تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثم نأتي إلى الرحمة المباشرة (بسم الله الرحمن الرحيم) أما الرحمن فهي رحمة عامة للكل رحمة بالمؤمن والكافر، للعاضي والمطيع لله رب العالمين، للبعيد والقريب. لكن هناك رحمة أخرى هذه الرحمة الخاصة هي لعباده المؤمنين الطائعين القريبين سبحانه جل جلاله، إلا أن يميز المقربين في نفس البسملة (الرحمن الرحيم) الرحيم لو تتبعناها في القرآن (فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) البقرة) كلمة الرحيم تأتي مع العباد المؤمنين مع الطائعين مع المقربين مع التائبين مع الذاكرين مع المستغفرين لأنها رحمة خاصة لا تشمل كل العباد وإنما تشمل جزءاً منهم. وتكلمنا في المرة السابقة قليلاً وقلنا يا تُرى من هؤلاء العباد - نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا منهم – الذين استحقوا الرحمة الخاصة؟ والرحمة الخاصة بعباد الله عز وجل المقربين لها أشكال عجيبة ومتعددة في الدنيا لو الإنسان يتأمل فيها ويتفكر فيها لوجد عجباً، رحمة عجيبة حتى في عمق الامتحان وعمق البلاء وعمق الشيء الصعب الشديد تجد رحمة الله لأنها رحمة خاصة هؤلاء استحقوا الرحمة. وقفنا عند نقطة جميلة المرة السابقة قلنا أن هذه الرحمة الخاصة لو نتعرف كيف نستنزل هذه الرحمة؟ هل هي عمل أقوم به أو هي منحة يأتي بها الله عز وجل لمن يشاء؟ هي الاثنين مع بعض. معناها لكي أكون عبد من درجة خاصة –وسنأتي على العبودية عندما نصل إلى إياك نعبد – سنجد أن هناك عبودية عامة وعبودية خاصة. هناك عبد من درجة خاصة وهناك عبد درجة عامة فالرحمة درجة عامة ودرجة خاصة. الرحمة الخاصة الله عز وجل يعطيها للإنسان فإذا نزلت على الإنسان بعدها لا يسأل ما في الدنيا! شيء عجيب لو نتتبع آثارها في المرات القادمة بإذن الله. لكن نواصل كلامنا الذي بدأناه في المرة السابقة كيف أصبح من الناس الذين تشملهم الرحمة الخاصة؟ كيف اصبح عبداً أستحق – مهما فعلنا لن يستحق- لكن من رحمة الله بعباده أنه يؤهلنا لأن تستنزل علينا الرحمة الخاصة.

أول شيء طاعة الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم يقول عز وجل في آل عمران وهذا مفتاح من مفاتيح التدبر أننا نتتبع في القرآن نفسه الرحمة وذكرنا في المرة الماضية قلنا أنه على سبيل المثال الرحمة العامة في القرآن (ورحمتي وسعت كل شيء) هذه عامة لأنها وسعت كل شيء. (رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا (7) غافر) وقال في آية أخرى (رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ (147) الأنعام) هذه الرحمة العامة واسعة. أما الخاصة فكما في قوله تعالى (إن رحمت الله قريب من المحسنين) هذه الرحمة الخاصة.

أول عمل هو طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم. يقول الله عز وجل (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132) آل عمران) (لعل) في القرآن حين تأتي مع الله عز وجل فهي متحققة الوقوع، إذن هي الطاعة تستنزل بها الرحمة.

الثانية الإيمان بالله والاعتصام بكتابه (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (175) النساء) ونضع خطاً تحت (فَسَيُدْخِلُهُمْ) هو تعالى الذي يدخل برحمته من يشاء، إذن هي منحة من الله لكن في نفس الوقت لا بد من عمل أقوم به. وهكذا ديننا ليس هناك شيء في الكون ولا الدنيا ولا في النفس يأتي إلا ويجب أن أقدم برهاناً أو دليلاً على أني أستحق ولو شيء بسيط، الجزاء لا يتناسب مع العمل! الجزاء عظيم لأن هذا عطاء الله عز وجل لكن العمل الذي أقوم به ولو دليل صغير بسيط يقابل أني أنا أستحق أن أُرحم رحمة خاصة. إذن طاعة الله وطاعة رسوله والإيمان بالله والاعتصام بكتابه كلها تستنزل الرحمة الخاصة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير