تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبو المهند]ــــــــ[05 Sep 2009, 08:39 م]ـ

على الهامش:

جاء في التسهيل لابن جزي رحمه الله عند قول الله تعالى: (واتقوا الله ويعلمكم الله) مانصه:

( ... وقيل معناه الوعد بأن من اتقى عَلَّمَه الله وألهمه وهذا المعنى صحيح ولكن لفظ الآية لا يعطيه لأنه لو كان كذلك لجزم يعلمكم في جواب اتقوا)

مداخلة دقيقة لطيفة يا أبا عبد العزيز جزيت الجنة عليها وأقول:

فبالرغم من أن " ويعلمكم الله " ليست مرتبطة بـ " واتقوا الله " ارتباط الشرط بالجواب فإن أجلة العلماء ربطوا بينهما ربطا كاد يفوق الجزاء للشرط بل اسشهدوا بآيات من قبيل ما نحن فيه ارتبط فيها الشرط بالجزاء، ودونكم سردا لما تيسر من أقوال العلماء:

قال المفسر اللغوي البلاغي ابن عاشور: {واتقوا الله وَيُعَلِّمُكُمُ الله والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.

أمر بالتّقوى لأنّها مِلاك الخير، وبها يكون ترك الفسوق. وقوله: {ويعلمكم الله} تذكير بنعمة الإسلام، الذي أخرجهم من الجهالة إلى العلم بالشريعة، ونظام العالم، وهو أكبر العلوم وأنفعها، ووعدٌ بدوام ذلك لأنّه جيء فيه بالمضارع، وفي عطفه على الأمر بالتقوى إيماء إلى أنّ التقوى سبب إفاضة العلوم، حتى قيل: إنّ الواو فيه للتعليل أي ليعلّمكم. وجعله بعضهم من معاني الواو، وليس بصحيح.

وقال ابن كثير:" وقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ} أي: خافوه وراقبوه، واتبعوا أمره {وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ} كقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: 29]، وكقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} [الحديد: 28].وقال

وقال القرطبي: قوله تعالى: (واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شئ عليم) وعد من الله تعالى بأن من أتقاه علمه، أي: يجعل في قلبه نورا يفهم به ما يلقى إليه، وقد يجعل الله في قلبه ابتداء فرقانا، أي فيصلا يفصل به بين الحق والباطل، ومنه قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ..... وقد قال صلى الله عليه وسلم: " من عمل بما علم علمه الله ما لم يعلم ".

وقال عمر بن عبد العزيز: إنما قصر بنا عن علم ما جهلنا تقصيرنا في العمل بما علمنا، ولو عملنا ببعض ما علمنا لأورثنا علما لا تقوم به أبداننا، قال الله تعالى: " واتقوا الله ويعلمكم الله ".

يقول البقاعي في تفسيره لقوله تعالى: فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ:" {وكنا} أي مع العلم الذي هيأنا الله له بما جعل في غرائزنا من النورانية {مسلمين} أي خاضعين لله تعالى عريقين في ذلك مقبلين على جميع أوامره بالفعل على حسب أمره كما أشار إليه قوله تعالى: {واتقوا الله ويعلمكم الله} [البقرة: 282]، {يهديهم ربهم بإيمانهم} [يونس: 9].

ويقول البقاعي في تفسير قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}

{وأقم الصلاة} أي: التي هي أحق العبادات، ثم علل ذلك بقوله دالاً بالتأكيد على فخامة أمرها، وأنه مما يخفى على غالب الناس: {إن الصلاة تنهى} أي توجد النهي وتجدده للمواظب على إقامتها بجميع حدودها {عن الفحشاء} أي الخصال التي بلغ قبحها {والمنكر} أي الذي فيه نوع قبح وإن دق، وأقل ما فيها من النهي النهي عن تركها الذي هو كفر، ومن انتهى عن ذلك انشرح صدره، واتسع فكره، فعلم من أسرار القرآن ما لا يعلمه غيره {واتقوا الله ويعلمكم الله} [البقرة: 282].

وقال الشنقيطي: وربما عمل الإنسان بما علم فعلمه ما لم يكن يعلم، كما يشير له قوله تعالى: {واتقوا الله وَيُعَلِّمُكُمُ الله والله بِكُلِّ} [البقرة: 282] وقوله تعالى: {يِا أَيُّهَا الذين آمنوا إَن تَتَّقُواْ الله يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً} [الأنفال: 29] على القول بأن الفرقان هو العلم النافع الذي يفرق به بين الحق والباطل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير