تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فإنما الكتاب والسنة عند "أهل القرآن" –حصراً-، هو ما جاء به نبينا الخاتم المعصوم -صلى الله عليه وسلم-، بغير تأويل من "أحد"، ولا تعليق ولا تفسير من أحد، ولا علاقة له البتّة بفقه الفقيه، ولا مذهبه، ولاتفسير المفسرين، فـ"المرفوع" إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- دين، و"الموقوف" على غير محمد -صلى الله عليه وسلم- ليس بدين!. "فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَهُ"!.

ونريد أن يميّز الناس بين القرآن –كلام الله- كامل العلم والحكمة، عالم الغيب والشهادة، وبين تأويل المتأولين، واجتهاد المتفقهين، وتفسير المفسرين، -بلا استثناء بينهم-، لما يعتريها من قصور البشر وجهالة الإنسان، مهما بلغ أصحابها من العلم والإمامة، وفي أمهات التفسير شهادة على مثل ما نقول.

فأطر الناس على فهم أحد –دون إجماع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- هو من الإحداث في الدين، والعدوان على النبوة والكتاب، ولا يستثني "أهل القرآن" في ذلك أحداً أبداً.

ويشهد لنا مقالة إمام الحديث وغيره في عهد السابقين، شعبة بن الحجاج، قال: أقوال التابعين في الفروع ليست حجة، فكيف تكون حجة فى التفسير؟.

فنريد أن لا نقف عند موقفِ مَن سلف من الصالحين والمجتهدين من العلماء –محتفظين لهم بمقام محمود-، فما كان رسول الله ليمسك عن تأويل القرآن، ليفرض علينا أحد من الناس تأويل "أحد" من الناس.

فكم من مسألة ذات خطر في ذات الدين، نزل بها الناس عند "ظن" واحد من العلماء، التبست عليه، وزلّ بها، فتابعوه، وليس لهم ولا له فيها بينة ولا برهان، لا من نبوة ولا من كتاب، ثم صار الدين ما يقول، وصار فهمه ورأيه ديناً نصيباً من دين الله!.

فنريد لكل مؤمن ومؤمنة أن يقرأ كتاب الله بنفسه هو، بكل التعظيم والتمجيد والتقديس، مستجمعاً له كل مداركه، سمعاً وبصراً وفؤاداً، ناظراً وسائلاً ومشاركاً كل ذي علم، منزلاً قوله وقول غيره، عالماً أو غير عالم، إماماً أو مجتهداً، كائناً من كان، سلفاً أو خلفاً، أن ينزله القسطاس المستقيم، أن يُسأل عن بينة ما يقول، من كتاب الله أوحديث رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ?وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً * وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً?.

وما سوى ذلك ممن لم يأت ببينة، فليس بشيء، قاله من قاله، والله لا يستحيي من الحق ?فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ?، ?إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا?. "فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ"، كما بلغنا عن نبينا المعصوم محمد -صلى الله عليه وسلم-.

فالحرمة عندنا لشخص العالم وشخص المؤمن، ولا حرمة لتقوّله ما لم يكن ببرهان، من النبوة والكتاب، ولا ثالث عندنا نحن "أهل القرآن"، إلا ما كان من إجماع الأربعة الخلفاء الراشدين المهديين، على ما سلف لهم من وصية النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد ورد أن علياً رضي الله عنه، كان يستحلف "أصحاب رسول الله"، فيما يحدثونه عنه ليتثبت في دينه، أثم نتبع كل ناعق بغير تبيان؟. فعلى الجميع البينة، وإن كانوا طباق ما بين السماء والأرض ?وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ?.

وقد خلقك الله يوم خلقك فرداً، وهكذا ترجع إليه ?وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ?، فلا تجعل نفسك ظلاً لأحد!، فقد أخرجه الله كما أخرجك، لا تعلمون شيئاً، فتعلّمْ كما تَعَلم هو، ?وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا?، واستعن بالله ولا تعجز، وأكبر أهل العلم، دون أن تميت نفسك!، فطلب العلم فريضة على كل مسلم، كما جاء عن نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وقوله: "مَثَلُ أُمَّتِى مَثَلُ الْمَطَرِ لاَ يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ".

فمنهج القرآن قائم على الحث والبعث والإحياء والتبصير، بينما مناهج العلم اليوم، على الفرض والإملاء والتقليد والتلقين، فيُخرِج القرآن العلماء العمّال، وتُخرج "مناهج العلم"، نسلاً "نسخاً"، مقلدين معطَّلين.

فاحترم شخص المؤمن –عالماً أو غير عالم- وامتحن قوله، ولو كان إمام الأئمة، فلا نعلم معصوماً ولا نبياً بعد أحمد -صلى الله عليه وسلم-. ?وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا?، فكذبت الأنس وكذبت الجن!، ومن لم يكذب فليس أقل من أن يزل ويخطئ، فتبين ثم تبين ثم تبين، ولو كانت من أئمة الدين ومشيخة الإسلام، فكل يؤخذ من فمه ويرد عليه، إلا إمام النبيين محمد -صلى الله عليه وسلم-.

فالتشدد في البينة في رواية الدين، أقوم وآمن من الاستحياء واللين. ?الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ?.

كل هذا، ليكون السلطان كله للنبوة والكتاب، لا ينازعه فيه كتاب، ولو كان من صالح عن صالح، فلا ينبغي لمن يؤمن بالله ورسوله أن يُحيل أحداً على كتاب غير كتاب الله وسنة أحمد -صلى الله عليه وسلم-، ولا يحتج بكتاب العبد كما يُحتج بكتاب الله، إلا من لا يؤمن بالله واليوم الآخر، ?فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً?.

ولا ينشغل بكتب العبيد، كما ينشغل بكتاب الملك العظيم، إلا مفتون مصروف!.

فما لم يكن في حياة رسول الله، عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فليس من دين "أهل القرآن"، ومن كتب بعدها كتاباً فله أو عليه، وليس من دين الله في شيء، إنما الدين الوحي، نبوة أو كتاب.

?ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ?.

صلاح الدين إبراهيم أبو عرفة

بيت المقدس 1427

ـــــــــــــــــــــــ

* نقلاً عن موقعهم بتصرف خاص.

1430هـ

ن. س.أ / القدس.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير