تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لماذا لا يقبل في كل تخصص إلا أن تدرس فيه العلوم النواة والعلوم الأساسية والعلوم الرئيسية التي بدونها لا يكون الطبيب طبيبا ولا يكون المهندس مهندسا ولا يكون اللساني لسانيا ولا يكون المؤرخ مؤرخا ولا يكون الميكانيكي ميكانيكيا، ثم يؤتى بالعلوم الشرعية لكي تتعاور عليها أيدي الصليبيين والصهيونيين وتابعيهم في بلاد المسلمين فيحذف من هذه العلوم الجوهر في الموضوع والجوهر في المضمون والجوهر في المنهج، و يزاحم عقل الطالب ووقته وجهده وذاكرته بمعارف أخرى ليس بالضرورة بالمرة أن يكون ملما بها كاللاتينية واليونانية والإغريقية والعبرية، هل يعقل أن يصبح الفقيه لكي يفتي خبيرا في الفيزياء والكيمياء والفلك والرياضيات وعلوم اللغة؟ هل لكي يعرف معرب القرآن عليه أن يدرس العلوم اللغوية لكل اللغات السامية التي منها كلمات في القرآن؟

إن الفقيه مثل غيره ينحاز إلى تخصصه ويتكون فيه ويتعمق فيه ويرسخ لديه ثم إذا احتاج إلى أي خبرة عند لغوي أو رياضي أو طبيب أو عالم نفس أو اقتصادي استفاد منه.

وإننا في زمن تكامل العلوم وانفتاح العلوم وتكامل المناهج وانفتاح المناهج وكما أن الطبيب قد يستشير الفقيه في بعض الجوانب دون أن يحتاج هو إلى ترك الطب ودراسة الفقه فإن الفقيه سيستشير الطبيب في بعض الجوانب دون أن يضع كراسة الفقه وينغمس في دراسة الطب.

ماذا تقترحون من سبل مواجهة مثل هذه المخططات؟

للأسف الشديد المواجهة صعبة، والسبب أن الذين يقومون على هذه الأنشطة وعلى هذه التوجهات وعلى هذه التصرفات المريبة هم رعاة الجهاز التنفيذي هم المدبرون لمصير هذا الشعب المسكين في هذه المرحلة الحرجة التي تطبعها العولمة والقولبة والإكراه الثقافي، ويتنبأ فيها معارضو العولمة من أمثال تشومسكي وجون كلود تشوزني والمهدي المنجرة بأن 50 سنة القادمة ستشهد إبادة أكثر من 80 ثقافة ولغة وهوية.

والهوية العربية الإسلامية مرشحة أن تكون ضمن هذه الثقافات الثمانين التي سوف تمحى إذا لم ينتصب الغيورون لأخذ زمام الأمور. أنا أدعو من هذا المنبر النواب البرلمانيين وأنا واحد منهم وممثلي الأمة إلى أن يقفوا وقفة قوية جريئة حازمة ضد هذا العبث؟

وأدعو ثانيا العلماء ألا يسكتوا فهذه محطة إذا سكتوا فيها سيكونون هم المعنيون بالساكت عن الحق شيطان أخرص. ماذا بقي في هذه الدنيا من تغيير وإفساد لم يحدث حتى يتكلم العلماء، تغيرت كل الميادين وأفسدت كل المجالات وهم يصمون آذانهم ويستغشون ثيابهم ويغمضون عيونهم والآن دخل عليهم الفساد معقلهم ووصل الخطر إلى عرينهم والعدو يعبث بتلاميذهم، والأمر يتعلق الآن بمؤسساتهم وتخصصاتهم ودورهم، فإذا لم يتكلموا اليوم فمتى يتكلمون؟

ثم ثالثا: المجتمع المدني الغيور من الجمعيات والمنظمات التي همها حماية مصالح المواطن. هل يعقل أن تكون لدينا جمعيات لحماية المستهلك من ما يدخل بطنه ولا تكون لدينا جمعيات وهيئات لحماية المستهلك من ما يدخل عقله ويفسد عليه روحه وهويته؟

ما هو تقييمكم لملتقى فكيك الثالث للقراءات الجديدة، وما هي في نظركم سبل تفعيل الأعمال وتوصياته؟

أريد هنا أن أشيد بهذا الملتقى وبمنظميه وبفكرته وبالغيرة الواضحة لدى مؤسسيه ومسيريه، كما أريد أن أنوه بالمستوى العلمي للأساتذة الذين ألقوا عروض علمية أكاديمية تخصصية دقيقة في كثير من هذه المناهج الفينولوجية والأنثروبولوجية والاجتماعية والهرمنوطيقية وغيرها فكشفوا للناس من موقع التخصص ومن موقع المعرفة الدقيقة وليس فقط من موقع الغيرة على الإسلام عاطفيا، كشفوا خطر هذه المناهج وخطر ظلالها وعدم صلاحيتها حتى لما طبقت عليه أصلا وحتى للبيئة التي انطلقت منها ابتداء.

فالآن الغربيون أنفسهم يهاجمون التفكيكية ويعتبرونها منهج اللامعنى، ومنهج موت المعنى ومنهج قتل المعنى. ويرفضون أن يعتدى على تراثهم حتى الأدبي وحتى المعاصر منه بإعمال المناهج التفكيكية التي لا تبقي للنص أي وجه ولا أي شكل ولا أي لون ولا تبقي فيه أية فكرة رئيسية، إذا كان الغرب الآن يواجه التفكيكية باعتبارها رمزا للإفلاس الروحي والحضاري فكيف الأمر بالنسبة لمن يريدون تطبيقها على القرآن الكريم وعلى السنة النبوية الشريفة.

وأتمنى أن يخرج هذا الملتقى الثالث من الجدران الأربعة التي حبس فيها، ويتم نقل فعاليات هذا النشاط إلى مدن أخرى كالرباط والدار البيضاء وغيرهما، وكذا العناية بطبع هذه الأعمال وإصدارها في كتب و نشر ملخصاتها الأكاديمية في المجلات العلمية و الجرائد الوطنية وتخصيص موقع إلكتروني لهذا الملتقى المبارك، وأن تتحول توصيات الملتقى إلى مخطط عملي، ويتم إرسال تلك التوصيات إلى كل الجهات المعنية لتوضع أمام مسؤولياتها، ويبين لها هذا الخطر الداهم. وأتمنى أن يكون موضوع الملتقى القادم بحول الله حول النظريات والمناهج الجديدة لقراءة القرآن الكريم والتي أبدعت من داخل النص القرآني ومن داخل الثقافة الإسلامية.

حاوره محمد بولوز

منقول عن:

http://jabaallah.maktoobblog.com/301131/%d8%ad%d9%88%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d8%aa%d9%85%d9%8a%d8%b2-%d8%ad%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%ab%d8%a9-%d9%84%d9%84%d9%82%d8%b1%d8%a7/

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير