ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[12 Apr 2009, 03:18 م]ـ
15 ـ قال تعالى: (إن الذين كفروا سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون).
من فوائد هذه الآية أن الإنسان إذا كان لا يشعر بالخوف عند الموعظة، ولا بالإقبال على الله تعالى فإن فيه شبهاً من الكفار الذين لا يتعظون بالمواعظ، ولا يؤمنون عند الدعوة إلى الله. ص38.
16 ـ قال الله تعالى: (يخادعون الله والذين ءامنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون).
إن قيل: كيف يكون خداعهم لله وهو يعلم ما في قلوبهم؟
فالجواب: أنهم أظهروا إسلامهم فكأنما خادعوا الله لأنهم حينئذ تُجرى عليهم أحكام الإسلام، فيلوذون بحكم الله ـ تبارك وتعالى ـ حيث عصموا دماءهم وأموالهم بذلك. ص45.
17 ـ قال تعالى: (وإذا قيل لهم ءامنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما ءامن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون).
من فوائد الآية: أن كل من لم يؤمن فهو سفيه، كما قال الله تعالى: (ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه). ص51.
18 ـ قال جل وعلا عن المنافقين: (وإذا لقوا الذين ءامنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون).
المنافق ذليل لأنه خائن فهم (إذا لقوا الذين ءامنوا قالوا آمنا) خوفاً من المؤمنين، و (إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم) خوفاً منهم، فهم أذلاء عند هؤلاء، وهؤلاء، لأن كون الإنسان يتخذ من دينه تقية فهذا دليل على ذله، وهذا نوع من النفاق لأنه تستر بما يُظَن أنه خير وهو شر. ص54 ـ 55.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[17 Apr 2009, 01:59 م]ـ
19 ـ قال تعالى: (يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت).
قيل: إن في الآية مجازاً من وجهين، الأول: أن الأصابع ليست كلها تجعل في الأذن والثاني: أنه ليس كل الأصبع يدخل في الأذن.
والتحقيق: أنه ليس في الآية مجاز، أما الأول: فلأن (أصابع) جمع عائد على قوله تعالى: (يجعلون) فيكون من باب توزيع الجمع على الجمع ـ أي يجعل كل واحد منهم أصبعه في أذنه، وأما الثاني: فلأن المخاطب لا يمكن أن يفهم من جعل الأصبع في الأذن أن جميع الأصبع تدخل في الأذن، وإذا كان لا يمكن ذلك امتنع أن تحمل الحقيقة على إدخال جميع الأصبع، بل الحقيقة أن ذلك إدخال بعض الأصبع، وحينئذ لا مجاز في الآية.
على أن القول الراجح أنه لامجاز في القرآن أصلاً لأن معاني الآيات تدرك بالسياق، وحقيقة الكلام: ما دل عليه السياق وإن استعملت الكلمات في غير أصلها، وبحث ذلك مذكور في كتب البلاغة، وأصول الفقة.
وأكبر دليل على امتناع المجاز في القرآن: أن من علامات المجاز صحة نفيه، وتبادر غيره لولا القرينة، وليس في القرآن ما يصح نفيه وإذا وجدت القرينة صار الكلام بها حقيقة في المراد به. ص65 ـ 66.
20 ـ قال تعالى: (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم).
النداء هنا وجه لعموم الناس مع أن السورة مدنية والغالب في السور المدنية أن النداء فيها يكون موجهاً للمؤمنين، والله أعلم بما أراد في كتابه، ولو قال قائل: لعل هذه آية مكية جعلت في السورة المدنية؟
فالجواب: أن الأصل عدم ذلك ـ أي إدخال الآيات المكية في السور المدنية، أو العكس ولا يجوز العدول عن هذا الأصل إلا بدليل صحيح صريح وعلى هذا فما نراه في عناوين بعض السور أنها مدنية إلا آية كذا، أو مكية إلا آية كذا غير مسلم حتى يثبت ذلك بدليل صحيح صريح، وإلا فالأصل أن السورة المدنية جميع آياتها مدنية، وأن السور المكية جميع آياتها مكية إلا بدليل ثابت. ص72.
21 ـ قال تعالى: (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون).
من طريق القرآن أنه إذا ذَكر الحكم غالباً ذكر العلة، الحكم: (اعبدوا ربكم) والعلة: كونه رباً خالقاً لنا، ولمن قبلنا. ص74.
قال تعالى: (فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون * وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا).
قوله تعالى: (وإن كنتم) الخطاب لمن جعل لله أنداداً لأنه تعالى قال: (فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون * وإن كنتم في ريب).
وفي ذكر هذه الآية المتعلقة برسالة محمد صلى الله عليه وسلم إشارة إلى كلمتي التوحيد، وهما شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، لكن شهادة أن لا إله إلا الله: توحيد القصد والثاني: توحيد المتابعة فكلاهما توحيد، لكن الأول توحيد القصد بأن يكون العمل خالصاً لله، والثاني توحيد المتابعة بأن لا يتابع في عبادته سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإذا تأملت القرآن وجدت هكذا: يأتي بما يدل على التوحيد، ثم بما يدل على الرسالة، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: (أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين) ثم قال تعالى: (أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون) وهذا مطرد في القرآن. ص80 ـ 81.
22 ـ الريب يفسره كثير من الناس بالشك، ولا شك أنه قريب من معنى الشك، لكنه يختلف عنه بأن (الريب) يُشعر بقلق مع الشك، وأن الإنسان في قلق عظيم مما وقع فيه الشك، وذلك لأن ما جاء به الرسول حق والشاك فيه لابد أن يعتريه قلق من أجل أنه شك في أمر لا بد من التصديق به بخلاف الشك في الأمور الهينة، فلا يقال: (ريب) وإنما يقال في الأمور العظيمة التي إذا شك فيها الإنسان وجد في داخل نفسه قلقاً، واضطراباً. ص81.
¥