وإذا كان الأمر كذلك فإن الزيادة مصطلح نحويّ وليس من اللازم أن يكون المصطلح مطابقا للدلالة المقامية، فهم يريدون به أن الحرف زائد من جهة الإعراب لا من جهة المعنى، ولا يصح إسقاطه لأنه لم يُؤتَ بِه للوصل بين الألفاظ في الجملة ولكن جيء به لمقاصد بيانية تُدرك بالحس العربي السليم وبسجيّة الفصاحة، وقال الزركشي في البرهان: " سئل بعض العلماء عن التوكيد بالحرف وما معناه إذ إسقاط كل الحرف لا يخل بالمعنى فقال هذا يعرفه أهل الطباع إذ يجدون أنفسهم بوجود الحرف على معنى زائد لا يجدونه بإسقاط الحرف" [البرهان: 3/ 74]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تُراجع المراجع التالية:
إعراب ثلاثين سورةً لابن خالويه، القاهرة، 1941، سر صناعة الإعراب، لابن جنّي
مغني اللبيب لابن هشام الأنصاري
البرهان في علوم القرآن للامام بد ر الدين محمد بن عبد الله الزركشي تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم لطبعة الاولى 1376 هـ - 1957 م دار أحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركاؤه
إشكاليات في البحث والنقد النحويين، د. فخر الدين قباوة، دار الملتقى، حلب، ط.1، 2004م [/)
والمقال الثاني للباحث أبي مالك العوضي وهو على الرابط التالي:
http://www.alukah.net/Counsels/CounselDetails.aspx?CounselID=517
( استفتحه بالسؤال الآتي:
هل تحدث العلماء الأوائل عن الوظيفة البلاغية للأحرف الزائدة في النظم خاصة في القران الكريم، أم أنه لم يسبق الرافعي أحد حينما تحدث عنها في كتابه الإعجاز؟
الجواب:
قولنا (الحرف الزائد) ما معناه؟ إن كان معناه الزيادة التي دخولها كخروجها، فلا معنى لذكر الوظيفة البلاغية حينئذ، وإن كان المقصود أن الحرف إنما زيد في النظم لمعنى، فحينئذ ينبغي أن لا يسمى زائدًا.
ولذلك نقول: إن المسألة متعلقة بالاختلاف الاصطلاحي؛ فالقدماء يعبرون بـ (الزيادة) و (الحشو) و (الصلة) ونحو ذلك، ولكنهم لا يقصدون أن هذا اللفظ دخوله كخروجه، أو أنه زيد لغير معنى، وإنما يقصدون أنه لو حذف من السياق لم يكن الكلام ملحونًا ولا خارجًا عن قوانين العربية.
والقدماء لم يفردوا هذا المبحث بالتصنيف فيما اطلعت عليه، مع أنهم تكلموا في هذه المسألة كلاما منثورا في مواطن وروده وخاصة في القرآن الكريم.
وكان للنحويين النصيبُ الأكبر من الكلام في هذا الباب، ولكنهم قصروا كلامهم في الأعم الأغلب على الوظيفة النحوية وصحة التركيب، ولم يتعرضوا للوظيفة البلاغية إلا نادرًا.
ومع أن أكثر النحويين يوجد في كلامهم التعبيرُ بالزيادة في القرآن وكلام العرب، إلا أن مرادهم بذلك أنها زيدت لضرب من التأكيد كما قال ابن يعيش، ويعبرون بالصلة لأنها يتوصل بها إلى زنة أو إعراب لم يكن عند حذفها كما قال ابن الحاجب، أو لتزيين اللفظ واستقامته كما قال السيوطي.
وأما البلاغيون فقد تعرضوا لهذه المسألة إجمالا وتفصيلا:
أما التفصيل فقل أن ترى آية في كتاب الله عز وجل تحتمل الزيادة إلا وجدت كلاما فيها للمفسرين، وخاصة أصحاب الاتجاه النحوي والبلاغي؛ كالزمخشري وأبي حيان والسمين الحلبي والألوسي وابن عاشور.
وأما الإجمال فقد اتفقت كلمتهم أو كادت على أن الكلام البليغ يمتنع أو يندر أن يوجد فيه الزيادة المحضة التي يكون دخولها كخروجها، فإذا كان هذا من شروط الكلام البليغ فهو في القرآن أولى، ولذلك نبهوا على أن القرآن لا يحتوي على شيء زائد، ونبهوا على أن النحويين إذا ذكروا الزيادة والحشو ونحو ذلك فإن مقصودهم بذلك ضبط قوانين الإعراب، وأن حذف هذه الحروف لا يخل بالإعراب ولا يخرج الكلام عن قوانين العربية، ويبقى بعد ذلك بيان الفروق الدقيقة بين معنى الكلام بالزيادة ومعناه بغيرها، وتلك وظيفة البلاغي.
ونستعرض هنا بعض من أشار إلى ذلك من القدماء:
• ابن قتيبة (276هـ):
تعرض لهذه المسألة باختصار في (تأويل مشكل القرآن) وجعلها من باب التوكيد.
• الرماني (384هـ):
أشار إلى ذلك في كتابه الجامع كما نقله ابن سنان الخفاجي في سر الفصاحة.
• الخطابي (388هـ):
تعرض لهذه المسألة في (إعجاز القرآن) وجعلها من باب الفصاحة؛ لأن ذكرها أفصح من تركها.
• ابن سنان الخفاجي (466هـ):
¥