تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"وقُرُونًا بين ذلك كثيرا"، وقال: "ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله؟ " ... ".

ونعكس المسألة فنبدأ بآخر ما قاله ابن سلام فى هذه الفقرة، وهو أن عادا وثمود قد بادتا على بَكْرَة أبيهما فلم يبق من أى منها باقية، وعلى هذا فمن غير المعقول أن يكون قد بلغنا من أشعارهما شىء، وإلا فمن أدى إلينا ذلك الشعر، وقد استؤصلوا أجمعين فلم يكن هناك راوٍ يروى شعرا؟ ولست أذكر الآن أن أحدا ممن تناولوا قضية الشك فى الشعر الجاهلى وتعرض لما قاله ابن سلام قد رد على هذه النقطة، وهو ما يدل على أن الجميع، فى حدود ما أذكر، قد وجد فى كلام ابن سلام برهانا حاسما لا سبيل إلى نقضه. ومنذ شهور قلائل كان هناك طالب قد تخرج منذ عام، لكنه أراد أن يحضر محاضرتى للفرقة الأولى فى مادة "ثقافة العرب قبل الإسلام"، وكان الكلام وقتها عن الانتحال فى الشعر الجاهلى، فساق ما قاله ابن سلام على أساس أنه كلام لا يقبل نقضا ولا إبراما. فلما سمعته يقول ما قال وجدتنى أرد قائلا: وهل كل ثمود قد أبيدت؟ فقال: نعم، هكذا تقول الآيات. فعدت أسأله: أوتظن أن صالحا نبيّهم قد أبيد مع من أبيدوا؟ قال: لا. فسألته مرة أخرى: وهل تظن أن صالحا وحده هو الذى كتب الله له النجاة؟ ألم يكن معه مؤمنون؟ أويعقل أن يكون الله قد أخذهم فيمن أخذ عاطلا مع باطل كما تقول العامة؟ فقال: لا أظن ذلك. قلت له دون أن أتوقف لأراجع نفسى مع أننى لا أذكر أنى فكرت فى الأمر من قبل، إذ كنت كغيرى أقرأ الايات التى يوردها ابن سلام وأصدّق بها دون أن أنظر ما وراءها: فافتح إذن سورة "هود" على الآيات التى تحكى لنا قصة ذلك النبى وقصة أخيه صالح مع قوميهما لنرى ماذا تقول. ففعل.

فقرأت على الطلبة قوله تعالى: "وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلا مُفْتَرُونَ (50) يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ (51) وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52) قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (53) إِنْ نَقُولُ إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آَلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (58) وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (59) وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ (60) وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (61) قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير