تؤمن به فذلك لأنهم خسروا أنفسهم , فهم لا يؤمنون.

شأنهم في هذا شأن المشركين , الذين خسروا أنفسهم , فلم يدخلوا في هذا الدين!

والسياق قبل هذه الآية وبعدها كله عن المشركين. مما يرجح مكيتها كما قلنا من قبل في التعريف بالسورة. .

وقد جرى المفسرون على تفسير مثل هذا التقرير: (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم). .

على أنهم يعرفون أنه منزل من عند الله حقا ;

أو على أن النبى [صلى الله عليه وسلم] رسول من عندالله حقا , يوحى إليه بهذا القرآن. .

وهذا جانب من مدلول النص فعلا

ولكنا نلمح - باستصحاب الواقع التاريخي وموقف أهل الكتاب من هذاالدين فيه –

أن هناك جانبا آخر من مدلول النص ;

لعل الله - سبحانه - أراد أن يعلمه للجماعة المسلمة ,

ليستقر في وعيها على مدار التاريخ , وهي تواجه أهل الكتاب بهذا الدين. .

إن أهل الكتاب يعرفون أن هذا الكتاب حق من عند الله ;

ويعرفون - من ثم - ما فيه من سلطان وقوة ; ومن خير وصلاح ;

ومن طاقة دافعة للأمة التي تدين بالعقيدة التي جاء بها ; وبالأخلاق التي تنبثق منها ; وبالنظام الذي يقوم عليها.

ويحسبون كل حساب لهذا الكتاب وأهله ; ويعلمون جيدا أن الأرض لا تسعهم وتسع أهل الدين!. .

إنهم يعرفون ما فيه من حق , ويعرفون ما هم فيه من باطل. .

ويعرفون أن الجاهلية التي صاروا إليها , وصارت إليها أوضاع قومهم وأخلاقهم وأنظمتهم ,

لا يمكن أن يهادنها هذا الدين , أو يبقى عليها. .

وأنها - من ثم - معركة لا تهدأ حتى تجلو الجاهلية عن هذه الأرض , ويستعلي هذا الدين , ويكون الدين كله لله. .

أي أن يكون السلطان في الأرض كله لله ; وأن يطارد المعتدون على سلطان الله في الأرض كلها. وبذلك وحده يكون الدين كله لله. .

إن أهل الكتاب يعلمون جيدا هذه الحقيقة في هذا الدين. . ويعرفونه بها كما يعرفون أبناءهم. .

وهم جيلا بعد جيل يدرسون هذا الدين دراسة دقيقة عميقة ; وينقبون عن أسرار قوته ;

وعن مداخلة إلى النفوس ومساربه فيها ;

ويبحثون بجد:

كيف يستطيعون أن يفسدوا القوة الموجهة في هذا الدين؟

كيف يلقون بالريب والشكوك في قلوب أهله؟

كيف يحرفون الكلم فيه عن مواضعه؟

كيف يصدون أهله عن العلم الحقيقي به؟

كيف يحولونه من حركة دافعة تحطم الباطل والجاهلية

وتسترد سلطان الله في الأرض وتطارد المعتدين على هذا السلطان , وتجعل الدين كله لله. .

إلى حركة ثقافية بارده , وإلى بحوث نظرية ميتة , وإلى جدل لاهوتي أو فقهي أو طائفي فارغ؟

كيف يفرغون مفهوماته في اوضاع وأنظمة وتصورات غريبة عنه مدمرة له ,

مع إيهام أهله أن عقيدتهم محترمة مصونة؟!

كيف في النهاية يملأون فراغ العقيدة بتصورات أخرى ومفهومات أخرى واهتمامات أخرى ,

ليجهزوا على الجذور العاطفية الباقية من العقيدة الباهتة؟!

إن أهل الكتاب يدرسون هذا الدين دراسة جادة عميقة فاحصة ;

لا لأنهم يبحثون عن الحقيقية - كما يتوهم السذج من أهل هذا الدين!

- ولا لينصفوا هذا الدين وأصله –

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير