تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن الحاجة التي يسوغ قياسها على هذا الحديث في هذا الزمن مثلاً ما يوجد عند بعض الناس من اللقطاء الذين تربوا عندهم سنين طويلة، وعاشوا عندهم على أنهم أبناء لهم، فإن مصارحتهم بحقيقة حالهم قد يترتبُ عليها ضررٌ نفسيٌّ كبير، ومن القواعد المقررة في الشريعة أن الأمر إذا ضاق اتسع، ففي هذه الحالة النادرة الوقوع قد يُلجأ إلى مثل هذا القول.

ومن الأمثلة كذلك ما لو أسلم كافرٌ قد تبنى ولداً ليس له، مما كان عليه أهلُ الجاهلية وكان في صدر الإسلام - كما في حال سالمٍ مع حذيفة - ففي هذه الصورة يمكن الأخذ بها لكونها مطابقةً للحال التي رخص فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلم لسهلة رضي الله عنها.

أما إطلاق الحاجة دون ضبطٍ فهذا يورث ما يورث عند العوام من إشكالاتٍ ترتب عليها القصور في فهم المراد، مما سبب الغلط في كيفية تنزيل الواقعة وتطبيقها.

وقد اتفق الأئمةُ الأربعة رحمهم الله على أن رضاع الكبير غير معتبر، وقال سماحة شيخنا ابنُ بازٍ نور الله ضريحه في مجموع فتاواه (22 - 263):

الصحيح من قولي العلماء أن هذا خاص بسالم وبسهلة بنت سهيل وليس عاماً للأمة، قاله غالبُ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وقاله جمعٌ غفيرٌ من أهل العلم وهذا هو الصواب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا رضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام»، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «إنما الرضاعة من المجاعة» رواه الشيخان في الصحيحين، ولقوله أيضا عليه الصلاة والسلام: «لا رضاع إلا في الحولين»، فهذه الأحاديث تدل على أن الرضاع يختص بالحولين ولا يؤثر الرضاع بعد ذلك، وهذا هو الصواب. ا.هـ

وقال الشيخ الفقيه ابنُ عثيمين قدس الله روحه:

أما خصوصية الوصف فالأمر فيها قريب، وقد اختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقال: إنه إذا كان المقصود بالإرضاع التغذية فإنه لا يكون إلا في زمن الرضاع، وإذا كان المقصود بالرضاع دفع الحاجة جاز ولو للكبير، وعندي أن هذا - أيضاً - ضعيف، وأن رضاع الكبير لا يؤثر مطلقاً، إلا إذا وجدنا حالاً تشبه حال أبي حذيفة من كل وجه.

ويرى بعض العلماء أن مطلق الحاجة تبيح رضاع الكبير، وأن المرأة متى احتاجت إلى أن ترضع هذا الإنسان وهو كبيرٌ أرضعته وصار ابناً لها، ولكننا إذا أردنا أن نحقق قلنا: ليس مطلق الحاجة، بل الحاجة الموازية لقصة سالم، والحاجة الموازية لقصة سالم غير ممكنة؛ لأن التبني أُبطل، فلما انتفت الحالُ انتفى الحكم، ويدل لهذا التوجيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: «إياكم والدخول على النساء» قالوا: يا رسول الله، أرأيت الحمو - وهو قريب الزوج كأخيه مثلاً - قال: «الحمو الموت» متفقٌ عليه، والحمو في حاجة أن يدخل بيت أخيه إذا كان البيت واحداً، ولم يقل عليه الصلاة والسلام: الحمو ترضعه زوجةُ أخيه، مع أن الحاجة ذُكرت له، فدل هذا على أن مطلق الحاجة لا يبيح رضاع الكبير؛ لأننا لو قلنا بهذا لكان فيه مفسدة عظيمة، وكانت المرأة تأتي كل يوم لزوجها بحليب من ثديها، وإذا صار اليوم الخامس صار ولداً لها، وهذه مشكلة، فالقول بهذا ضعيفٌ أثراً ونظراً، ولا يصح ... قال:

والخلاصة أنه بعد انتهاء التبني نقول: لا يجوز إرضاع الكبير، ولا يؤثر إرضاع الكبير، بل لا بد إما أن يكون في الحولين، وإما أن يكون قبل الفطام، وهو الراجح. ا. هـ

أسأل الله أن يفقهنا في دينه وأن يصلح قلوبنا ويرزقنا حسن الاتباع ..

ـ[امجد الراوي]ــــــــ[16 Jun 2010, 09:56 م]ـ

هذه صفحات من كتاب سيد سابق؛ فقه السنة، باب رضاع الكبير الصفحة 69 - 70:


?
رضاع الكبير:

وعلى هذا فرضاع الكبير لا يحرم في رأي جماهير العلماء للأدله المتقدمه.
وذهبت طائفه من السلف والخلف إلى انه يحرم -ولو انه شيخ كبير- كما يحرم رضاع الصغير, وهو رأي عائشه رضي الله عنها.
ويروى عن علي كرم الله وجهه, وعروة بن الزبير, وعطاء ابن أبي رباح. وهو قول الليث بن سعد , وابن حزم; واستدلوا على ذلم بما رواه مالك بن شهاب أنه سئل عن رضاع الكبير فقال:
أخبرني عروة بن الزبير بحديث ((أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سهلة بنت سهيل برضاع سالم ففعلت وكانت تراه ابنا لها)).
قال عروة: فأخذت بذلك عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها , فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرجال.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير