تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:54 م]ـ

ب/ مراعاة مستوى العلم البشري:-

إن العلم البشري مهما تطورت أدواته وتوسعت آفاقه – فإن العلم القرآني فوقه على كل حال، ولأجل ذلك لا يمكن في مضمار الإعجاز العلمي إنزال درجة مستوى العلم القرآني حتى يناسب العلم البشري الأدنى في كل الأحوال، وإلا أدى ذلك إلى الزلل والخطأ، وأدى إلى التكلف في حمل معطيات القرآن ومعانيه على حقائق العلم البشري الأدنى، ولهذا يجب عدم تقويل القرآن من معارف البشر ما لم يقله وعدم تحميله من خبراتهم الحسية ما لم يحتمله وعدم حمله على فرضياتهم ونظرياتهم المختلفة وإن تدثرت تلك الفرضيات والنظريات بدثار العلم، وتفصيل ذلك كالآتي:-

1/ عدم التكلف في إثبات الإعجاز العلمي:-

من الثابت في العقول أن القرآن ليس في حاجة للدفاع عنه بالباطل؛ إذ أن الحق لا يدافع عنه إلا بالحق، وسواء تضمن القرآن حقائق علمية أو لم يتضمنها فهو كلام الله وهو الحق المطلق والصدق التام الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولهذا فإنه لا يقبل في مضمار الإعجاز العلمي ما جاء بالتعسف والتكلف والتلفيق.

ومن أمثلة هذا التكلف ما ذهب إليه الشيخ طنطاوي جوهري في تفسيره من أن عبارة (وما بينهما) في قوله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى) يدخل ضمنها عوالم السحاب والكهرباء وما يتصل بها من علوم طبيعية.

ومن أمثلة ذلك أيضاً تفسير الإمام محمد عبده والشيخ عبد الرحمن الكواكبي للسجيل الذي تحمله الطير الأبابيل بأنه نوع من جراثيم الجدري أو الحصبة؛ وأن هذه الطيور من جنس البعوض والذباب.

ومن ذلك أيضاً تفسير الإمام محمد عبده للملائكة بأنها هي النواميس والأسباب الطبيعية أو القوى الطبيعية، وسجود الملائكة لآدم (الإنسان) عبارة عن تسخير هذه القُوَى له حيث أنه ينتفع في ترقية الكون بمعرفة سنن الله تعالى في ذلك. أما إبليس واستكباره عن السجود ـ عند الإمام محمد عبده ـ فهو تمثيل لعجز الإنسان عن إخضاع روح الشر.

ويُفسِّر الإمام محمد عبده (النفَّاثات) في قوله تعالى: (وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) بأنها النمامون المقطِّعون لروابط الألفة المُحرقون لها بما يلقون عليها من ضرام نمائمهم، وإنما جاءت العبارة كما في الآية، لأن الله جَلَّ شأنه أراد أن يشبههم بأولئك السحرة المشعوذين، الذين إذا أرادوا أن يحلوا عقدة المحبة بين المرء وزوجه - مثلاً - فيما يُوهمون به العامة عقدوا عقدة ثم نفثوا فيها وحَلُّوها؛ ليكون ذلك حلاً للعقد التي بين الزوجين. والنميمة تشبه أن تكون ضرباً من السحر؛ لأنها تحوِّل ما بين الصديقين من محبة إلى عداوة بوسيلة خفية كاذبة، والنميمة تُضَلِّل وجدان الصديقين كما يضلل الليل مَن يسير فيه بظلمته، ولهذا ذكر (النفَّاثات) عقب ذكر الغاسق. ومن أجل هذا المعنى العجيب ذهب الإمام محمد عبده إلى إنكار الأحاديث الصحيحة التي جاء فيها سحر لبيد بن الأعصم للنبي صلى الله عليه وسلم.

ومن أمثلة ذلك أيضاً تفسير الكواكبي لقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا) بأنه هو طريقة إمساك الظل أو التصوير الشمسي.

ومن ذلك أيضاً ما ذهب إليه طنطاوي جوهري من أن قوله تعالى: (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا) بأنه فيه إشارة إلى استخراج الفحم والبترول من الأرض وما كُشِف في مصر من آثار قدمائها.

ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:55 م]ـ

2/ عدم تقويل القرآن ما لم يقله:-

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير