و الله يسمع تحاوركما) إذن ورد:" يحور"، و "يحاور" مرتين و تحاوركما مرة واحدة، معناه أن هذه المادة وردت أساسا في الصورة الفعلية في صورة الثلاثي و صورة الرباعي "حاور " التي منها، و لا بأس أن أقول إن الحوار هذا اللفظ لم يرد هكذا بهذه الصيغة في القرآن الكريم و هو في المعاجم العربية هو اسم من المحاورة و هو قياسيا أيضا مصدر الفاعل التي لها مصدران مشهوران المفاعلة و الفعال كالمقاتلة و القتال، و هو أيضا اسم من حار يحور كذلك.
فأيضا الحوار له صلة بهذه المادة الثلاثية الأصل.
و" التحاور" هذا الخماسي هكذا وردت المادة في الصورة الفعلية و في الصورة الاسمية و لا بأس من الإشارة إلى أن ورود المادة في الصورة الفعلية يعني فيما يعني اشتغال القرآن بالجانب العملي لا بالجانب النظري، و كثيرا ما حدث هذا في عدد من المفاهيم.
النظرة الثانية: في معاني الحوار في المعاجم العربية
مداره على ثلاثة معاني، يقول ابن فارس: الحاء، و الواو، و الراء، في المقاييس ثلاثة أصول لا يعنيني الأول، أحدها ..... ، و الآخر الرجوع و الثالث أن يدور الشيء دورانا.
المدار في الحقيقة على ثلاثة معان هي الرجوع، و لكنه نوع من الرجوع خاصة نص عليه في بعض المعاجم كقول صاحب اللسان: "و أصل الحوار، الرجوع إلى النقص" ليس رجوعا مطلقا، بل الرجوع الذي يكون من درجة فيها زيادة إلى درجة فيها نقص، و لذلك قال صلى الله عليه و سلم في الحديث المشهور، في دعائه المشهور: (اللهم إني أعوذ بك من الحور بعد الكور) الكور: الذي يكون للعمامة، و الحور: الذي يأتي عكس ذلك
و هذا له صلة بمعنى المحاورة أيضا، لأن أي محاور ينطلق من محاولة الوصول .... – و سيأتي هذا في الهدف –إلى أمر عمليا يدخل فيه النقصان على الطرف الثاني و تكون عنده زيادة من جانبه، فهذا الرجوع، هذا المعنى الذي هو الرجوع و لا سيما إلى النقصان هذا معنى بارز للمادة، كذلك معنى الدوران الذي منه المحور كذلك معنى بارز للمادة، كذلك معنى التردد، و هذا الذي وقف عنده الراغب خاصة الراغب الاصفهاني في المفردات – هو معنى التردد، الشيء يتردد بين شيئين بصفة عامة يتردد بين حالين.
هذا المعنى هو الذي جعل منه المحاورة و فسرها بالمرادة في الكلام، يرد أحدهما على الآخر، و كل واحد منهما يكون له موقف بعينه و هذه المعاني من الناحية العملية بصفة عامة في الحقيقة يعني تتكامل فيما بينها، إذا أحببت أن تضع خطا جامعا لها يمكنك أن تفعل ذلك لأن هذا التردد يدور بين الطرفين.
النظرة الثالثة: في مكونات مفهوم الحوار في القرآن الكريم، انظر إلى هذا النقطة من خمس جهات:
- من جهة مادة الحوار: إذا تأملنا في هذه الآيات التي وردت فيها المادة بصفة عامة خصوصا مادة – يحاور-
و–التحاور-، و التحاور بصفة عامة التي لها صلة لصيقة و قوية بموضوعنا الذي نحن فيه، أما الأخرى فعامة.
أقول في المادة: مادة هذه المحاورة و هذا الحوار، نجدها في القرآن الكريم كلامية، دائما هناك قول: الحوار نتيجة قول سواء وقفنا عند آية التحاور (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها و تشتكي إلى الله و الله يسمع تحاوركما) هذا التحاور كان قوليا، و كان أساسا بين رسول الله صلى الله عليه و سلم و الصحابية الجليلة خولة بنت خويلد، كذلك (قال له صاحبه و هو يحاوره) بمعنى: القول موجود و ضمن القول كان هذا الكلام الذي قصه الله علينا لأن الجملة الحالية –
قال له و هو يحاوره –معناه أنه قال كلاما آخر ضمن الحوار، لكن من ضمن ما قال مما استحق أن يضعه الله عز و جل في البؤرة، في بؤرة ما ينبغي الاعتبار به مما الحاجة إليه في إرشاد الناس و هذا هو ما قصه الله علينا في الكلام الأول، ثم ما قصه الله علينا في الكلام الثاني و هو يجيب الأول، لكن التعبير ب (و هو يحاوره) معناه كلاما كثيرا كان بينهما، لكن من ضمن هذا الكلام اختار الله تعالى هذه الجمل و هذه الأقوال بالتحديد، طيب فالمادة أساسا يعني هو من مكوناته الكلامية في الصنع، من مكوناته أيضا التي لا يكون حوار بدونها لا يتصور وجود حوار يدون هذا هي الثنائية، فعلا في (قال له و هو يحاوره)، الأولى، و الثانية (يسمع تحاوركما) لكن هذه الثنائية ا لا تفيد الحصر، بل يمكن أن يكون التعدد،
¥