1 - اللغة لأن بها يعرف شرح مفردات الألفاظ ومدلولاتها بحسب الوضع، قال مجاهد (ت 104 هـ): لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالما بلغات العرب، وتقدم قول الإمام مالك في ذلك، ولا يكفي في حقه معرفة اليسير منها فقد يكون اللفظ مشتركا وهو يعلم أحد المعنيين والمراد الآخر.
2 - النحو لأن المعنى يتغير ويختلف باختلاف الإعراب فلابد من اعتباره، أخرج أبو عبيد عن الحسن (ت 110 هـ) أنه سئل عن الرجل يتعلم العربية يلتمس بها حسن المنطق ويقيم بها قراءته فقال: حسن: فتعلمها فإن الرجل يقرأ الآية فيعيا بوجهها فيهلك فيها.
3 - التصريف لأن به تعرف الأبنية والصيغ، قال ابن فارس (ت 395 هـ): ومن فاته علمه فاته المعظم، لأن (وجد) مثلا كلمة مبهمة فإذا صرفناها اتضحت بمصادرها.
4 - الاشتقاق لأن الاسم إذا كان اشتقاقه من مادتين مختلفتين اختلف باختلافهما كالمسيح هل هو من السياحة أو المسح.
5 - المعاني.
6 - والبيان.
7 - والبديع.
لأنه يعرف بعلم المعاني خواص تراكيب الكلام من جهة إفادتها المعنى، و بعلم البيان خواصها من حيث اختلافها بحسب وضوح الدلالة وخفائها، وبعلم البديع وجوه تحسين الكلام وهذه العلوم الثلاثة هي علوم البلاغة وهي من أعظم أركان المفسر ".
ومما سبق يتضح لنا أن اللغة وعلومها مصدر أساس لتفسير القرآن وأي تجاهل له يفضي – لا محالة إلى التفسيرات الباطلة التي صنفها العلماء بالتفسير بالتأويل المذموم أو ما يمكن الاصطلاح عليه بالتفسير على المذهب، باعتباره تفسيرا غير مؤسس على العلم و المعرفة، و إنما هو محض تخرصات وتكهنات، و في أحسن الأحوال انطباعات عامة يعوزها الدليل، وتفتقر إلى الحجة و البرهان.
وهكذا ظهرت ضمن مدارس التفسير المدرسة اللغوية ممثلة في الدراسات المعنونة ب "معاني القرآن" و"غريب القرآن" و"مشكل القرآن"و"مجاز القرآن"و"إعراب القرآن"و"متشابه القرآن". ويقرر الدكتور أحمد نصيف الجنابي أن " التأليف في معاني القرآن سبق أي لون من ألوان التأليف في الدراسات القرآنية ونقطة البداية هي في كتاب (اللغات في القرآن) لابن عباس (ت68 هـ). وترجع أصول هذه الحركة إلى ما فسره الرسول الكريم.صلى الله عليه و سلم ـ من معاني القرآن للصحابة. وبقي قسم منه لم يفسره لأسباب منها: أن العرب تعرفه لأنه يوافق دلالات اللغة العربية يوم أن نزل القرآن ". وبعد حركة الفتوحات الإسلامية دخلت شعوب أعجمية في الإسلام، مما سيجعلها في حاجة إلى معرفة فحوى الخطاب القرآني، وأول مفاتيحه اللغة لأنه أنزل بلسان عربي مبين، ومن ثم ظهرت الدراسات اللغوية للخطاب القرآني بشكل مكثف ومطرد ابتداء من القرن الثاني الهجري، وستعرف بدايتها الحقيقية في القرن الثالث الهجري ممثلة في الكتب التالية:
1 - معاني القرآن للفراء (ت 207هـ).
2 - مجاز القرآن لأبي عبيدة (ت 210هـ).
3 - تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة (ت 276هـ).
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[17 Jun 2009, 02:35 م]ـ
رعاك الله أستاذنا الحبيب، بحث ماتع مفيد، نترقب الكثير من إخوانه، فجزاك الله خيرا.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[18 Jun 2009, 10:19 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل الأستاذ محمد عمر الضرير ـ حفظه الله ـ.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد، فإني أشكركم على تواصلكم و تقديركم.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[19 Jun 2009, 12:55 ص]ـ
تهدف الدراسة اللغوية للخطاب القرآني إلى أمرين أساسيين:
1 - الحفاظ على سلامة الخطاب القرآني من الناحية الصوتية والصرفية والتركيبية والدلالية، وصيانته عن اللحن الذي أخذ يفشو في الأمة لأسباب معروفة، وقد تكفل بهذا الجانب علم النحو والصرف وفقه اللغة والقراءات القرآنية.
2 - الدفاع عن بلاغة وفصاحة الخطاب القرآني وجمالية أسلوبه، وبديع نظمه وقد تكفلت بذلك علوم البلاغة.
والواقع أن الفهم الجيد للنصوص لا يمكن أن يتم من خلال جانب واحد، فلا يمكن للصرف والمعجم والتركيب أن يفوا بهذا الغرض، كما أن الدراسة الجمالية الأسلوبية لا يمكن أن تحقق المقصود إذ النصوص في حقيقتها لغة واللغة ذات هدفين:
¥