تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعرف تقي الدين الحموي التكرار فقال:" إن التكرار هو أن يكرر المتكلم اللفظة الواحدة باللفظ والمعنى والمراد بذلك تأكيد الوصف أو المدح أو الذم أو التهويل أو الوعيد أو الإنكار أو التوبيخ أو الاستبعاد أو الغرض من الأغراض " (2)، وقد اعترض على التكرار في القرآن الكريم كثر ويُعرف من هذا الاعتراض مدى جهلهم ورسفهم في قيود الجهل فلقد انصهروا في بوتقة الجهل والإنكار وألئك لعمري من الفجار وقد اعترضوا على: " تكرار قوله تعالى في سورة الرحمن: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، واعترضوا أيضاً على تكرار قوله تعالى: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} في سورة المرسلات.

وفات هؤلاء الضعفاء والمهازيل أن يعترضوا أيضاً على تكرار قوله تعالى: في سورة التكاثر: {كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}.

كما فاتهم أن يعترضوا على تكرار قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [16] وجهل شياطين الإنس أن التكرار المحمود أحد فنون الإطناب وهو فن بلاغي من علم المعاني به يطابق الكلام مقتضى الحال."اهـ (3)

فالتكرار من محاسن أساليب الفصاحة العربية، خاصة إذا تعلق بعضه ببعض. وذلك أن عادة العرب في خطاباتها إذا أبهمت بشيء إرادة لتحقيقه وقرب وقوعه، أو قصدت الدعاء عليه .. كررته توكيداً.

وإنما نزل القرآن المجيد بلسانهم، وكانت مخاطباته جارية فيما بين بعضهم وبعض، وبهذا المسلك تستحكم الحجة عليهم في عجزهم عن المعارضة".اهـ (4)

قال ابن رشيق القيرواني في " باب التكرار " في كتابه " العمدة في محاسن الشعر وآدبه":

وللتكرار مواضع يحسن فيها، ومواضع يقبح فيها، فأكثر ما يقع التكرار في الألفاظ دون المعاني، وهو في المعاني دون الألفاظ أقل، فإذا تكرر اللفظ والمعنى جميعاً فذلك الخذلان بعينه.اهـ (5)

أمثلة للتكرار عند العرب:

قال أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي البغدادي الحنبلي: {579:ت}: في "كتابه الوعظي الأدبي الذي لم يكتب مثله في بابه " المدهش ":

"ومن عاداتهم ـ أي العرب ـ: تكرير الكلام، وفي القرآن: "فبأي آلاء ربكما تكذبان". وقد يريدون تكرير

الكلمة ويكرهون إعادة اللفظ فيغيرون بعض الحروف، وذلك يسمى الاتباع، فيقولون:

أسوان أتوان: أي حزين، وشيء تافه نافه، وإنه لثقف لقف، و جايع نايع، وجلّ وبلّ، وحياك الله وبياك، وحقير نقير، وعين جدرة بدرة: أي عظيمة، ونضر مضر، وسمج لمج، وسيغ ليغ، وشكس لكس، وشيطان ليطان، وتفرقوا شذر مذر، وشغر بغر، ويوم عك لك: إذا كان حاراً، وعطشان نطشان، وعفريت نفريت، وكثير بثير، وكز ولز وكن أن، وحار جار يار، وقبيح لقيح شقيح، وثقة تقة نقة، وهو أشق أمق حبق: للطويل، وحسن بسن قسن، وفعلت ذلك على رغمه ودغمه وشغمه، ومررت بهم أجمعين أكتعين أبصعين".اهـ (6)

وبعد أن رأيت أمثلة للتكرار في كلام العرب وذلك من خلال ما أوردناه عن ابن الجوزي إذاً فإليك شعر العرب في ذلك من الجاهليين إلى أهل عصر الاحتجاج وآخر عصر الاحتجاج كما هو المعروف سنة 150هـ إلى عصر المولدين ومن سلك هذا الفن

* وقال الحارث بن عباد {80ق. هـ: ت} من [الخفيف]:

يا بَني تَغلِبَ خُذوا الحِذرَ إِنّا*-*-* قَد شَرِبنا بِكَأسِ مَوتٍ زُلالِ

يا بَني تَغلِبٍ قَتَلتُم قَتيلاً *-*-* ما سَمِعنا بِمِثلِهِ في الخَوالي

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي *-*-* لَقِحَت حَربُ وائِلٍ عَن حِيالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي *-*-* لَيسَ قَولي يرادُ لَكِن فعالي

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي *-*-* جَدَّ نَوحُ النِساءِ بِالإِعوالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي *-*-* شابَ رَأسي وَأَنكَرَتني القَوالي

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي *-*-* لِلسُرى وَالغُدُوِّ وَالآصالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي *-*-* طالَ لَيلي عَلى اللَيالي الطِوالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي *-*-* لِاِعتِناقِ الأَبطالِ بِالأَبطالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي *-*-* وَاِعدِلا عَن مَقالَةِ الجُهّالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي *-*-* لَيسَ قَلبي عَنِ القِتالِ بِسالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي *-*-* كُلَّما هَبَّ ريحُ ذَيلِ الشَمالِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير