الألواح في هذه المواضع؛ هي الألواح التي كتب عليها موسى عليه السلام التوراة، لتحفظ التوراة لقومه، ويمتد وجود ما عليها بين أيديهم، وعلى ذلك كان ثبات ألف المد منها.
وحذفت الألف في قوله تعالى: (وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) القمر.
وهذه الألواح هي التي صنع منها نوح عليه السلام السفينة، لأجل حدث طارئ ومؤقت، وانتهت الحاجة إليها بنهاية الطوفان، وهبوطهم منها، وتركها بعد ذلك، ولذلك سقطت ألف المد منها.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة الثلاثون
حذف وإثبات ألف الغمام
ورد "الغمام" أربع مرات؛ ثبتت الألف في موضعين، وسقطت في موضعين؛
فثبتت في قوله تعالى: (وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمْ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57) البقرة.
وفي قوله تعالى: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (210) البقرة.
الغمام في هذه الموضعين غمام خاص؛
ففي الموضع الأول كان الغمام مدًا من الله تعالى للغمام العام في الشتاء، فكان تشكله في الصيف لحفظ بني إسرائيل في طريق سيرهم من الحر؛ فعلى ذلك ثبتت ألف المد فيه.
وفي الموضع الثاني هو غمام خاص بيوم القيامة، وفوق الناس في موقف الحساب، ولا علاقة له بالغمام الذي يظهر في أيام الدنيا، وهو يمد بعضه بعضًا؛ لأنه ظلل عديدة، وقد قضى الأمر، وعلى ذلك ثبتت ألف المد فيه.
وحذفت في قوله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذْ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنْ اضْرِب بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمْ الْغَمَامَ (160) الأعراف.
وفي قوله تعالى: (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنزِيلاً (25) الفرقان.
الغمام في الموضع الأول غمام عام لذكر الاستسقاء في الآية، والاستسقاء لا يطلب إلا إذا تأخر المطر عن النزول في الفصل الذي تحيى به الأرض، وينتفع به، ولا يطلب بعد ذهاب الشتاء، وانتهاء المنفعة من نزوله. وفي هذا الفصل يكون الغمام عامًا عليهم وعلى غيرهم، وعلى ذلك سقطت ألف مده.
والغمام في الموضع الثاني؛ غمام عام يعم السماء كلها، ويحيط بالأرض جميعها؛ في آخر أيام الدنيا، وأول قيام الآخرة، بتشقق هذه السماء الموجودة بالغمام. وعلى ذلك سقطت ألفه.
فما كان من الغمام عامًا سقطت ألفه؛ لأنه لا زيادة فيه على قوم دون قوم.
وما كان خاصًا ثبتت ألفه؛ لأنه الامتداد له جاء في غير وقته وزمنه.
والله تعالى أعلم.