تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ما هي الحياة الطيبة؟؟]

ـ[أبو يحيى بن يحيى]ــــــــ[24 May 2009, 11:41 م]ـ

[ما هي الحياة الطيبة؟؟]

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله

يقول رب العالمين في كتابه:

مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً

وقد ذكر شيخ المفسرين الطبري رحمه الله اختلاف أهل التأويل من السلف في معنى الحياة الطيبة:

فقال أن منهم من قال: هي الرزق الحلال ..

ومنهم من قال: هي القناعة ..

ومنهم من قال: هي السعادة في الدنيا ..

ومنهم من قال: هي الجنة ..

ثم رجح وقال:

وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: تأويل ذلك: فلنحيينه حياة طيبة بالقناعة، وذلك أن من قنعه الله بما قسم له من رزق لم يكثر للدنيا تعبه، ولم يعظم فيها نَصَبه ولم يتكدّر فيها عيشه باتباعه بغية ما فاته منها وحرصه على ما لعله لا يدركه فيها.

قلت: قال الإمام ابن القيم في "المدارج":

وقد جعل الله الحياة الطيبة لأهل معرفته ومحبته وعبادته فقال تعالى:

مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ

وقد فسرت الحياة الطيبة بالقناعة والرضى والرزق الحسن وغير ذلك والصواب أنها حياة القلب ونعيمه وبهجته وسروره بالإيمان ومعرفة الله ومحبته والإنابة إليه والتوكل عليه فإنه لا حياة أطيب من حياة صاحبها ولا نعيم فوق نعيمه إلا نعيم الجنة كما كان بعض العارفين يقول إنه لتمر بي أوقات أقول فيها إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب وقال غيره إنه ليمر بالقلب أوقات يرقص فيها طربا

وإذا كانت حياة القلب حياة طيبة تبعته حياة الجوارح فإنه ملكها ولهذا جعل الله المعيشة الضنك لمن أعرض عن ذكره وهي عكس الحياة الطيبة

وهذه الحياة الطيبة تكون في الدور الثلاث أعني دار الدنيا ودار البرزخ ودار القرار والمعيشة الضنك أيضا تكون في الدور الثلاث فالأبرار في النعيم هنا وهنالك والفجار في الجحيم هنا وهنالك

وقال رحمه الله في "الوابل الصيب"

فمن نسي الله تعالى أنساه نفسه في الدنيا ونسيه في العذاب يوم القيامة قال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} أي تنسى في العذاب كما نسيت آياتي فلم تذكرها ولم تعمل بها وإعراضه عن ذكره يتناول إعراضه عن الذكر الذي أنزله وهو أن يذكر الذي أنزله في كتابه وهو المراد بتناول إعراضه عن أن يذكر ربه بكتابه وأسمائه وصفاته وأوامره وآلائه ونعمه فإن هذه كلها توابع إعراضه عن كتاب ربه تعالى فإن الذكر في الآية إما مصدر مضاف إلى الفاعل أو مضاف إضافة الأسماء المحضة أعرض عن كتابي ولم يتله ولم يتدبره ولم يعمل به ولا فهمه فإن حياته ومعيشته لا تكون إلا مضيقة عليه منكدة معذبا فيها

والضنك الضيق والشدة والبلاء ووصف المعيشة نفسها بالضنك مبالغة وفسرت هذه المعيشة بعذاب البرزخ والصحيح أنها تتناول معيشته في الدنيا وحاله في البرزخ فإنه يكون في ضنك في الدارين وهو شدة وجهد وضيق وفي الآخرة تنسى في العذاب وهذا عكس أهل السعادة والفلاح فإن حياتهم في الدنيا أطيب الحياة ولهم في البرزخ وفي الآخرة أفضل الثواب

قال تعالى: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} فهذا في الدنيا ثم قال: {ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} فهذا في البرزخ والآخرة

قلت (أبو يحيى): وليس ثمة كلام يقال بعد كلام الأئمة العظام عليهم رحمة الله لكن ثمة ملاحظة إن كانت صوابا فمن الله و إن كانت خطأ فمن نفسي ومن الشيطان ...

أقول ذكر الله هو أطيب ما في الدنيا

ففيم أخرج الترمذي عن أبي هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ألا الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم

قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب

قال الشيخ الألباني: حسن

بل هو رياض الجنة في الدنيا

كما في الترمذي أيضا عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا قال وما رياض الجنة؟ قال حلق الذكر

قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ثابت عن أنس

قال الشيخ الألباني: حسن

والقرآن ذكر كما في قوله تعالى

إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ

وأيضا

وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ

بل هو خير الذكر

اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ

فبالنظر إلى الآية التالية لقوله تعالى

مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً

لوجدناها:

فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ

فقراءة القرآن هي الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة

وإنما ينغص هذه الحياة الشيطان وأمانيه ووساوسه وهمزه ونفخه ونفثه

لذا كانت الاستعاذة بالله منه من لوازم نيل تلك الحياة الطيبة

نسأل الله تعالى الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة

والله تعالى أعلم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير