ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[18 Apr 2009, 04:26 م]ـ
والله ما زالت أعجب منذ زمن بعيد من التفريق في جامعاتنا بين التفسير وعلوم القرآن عموما وبين علوم العربية خاصة البلاغة، والأمر عند علمائنا الأقدمين بخلاف ذلك، ومازلت أذكر قول أبي هلال العسكريّ في وصفه لعلم البلاغة بأنه: (أحقّ العلوم بالتعلّم وأولاها بالتحفّظ بعد المعرفة بالله جلّ ثناؤه؛ إذ به يعرف إعجاز كتاب الله الناطق بالحقّ والهادي إلى سبيل الرشاد المدلول به على صدق الرسالة وصحة النبوة، والإنسان إذا أغفل علم البلاغة وأخلّ بمعرفة الفصاحة لم يقع علمه بإعجاز القرآن من جهة ما خصّه الله به)
ومازلت أذكر قول العلامة الزمخشري (فالفقيه وإن برز على الأقران في علم الفتاوي والأحكام والمتكلم وإن بز أهل الدنيا في صناعة الكلام وحافظ القصص والأخبار وإن كان من ابن القرية أحفظ والواعظ وإن كان من الحسن البصري أوعظ والنحوي وإن كان أنحى من سيبويه واللغوي وإن علك اللغات بقوة لحييه لا يتصدى منهم أحد لسلوك تلك الطرائق ولا يغوص على شيء من تلك الحقائق الا رجل قد برع في علمين مختصين بالقرآن وهما "علم المعاني وعلم البيان " وتمهل في ارتيادهما آونة وتعب في التنقير عنها أزمنة وبعثته على تتبع مظانهما همة في معرفة لطائف حجة الله وحرص على استيضاح معجزة رسول الله بعد أن يكون آخذا من سائر العلوم بحظ)
ومازلت أذكر قول الجرجاني: (هذا باب من العلم إذا أنت فتحته اطلعت به على فوائد جليلة ومعان شريفة ورأيت له أثراً في الدين عظيماً وفائدة جسيمة؛ ووجدته سبباً في حسم كثير من الفساد فيما يعود إلى التنزيل وإصلاح أنواع الخلل فيما يتعلّق بالتأويل؛ وإنه ليؤمّنك من أن تغالط في دعواك وتدافع عن مغزاك)
وما زلت أذكر قول الإمام الشاطبي: (كل معنى مستنبط من القرآن والسنة غير جار على طريقة العرب فليس من علوم القرآن في شيء لا مما يستفاد منه ولا مما يستفاد به ومن ادعى فيه ذلك فهو في دعواه مبطل)
وما زلت أذكر قول الإمام مالك (لا أوتى برجل غير عالم بلغة العرب يفسر القرآن إلا جعلته نكالاً)
فعلماؤنا الأجلاء لم ينبهوا إلى هذه الصلة فحسب بل أكدوها تأكيدا وتشددوا في أمرها، ويبدوا ذلك واضحا جدا في أقوالهم
وأخيرا: جزاكم الله خيرا على هذا التوضيح المهم وينبغي أن يراعى ذلك في كافة الجامعات العربية والإسلامية
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[18 Apr 2009, 04:49 م]ـ
والحق أن من يطالع تاريخ العلوم العربية يدرك أنها ما نشأت إلا لأجل القرآن وفهمه؛ فالنحو معروفة قصته؛ إذ قرأ رجل: (إن الله برئ من المشركين ورسوله) بجر "ورسوله " فأفسد المعنى وأمر الخليفة – عمر أو على على اختلاف بين الرواة - بوضع هذا العلم الجليل، ومعاني المفردات "المعاجم" قد وضعت لما خيف أن يلتبس المعنى على الناس في فهم القرآن والسنة كما ذكر ابن خلدون، وعلم البلاغة أسسه الجاحظ لما ذهب أستاذه إبراهيم بن سيار النظام إلى أن بلاغة القرآن ليست بمعجزة للنبي صلى الله عليه وسلم ولا بدلالة له في دعواه النبوة
. ورغم أن الهدف الأول من علوم العربية هو خدمة القرآن - إلا أهل العربية أحيانا كانوا يغرقون في تفاصيل علومهم وجزئياتها متناسين ذلك الهدف السامي، ويبدو أنها آفة قديمة؛ إذ نجد الباقلاني في كتابه "إعجاز القرآن" يعيب علي النحويين واللغويين عدم اهتمامهم بدراسة الإعجاز وانشغالهم بالجزء ودقيق الكلام وبديع الإعراب وغامض النحو، مع أن الحاجة إلى علم الإعجاز أمسّ والاشتغال به أوجب
ولكني لا أظن إطلاقا أن المشكلة في عهد الباقلاني قد وصلت الحد الذي وصلته الآن
ـ[أبو محمد البدري]ــــــــ[19 Apr 2009, 08:03 م]ـ
من الأمور المسْتغربة المؤلمة:
إلغاءُ تدريس البلاغة في قسم القرآن في أحد الجامعات العريقة!!
أو نسوا أن هذا العلم أحدُ أسباب القوة والتضلُّع في تناول كتاب الله سبحانه بالتفسير والتدبر.