تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لا بد من القول أولاً إن المناهج الإسلامية العربيّة لم تفرّق بين النّصين من جهة دلالتهما اللغوية، أقصد بين النّص البشري والقرآن الكريم، وإذا قيل إن المناهج العربية أُسست على محورية النص القرآني، وبه بدأت انطلاقها وذلك يعني أن المناهج العربية قامت أساساً لدراسة النص الإلهي المصدر، فإن هذا القول سيؤدي بنا لاعتبار أن مناهج اللغة العربية هي مناهج أنشئت لدراسة نص إلهي المصدر وطبقت على نصوص بشرية! إلاّ أن أحداً لا يقول بذلك؛ إذ لا يوجد تفريق في الدراسات اللغوية ولا حتى الأصولية يشير إلى الفرق بين الاثنين في المناهج، لكن هل يعني ذلك أنه لا يوجد تمييز في البحوث الدلالية العربية بين النص البشري والنص الإلهي؟ إنها في الواقع تميّز بشكل صارم ولكن على المستوى التأويلي، وليس على المستوى التفسيري اللغوي المباشر. إن الفارق بين نسبة النص إلى الله (سبحانه وتعالى) ونسبته إلى الإنسان يتوضَّع في نقطتين أساسيتين:

نسبية المعنى والقصد في النص البشري وارتباطها بالسياق الثقافي والتاريخي، في حين يمتلك النص (المفترض أنه إلهي المصدر) القدرة على التعالي فوق المعطى التاريخي مع وصفه «فاعلاً آنياً يؤسس التاريخ ويؤثر فيه، ويصنع الثقافة ويتجاوزها دائماً إلى أصلٍ قائمٍ فيه، غائب عن الثقافة، أي لم تقله ولم تفكر فيه بعد» (على حد تعبير اللساني منذر عياشي)، وهذا ينسجم مع الإيمان بعالميّة الرسالة وأبديتها باعتبارها أمراً ممكناً ومعقولاً، وهذا بالطبع يقتضي عدداً من اللوازم ليس هنا مجال شرحها.

ثم إنه بينما يمكن للنص الإنساني أن يكون ذاتياً لا يحمل رسالةً سوى التعبير عن الذات؛ كما هو الحال في النص الإبداعي الأدبي الشعري، إلاّ أنه بالنسبة نصٍ منسوب إلى الإله المطلق (كما هو متصور في العقيدة الإسلامية) المستغني عن الغير يعني بالضرورة هدفاً وغايةً ليست ذاتية، وإنما تتعلق بالمفارق (المرسل إليه)؛ ذلك أن الله أيضاً منزه عن العبث، وغير محتاج لأن يعبر عن ذاته لغيره؛ لأجل ذلك ما كان من الممكن للقرآن أن يكون شعراً.

وإذا كان النص القرآني من إحدى زوايا النظر إليه يتمتع بجانب عظيم من الأدبية - وهو أمرٌ يشترك فيه مع النص الإنساني - فإن التركيز على الأدبية واعتبارها الوجه الأوحد للنص يمكن أن يفضي إلى إخضاعه للمعايير الإنسانية؛ لأجل ذلك يمكن القول إن القرآن يتداخل في بنيته مع كل أنواع النصوص الأدبية والإنشائية والخبرية، لكنه في اللحظة ذاتها مفارق لها جميعاً؛ كما توصل الباقلاني في دراسته عن إعجاز القرآن.


المقال منشور في صحيفة الحياة (الطبعة الدولية) بتاريخ 15 - 12 - 2006 [/ font]

ـ[أم الأشبال]ــــــــ[30 May 2009, 07:54 م]ـ
الأستاذ الفاضل أعتقد أنك أشرت في فكرة بحثك إلى أمور قد فكرت بها سابقا، فكتبت بحثا صغيرا بمعرفي في ملتقى أهل الحديث منذ زمن يدور حول بعض النقاط التي أردت إبرازها:

العربية في أرقى معانيها

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

1 - قال عمر بن الخطاب:
"كان الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه – فجاء الإسلام، فتشاغلت عنه العرب بالجهاد وغزو فارس والروم، وغفلت عن الشعر وروايته:
فلما كثر الإسلام وجاءت الفتوح، واطمأنت العرب في الأمصار – راجعوا رواية الشعر فلم يؤولوا فيه إلى ديوان مدون، ولا كتاب مكتوب، وقد هلك من العرب من هلك، فحفظوا أقل ذلك، وذهب عنهم أكثرة"

وهذا يوحي للمتأمل على أن المندثر ليس بذي أهمية في فهم النصوص الشرعية،حيث انه لو كان مهما لفهم النصوص الشرعية لحفظ.

2 - قال تعالى:
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (إبراهيم:4)

وهذه الآية الكريمة تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل بلسان قومه الذي كانوا عليه في ذلك العصر؛ لأن اللغة العربية كانت تتطور وتتغير على مر العصور، ولغة العرب في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لها طابعها المميز.

وتغير الأحوال بلغة العرب أقر به علماء العربية:
حيث قال ابن العلاء:
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير