ـ[محمد بن مزهر]ــــــــ[04 Aug 2010, 02:05 م]ـ
أنا ممن استمتع بمشاركتك هذه التي ذكرتني بالروايات (البوليسية) فلذا سأتطفل على الأخ فهد بالتقدم عليه لأشكرك أخي محمد.
ومن هذا ديدنه لابد أن في جعبته الكثير من مثل هذه المواقف الجميلة فلا تبخل علينا بها وفقك الله مع شرح الغريب في المرة القادمة.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[04 Aug 2010, 07:27 م]ـ
شكر الله للشيخ الجليل محمد بن خليل الزورق، أسأل الله أن يمد في عمرك على طاعته، وأن يحفظك ويبارك فيك، قرأت هذه المواقف العِذاب بمتعة بالغة وننتظر البقية بشغف.
الشيخ الحبيب محمد بن مزهر، إنما هذه مقالتك فاشكر من شئت، وعقب على من شئت، وكل ما أكتب هنيئاً مريئاً لك، جمعنا الله بك في جناته.
ـ[محمد بن مزهر]ــــــــ[05 Aug 2010, 09:13 ص]ـ
هذه من تجربة البدايات مع الكتاب وقعت لي وأنا في الصف الثاني متوسط:
كان لنا أستاذ فاضل حباه الله علماً وقدرة على إيصال العلم بطريقة لم أر مثلها إلى الآن إلا عند قليل من الناس- وهذا فن مباين تماماً لكثرة العلم والاطلاع - وذات مرة عرضت مسألة فتكلم فيها بكلام جميل أعجبني جداً فقلت يا أستاذ كيف استنبط هذا الأمر من هذ النصوص التي ذكرت؟
فبدأ يشرح لي في علم أصول الفقه وقال: إن هذا علم جليل إلى أن ذكر بعض كتبه التي علق منها في ذهني (روضة الناظر وجنة المناظر).
وكنت أتحين الفرصة متى يذهب والدي أو أخي الأكبر إلى أبها لأرافقه لشراء هذا الكتاب فقد قلت في نفسي لا بد أتعلم هذه الطريقة التي صار يعرف بها الأستاذ هذه الأشياء التي يقولها لنا.
وبعد فترة خرج أخي ليذهب إلى أبها فطلبت منه أن يأخذني معه فرفض لأنه سيذهب لقضاء بعض حوائجه وربما يبقى هناك أكثر من يوم ووعدني أن يأخذني معه مرة أخرى , ولكني توسلت إليه وإلى والدتي وبعد محاولات تخللتها بعض الدموع أخذني معه على كره ويا لله كم شعرت أني ثقيل عليه في ذلك اليوم , وصلنا إلى أبها فتهيبت أن أطلب منه أن يوقفني عند إحدى المكتبات ولكن الله يسر لي مكتبة قريبة من أحد المحلات التي نزل إليها أخي فلما رأيتها نزلت إليها مسرعاً وطلبت من صاحب المكتبة (روضة الناظر وجَنة المَناظر) هكذا كنت أظن اسمه بفتح الجيم والميم من (وجنة المناظر) فضحك صاحب المكتبة وأحضر لي الكتاب فأخذت أقلبه فلم أر جنة ولم أر مناظراً كنت أتخيلها في ذهني فقد ظننت أن هذا الكتاب مليء بالمناظر الجميلة والصور بجانب الكتابة أو تكون خلفية لها
فإذا بكلام لايفهم وقد كانت الطبعة قديمة فقلت هذا كتاب شعوذة وليس كتاب مَناظر , ولما رآني صاحب المكتبة أقلب كتاب وأبحث في صفحاته عن منظر من المناظر التي توهمتها قال لي هل تبحث عن شيء في الكتاب؟
قلت: أين الجنة؟ وأين المناظر؟ ما في الكتاب أي منظر؟
فضحك حتى خشيت عليه وكلما جاء ليبين لي غلبه الضحك حتى استحيى مني على سذاجتي وقال:
أنا لما رأيتك طلبت الكتاب ظننت أن أحداً أرسلك لتشتريه له من أهلك لأن هذا يدرس في الجامعات , وما ظننت أنك تبحث فيه عن منظر أو صور تتسلى بها , وأعطاني بدله الرحيق المختوم وقال هذا أحسن لك.
فخرجت من عنده على استحياء ولحسن الحظ أن لم يكن في المكتبة أحد غيرنا , وبقيت أقول في نفسي حسبي الله عليك يا أبا عبدالله -أستاذنا صاحب الروضة- , حتى إذا جاء يوم السبت وأخبرت الأستاذ بالقصة فما استطاع أن يكمل الدرس وصار يذكرني
بهذا الموقف إلى الآن , وكان من فضل الله أن درسني هذا الأستاذ في الثالث ثانوي أصول الفقه وقال لي: هذه مادة المناظر يامحمد ,ثم قرأت عليه في هذا العلم أكثر من متن فأفدت منه كثيرا جزاه الله خيرا , وما نظرت إلى هذا الكتاب في مكتبتي الآن إلا تذكرت هذا الموقف , وقبل فترة رأيت استراحة هنا في الرياض اسمها (استراحة روضة الناظر) فقلت لأصحابي يبدو أن صاحبها أحد أساتذة الأصول في الجامعة وهي على اليمين في طريق الشرقية للقادم من الفحص قبل مخرج شارع خالد بن الوليد.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[05 Aug 2010, 07:35 م]ـ
شكر الله لك يا شيخ محمد، وأضحك الله سنك، أمتعتنا حفظك الله، وفي هذا الموقف رسالة للمعلمين ومن يتصدى لتربية النشأ أن لا يستهينوا بمثل هذه التوجيهات لمن تحت أيديهم فإنها أحيانا تفعل الأفاعيل بهم، وأذكر لما كان عمري في الخامسة عشر، كنت في مكة مع مجموعة من الزملاء مع أستاذ لنا، فمر حديث عن الشيخ علي الطنطاوي، فقال الأستاذ، أن الشيخ علي قلمه أقوى من حديثه، فما زالت كلماته ترن في أذني وبعد أكثر من عشرة أعوام ذهبت واقتنيت كل ما طبع للشيخ علي الطنطاوي والله ما دفعني إلا حديث ذلك الأستاذ وقرأته في أقل من شهر وهو يفوق العشرة آلاف صفحة، فلما انتهيت بعثت للأستاذ برسالة رقيقة، وقلت له لا تظن أن كلماتك لنا ذهبت في الهواء فهاهو تلميذك يختم ما دللت عليه،ودعوت له، فكان فرحه بتلك الرسالة بالغاً.
¥