ولو تأملنا في هذه الآيات، لوجدنا أن العطف يقع تارة " بثم " وتارة " بالفاء " فمن الناحية البلاغية، سنجد أن العطف جاء " بالفاء " فيما يقصد به التعقيب المباشر , و " بثم " فيما يفصله عما قبله تراخي , قال (من نطفة خلقه فقدره) أعطاه الآلات التي يقدر فيها على قضاء مصالحه, بعد ذلك قال: (ثم السبيل يسره) لأنه جرى بعد ذلك فاصل، سواء على القول الأول أنه خروجه من رحم أمه؛ لأنه أخذ يترقى في الخلقن من نطفة، إلى علقة، إلى مضغة، إلى أن كسا العظام لحماً , فأتى " بثم " لوجود فاصل زمني , أو على القول الثاني أنه الخير، والشر، بأن يمضي عليه سنوات حتى يصبح مكلفاً، فهذا فاصل زمني يناسب أن يأتي بعده " بثم ". ثم قال (ثم أماته)، لأنه قد عاش ردحاً من الزمن، فناسب أن يأتي " بثم " التي تدل على تراخ وفاصل طويل , ثم قال: (فأقبره) أتى " بالفاء " لأن الفاصل بين الموت والدفن فاصل قصير. ثم قال: (ثم إذا شاء أنشره) أتى " بثم " لأن بين موت الإنسان وبعثه زمن طويل. فتأمل!
(كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ): أي ليس الأمر كما يظن ذلك الكافر المنكر للبعث، أنه أدى ما عليه، وأنه لا شيء عليه، وغير ذلك , كلا! فإنه لم يؤد حق الله الذي افترضه عليه.
الفوائد المستنبطة:
الأولى: وصف القرءان بالتذكرة.
الثانية: إثبات مشيئة العباد، وأفعالهم (فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ) , وفي هذا رد على الجبرية الذين يسلبون العبد مشيئته، وفعله. فالعبد له مشيئة حقيقية , لكن مشيئته داخلة تحت مشيئة الله (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ. وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ).
الثالثة: كرامة كلام الله, وكرامة محله، وحملته.
الرابعة: أن القرآن كلام الله، ليس كلام الملائكة، لقوله (سفرة) لوصفهم بالسفارة فمهمتهم النقل فقط. ففيه الرد على المعتزلة الذين قالوا إن القرآن كلام محمد، أو جبريل، وليس كلام الله الصادر منه.
الخامسة: إثبات الملائكة، ووصفهم بالكرامة وكثرة البر
السادسة: ذم الكافر الجاحد، والتعجيب من حاله.
السابعة: بيان أصل الإنسان المهين.
الثامنة: بيان فضل الله على الإنسان قدراً، وشرعاً، أما قدراً فلقوله (مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ , ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ , ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ) , وأما شرعاً فلقوله (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَه ُ) على القول إن السبيل المراد به طريق الحق والباطل.
ـ[الجكني]ــــــــ[02 Aug 2009, 06:54 م]ـ
العاشرة: بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم، وإمكان صدور الخطأ منه. فهو بشر يلحقه ما يلحق البشر في الأمور البدنية، والعملية (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) إلا أنه لا يقر على الخطأ. وهذا هو معنى (العصمة) الحقيقي. بينما آحاد الناس يخطئون، وقد يشعرون، وقد لا يشعرون أما النبي صلى الله عليه وسلم، فإن من عصمة الله له أنه إذا أخطأ، بين له خطئه.
وهذا يرد به على الذين يغالون في وصف النبي صلى الله عليه وسلم، بغير ما وصفه الله تعالى به، فقد قال تعالى لنبيه: (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) فأثبت له ذنباً، كم أثبت للمؤمنين وللمؤمنات، وأمره أن يستغفر لنفسه، ولهم. وقد استجاب لأمر ربه، فكان يستغفر الله في المجلس مائة مرة, وقال عن نفسه: (فإني استغفر الله سبعين مرة).
لا تعليق إلا أن أقول ولا أخاف عقباها:
بئس أدب الألفاظ مع مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وانصح الأخت الكريمة أن تخبر صاحب المقال بالرجوع إلى كتب التفسير المعتمدة ليرى هل سطر أحد قبله في الكلام على هذه السورة ما سطرته أنامله في حق النبي صلى الله عليه وسلم.
وسؤال أخير:
هل غير المغالي في رسول الله صلى الله عليه وسلم يستخدم مثل هذه العبارات والألفاظ في حقه ويتعبد الله بها؟؟؟؟
مشايخنا حفظهم الله ورحم ميتهم كانوا يعاقبوننا على وصف العالم صراحة بالخطأ الصريح إجلالاً للعلماء، ويا ترى ما حالهم لو قرؤا مثل هذه الألفاظ في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟؟؟؟؟
والله من وراء القصد.
ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[02 Aug 2009, 07:50 م]ـ
كالذي يقول: ولا تقربوا الصلاة
مقالة هذا الرجل!!!!!!!!!! ...
أقول له على عجل: قال الله تعالى:
إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ
أيُّ بشر يبلغ هذه الرتبة (يوحى إليّ) فهل نميز بين بشر وبشر
وأقول أيضا سلمت يمناك اخي الفاضل د أبا إبراهيم
ولي عودة قريبة إن شاء الله تعالى
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Aug 2009, 08:14 م]ـ
ما رأيكم يا دكتور السالم لو قلتُ لكم - قياساً على أسلوبكم دوماً:
الدكتور أحمد القاضي - الذي كتب هذا الكلام - متخصص في العقيدة، ومن المشهود لهم بالرسوخ في مسائلها، وله صحبة للشيخ ابن عثيمين دامت سنوات أخذ عنه فيها العلم، وأنت متخصص في علم القراءات، فهلا تركت علم العقيدة للمتخصصين فيه؟
فماذا ستقول يا ترى؟
¥