ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[17 Sep 2010, 05:58 ص]ـ
أعود وأختم مع الأستاذ عبدالله الهدلق وفقه الله، ففي ختام كتابه الماتع ميراث الصمت والملكوت، أورد حواراً أجرته مجلة الإسلام اليوم معه، وكان من ضمن الأسئلة هذا السؤال:
س: كيف يمكن للمرء أن يعود نفسه على القراءة والاطلاع؟
ج: أو خطوة لتحقيق الحلم؛ الاستيقاظ منه ... يمكن للمرء أن يعود نفسه على القراءة والاطلاع بأن يقرأ ويطّلع، أعني بأن يمارس ما يريد أن يكتسب عادته، فإن كان عنده قابلية لمثل هذا فإنه سيلزمه وينتفع به. اقرأ ثم أقرأ ثم أقرأ كما كان يقول مارون عبود. كان رشاد عبدالمطلب ـ وهو واحد من كبار القراء ـ يدور على المطابع في القاهرة يقرأ ما طبعوه من ملازم الكتب؛ لأنه لم يكن يستطيع الصبر وانتظار الكتاب حتي يتم طبعه وتجليده. أخبرني أحد أساتذتي ممن كان يحضر مجالس العقاد؛ أن العقاد قص عليهم بأنه كان في طفولته يقرأ أوراق الجرائد التي تلف بها السندوتشات. كان العقاد من كبار القراء في عصره، قرأ أكثر من خمس وستين سنة قراءة عالية جادة، وفي الليلة التي توفي فيها كان يقرأ كتاباً عن جيولجية إفريقيا. أهـ.
ـ[سليمان خاطر]ــــــــ[17 Sep 2010, 11:10 م]ـ
هذا من أمتع موضوعات المنتدى، فجزى الله عنا خيرا فاتح هذه البابة والمشاركين فيها.
شغفي بالكتاب شراء وقراءة وطلبا له كبير ولكنه ضئيل إلى جانب ما ذكره بعضكم هنا، والله يزيدهم من فضله؛ فلي مع الكتاب والقراءة قصص لا تستحق الذكر إلى جانب ما ذكر، ولكني أذكر لكم قصص بعض شيوخنا وأحبابنا لعلها تضيف شيئا إلى ما ذكر.
من ذلك أن أخانا الشيخ الأستاذ أبا مالك العوضي- وهو عضو معنا في هذا الملتقى المبارك - ذكر في بعض مشاركاته - ولا أذكر المشاركة لضعف ذاكرتي -أنه قد يقرأ في اليوم الواحد نحوا من 500 صفحة، وكنا نتعجب من كثرة مشاركاته في عدة منتديات ومواقع في اليوم الواحد، فذكر لنا سر ذلك وطريقتك في القراءة والكتابة، بارك الله فيه وزاده من فضله، ولعله يمر منه هنا فيفيدنا بما عنده من ذلك.
ومن ذلك ما ذكره الراحل الدكتور/محمود الطناحي -رحمه الله - وهو يتكلم عن أستاذه المحقق/عبد السلام محمد هارون -رحمه الله -:"وأذكر أيضا أنه قال لي يوما، وأنا بداره بمصر الجديدة -على سبيل المداعبة -: افتح أي صفحة من صفحات "اللسان" بأجزائه العشرين،وإذا لم تجد في هذه الصفحة تصحيحا أو تعليقا فسأجعل لك ما تشاء ... "من كتاب (في اللغة والأدب - دراسات وبحوث) لمحمود الطناحي 2/ 853.
ومثل هذا ما ذكره الأستاذ الدكتور/ناصر الدين الأسد -بارك الله فيه ونفع به- في قناة الجزيرة، برنامج زيارة خاصة، حين سأله المحاور عن عدد الكتب في مكتبته التي كان اللقاء يجري فيها بعمان الأردن، فقال: نحو 28 ألف كتاب، ولما سأله: كم قرأ منها؟ قال له: افتح أي كتاب من أي صفحة، إذا لم تجد تعليقا فيها فليس من مكتبتي، فقام الزائر إلى كتاب أخذه من الرف المجاور ففتحه فإذا في الصفحة عدة تعليقات!
وفي السودان أخونا الأستاذ/التجاني سعيد محمود حسنين له مكتبة خاصة تفوق مكتبات بعض الجامعات نوعا، فكل طالب لم يجد كتابا في مكتبات الجامعات والأسواق وغيرها يجده عند التجاني حتما إلا ما ندر جدا، وأخونا د. جمال أبو حسان عضو هذا المنتدى على هذا من الشاهدين. والعجيب في أمر أخينا الأستاذ التجاني أنه متفرغ تماما للكتاب والقراءة ومساعدة أهل العلم وطلبته الذين يلجأون إليه كثيرا لحل مشكلاتهم العلمية، لا صلة له بشيء من أمر الدنيا والناس.
وقد حدثني مرة أنه قرأ كتاب الأغاني بأجزائه التي تزيد على العشرين في صف البنزين، وكان في البلد شح في الوقود؛ فيضطر الناس إلى الوقوف في صفوف للحصول على وقود لسياراتهم، فيأخذ معه الكتاب فيقرأه في الصف حتى يأتي دوره في المحطة، فكم من محنة في طيها منحة. جزاه الله عن العلم وطلبته خير الجزاء.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[18 Sep 2010, 05:30 ص]ـ
حيا الله فضيلة الدكتور سليمان خاطر وبارك فيه وحفظه، أسعدتني جداً سيرتك العطرة وأخلاقك النضرة بارك الله فيك وسلمك، و المواقف العِذاب التي أتحفتمونا بها تذكي النفوس وتقوي العزائم، ونطمع أن تمنّ علينا بمواقف أخر، لا أخلى الله عينك من قرة، ونفسك من مسرة.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[25 Sep 2010, 03:39 ص]ـ
من طريف ما قرأت للشيخ محمد عالي الشنقيطي رحمه الله قوله لحفيده الشيخ محمد الددو الشنقيطي: إن أي كتاب لم يُختم ليس محرماً للكتب فلا يوضع معها!!
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[30 Sep 2010, 02:06 م]ـ
في مذكرات العلامة محمد كرد علي شيء من ذكرياته مع الكتاب سأوردها لكم، جاء في المجلد الأول ص 10:
استصحبتني والداتي وأنا في السادسة لتزور أسرة الأستاذ الشيخ محمد الطنطاوي، فأدخلوها القاعة البرانية التي يجلس فيها الشيخ، فوقع نظري لأول مرة على رفوف في الحيطان، مصفوف عليها مجلدات، فشهقت متعجباً مما نظرت وسألت والدتي عن هذه الأشياء التي رأيتها على الجدران فقالت: هذه كتب يقرأ فيها العلماء. فأعجبني هذا المنظر الطريف، وقلت لأمي: أنا أحب أن أتعلم هذه الصنعة. وكانت أمي تذكرني بما قلت كلما أرادت أن تبعث همتى على حفظ دروسي، للوفاء بما كنت رجوته من تعلم تلك الصنعة. وكان أبي ينشطني على الدرس، ولما أصبحت يافعاً وشاهد استغراقي في كتبي، حتى الهزيع الثاني من الليل، أخذ ينصح لي بالاعتدال في المطالعة، خشية على عيوني وصحتي، كثيراً ما كان يطفئ المصباح ليضطرني إلى النوم.
يتبع بإذن الله.
¥